يفيد تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، بأن جاريد كوشنر – صهر الرئيس ترامب – مارس ضغطا على الأردن خلال زيارة له لعمان في شهر حزيران/يونيو المنصرم لنزع صفة اللاجئ عن مليوني فلسطيني مسجلين في وكالة الغوث كلاجئين. ولا يمكن فهم خطوة كوشنر المستفزة إلا من خلال السياق الأعرض للجهود التي تبذلها إدارة ترامب، والتي تهدف في نهاية الأمر إلى إلغاء منظمة وكالة الغوث (الأونروا)، أو على الأقل وقف أعمالها في الأردن.
وينطلق كوشنر من فرضية أن بالإمكان توطين اللاجئين
الفلسطينيين في الدول المضيفة، وأن الاخيرة يمكن لها أن تقوم بما تقوم به وكالة
الغوث. وفي زيارة كوشنر اقترح أن يتم دعم الحكومة الأردنية ماليا لتقوم بهذه
المهمة، والذريعة التي يتكئ عليها كوشنر والفريق الذي يعمل معه، بأن وكالة الغوث
تعمل على استدامة وضع قائم وهو - وفقا لكوشنر - وضع فاسد وغير فعّال ولا يساعد
على السلام!
اللافت أن كوشنر يسعى إلى إزاحة قضية اللاجئين من
المفاوضات، على اعتبار أن حق العودة لهؤلاء اللاجئين ما هو إلا وهم، وما على الدول
العربية إلا أن تستفيق من هذا الوهم وتبحث عملية السلام بشكل جدي. وعلينا ألا ننسى
أن هناك موقفا لدى النخب المؤثرة في واشنطن، تعتبر أن مطالبة العرب بعودة اللاجئين
ما هي إلا مطالبات لفظية، وأن لا حل لمشكلتهم إلا بالتوطين.
لا نذيع سرا عندما نقول، إن الولايات المتحدة قد فقدت
مكانتها كوسيط نزيه منذ فترة طويلة، فالفريق المختص بهذا الملف في البيت الأبيض
منحاز بالكامل للمخطط اليميني في إسرائيل، القاضي بالتخلص من الفلسطينيين والسيطرة
على أكبر قدر ممكن من الأرض. وهذا بدوره يطرح سؤالا في غاية الأهمية: لماذا ما زال
بعض العرب يعلق آمالا على واشنطن؟!
طبعا، العرب يملكون خيار أن يقولوا كلمة "لا"،
لكن هذا لا يغير في واقع الحال شيئا؛ لأن إسرائيل تمضي في التوسع وبناء المستوطنات
وتوسيعها بهدف خلق حقائق على الأرض، بمعنى أن إسرائيل لا تدفع ثمنا لتوسعها، في حين
أن الجانب العربي والفلسطيني على وجه التحديد يكتفي بكلمة "لا"، التي لا
تكلف إسرائيل شيئا، ولا تردعها عن الاستمرار في استكمال حلقات المشروع الصهيوني.
ينبغي أن يتذكر الجميع أن نكبة الشعب الفلسطيني لم تكن
بسبب قيام دولة إسرائيل فقط، وإنما بسبب طرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وبيوتهم
وأرضهم، فالنكبة هي نكبة لاجئين! وعليه لا يمكن لأي عربي شريف أن يقبل بما يطرح من
مخططات وأفكار مشبوهة تخدم جانبا واحدا وهو الجانب الإسرائيلي. لا نعرف بالضبط
الرد الأردني في حينه، لكن يمكن الإشارة إلى موقف شعبي واحد يرفض الفكرة من أساسها، وهو مستعد لتحمل التبعات الاقتصادية على انحيازه لحقوق الأشقاء الفلسطينيين في
ممارسة حق العودة.
كتبت غير مرة أنه ليس أمام الأردن إلا شراء الوقت حتى
تذهب إدارة ترامب وبعدها يخلق الله مالا تعلمون، فالإدارة الأمريكية ورؤاها
العنصرية ليست قدرا، إذ إن هناك مجالا كبيرا للمناورة حتى يتخلص الأردنيون
والفلسطينيون من نكبة جديدة، قد تأتي في وقت يعادي العرب بعضهم البعض، وتنفرد
إسرائيل بالفلسطينيين.
التقرير المنشور في المجلة الأمريكية يكشف عن مراسلات
بين فريق الإدارة الأمريكية، ويكشف أيضا عن نية مبيتة لإلغاء الأونروا وتعطيلها
خدمة لإسرائيل. والفكرة ليست جديدة على أية حال، فقد سبق كوشنر عدد من المحللين
اليهود في الولايات المتحدة الذين طرحوا فكرة توطين اللاجئين، لعل مطالبة الفلسطينيين
بدولة فلسطينية تموت، ولعل توطين اللاجئين يخلق أرضية لجذب ما تبقى منهم غرب النهر
إلى شرقه.
عن صحيفة الشرق القطرية