قال بن كسبيت، الكاتب في صحيفة معاريف، إن "الجنرال يوآف مردخاي، المنسق السابق لأعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، تحول لواحد من أكثر الشخصيات المؤثرة في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، دون مبالغة، وبات مبعوثا شخصيا لجميع المستويات القيادية في إسرائيل، بدءا برئيس الحكومة ووزير الحرب ومن دونهما".
وأضاف
في تحقيق مطول حول مردخاي، ترجمته "عربي21"، أنه "بات صاحب الكلمة المفتاحية للعديد من جيران إسرائيل بالمنطقة، يسافر
ويعود، يهدئ الخواطر، يتوسط، يحل مشاكل، ليس فقط بالمناطق الفلسطينية، وإنما في
هيئة الأركان العامة للجيش، ومؤسسات الحكم في إسرائيل، وصولا للشرق الأوسط والساحة
الدولية".
وأكد
كسبيت أن "مردخاي تحول إلى شخصية محورية، وتعتبره وزارة الخارجية الإسرائيلية
سلاحها السري، والورقة الرابحة لجهازي الموساد والشاباك؛ نظرا لتأثيره المباشر على
الدبلوماسيين الأجانب، حيث يلتقى جميع من يزور إسرائيل تقريبا، ويحضر اجتماعات الدول
المانحة للفلسطينيين في بروكسل، ويطوف مرات لا معدودة لدى دول العالم ذات العلاقة
بالصراع مع الفلسطينيين".
وأوضح
الكاتب أن "مردخاي تحول ضيفا مقيما في البيت الأبيض، نال إعجاب مبعوثي الرئيس
جيراد كوشنير وجيسون غرينبلاث، وقام بزيارة مصر وعدد من الدول العربية، من الخليج
وحتى أماكن يحظر التفكير بأنه يزورها إطلاقا، ممنوع أن نتحدث عنها، سواء لقضاء
إجازته الشخصية، أو تنفيذ مهام سرية، أو القيام بإجراء وساطات خاصة لا تجد طريقها
لوسائل الإعلام".
وأشارت
الصحيفة إلى أن "جهاز الموساد جند مردخاي لتنفيذ احتياجاته، وبنيامين نتنياهو
الرجل الذي يتشكك بالعادة بمن حوله، لا يقطع خطوة في الملف الفلسطيني دون
مردخاي، حتى أن المسؤولين الفلسطينيين بات عليهم من الصعب تدبير شؤونهم من دونه، وقد
بات ضيفا دائما على كبرى الفضائيات العربية، يتحدث من استوديوهاتها ببزته
العسكرية، باللغة العربية، ثم أنشأ موقعه على شبكة الإنترنت باسم
"المنسق"، بموافقة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، الذي يتابعه أكثر من نصف
مليون حساب فيسبوك".
وهكذا
بات مردخاي (54 عاما) إحدى أكثر الشخصيات شهرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد أن
خدم في الجيش ضمن لواء غولاني، ثم سلاح المخابرات، وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"،
ومن حينها بدأت معرفته بالعالم العربي، ثم عمل ناطقا باسم الجيش بتكليف من قائد الجيش السابق بيني غانتس.
وقال
كاسبيت إن "مردخاي عمل في التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية في مرحلة
مبكرة، وترأس اللجنة الأمنية المشتركة معها، ثم رئيسا للجنة التنسيق والارتباط مع
قطاع غزة، ثم الضفة الغربية، ودرج على ترديد عبارة "فرق بين أن تفهم اللغة
العربية، وأن تفهم العرب"، بحيث أنه بات يفهم العرب جيدا، بم يفكرون، وماذا
يقصدون، وبماذا يشعرون، ولعله الوحيد من جنرالات الجيش الذي تنبأ باندلاع حرب
الجرف الصامد 2014، بسبب انفجار الوضع في غزة".
وأضاف أن "مواصفات مردخاي الشخصية شجعته في أول حياته لمهمة تجنيد العملاء والجواسيس، قبل ظهور عالم التجسس الإلكتروني والتقني من خلال حروب السايبر والوحدة 8200، وقد آمن باللقاء بالعملاء وجها لوجه والنظر للعينين".
المقال
يكشف النقاب أن "من أشهر من قام بتجنيدهم مردخاي في صفوف المخابرات
الإسرائيلية مواطن لبناني شيعي اسمه إبراهيم ياسين داخل صفوف حزب الله، تهود لاحقا
مع عائلته ليصبح اسمه الحاخام أبراهام سيني، وبات من أهم العملاء في وحدة 504، ومن
أكثر محبي مردخاي، وأبناؤه يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولا يعرفون العربية إطلاقا".
ويضيف
أن "هناك العديد من العملاء الذين جندهم مردخاي، وتحولوا لليهودية، حتى أنه
خلال خدمته في المناطق الفلسطينية تحول لما يمكن وصفه نصف فلسطيني، فأقام علاقات
وثيقة مع كبار ضباط السلطة الفلسطينية، منحوه ثقتهم بعيون مغمضة، ما ساعد في حل
الكثير من المشاكل الميدانية".
الجنرال
دورون عمير، أحد المسؤولين السابقين عن مردخاي، يقول إن "من الملفات التي تدخل
فيها مردخاي في السنوات الأخيرة قضية الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في
غزة، وقد منح عائلاتهم ثقته، وطمأنهم على عودة أبنائهم، لكنه كان يردد أمامهم بكل
تجرد: لن يساعد أي ضغط على حماس باستعادتهم، صدقوني لن يجدي ذلك مع حماس".
يضيف
عمير أن "مردخاي قرر منع زيارة أسرى حماس في السجون الإسرائيلية، وأوقف خروج
المرضى من غزة للعلاج في الخارج، وكل ما عرض أمامه من مقترحات لاختطاف قادة حماس
للمساومة عليهم في صفقة التبادل رفضها، بل قابلها بالضحك والسخرية؛ لأن هناك ثلاثة
آلاف أسير من حماس، بينهم العديد من القادة والزعماء، فهل اختطاف عدد آخر منهم
سيغير مطالب حماس، ويخفض سقفها، وهل يحتمل ذلك أن نعرض قوة خاصة من الجيش للخطر
لتنفيذ هذه المهمة الحرجة".
الكاتب
يختم مقاله المطول بالقول إن "مردخاي كان له دور كبير في إقناع المصريين
بإدخال بضائعهم إلى غزة، من خلال العوائد والأرباح التي سيستفيدون منها، وجند لذلك
كوشنير وغرينبلاث في إقناعهم، وبعد أن رأوا الدولارات بأعينهم، تطور الأمر لنقاشات
سياسية في الحديث عن مستقبل سيناء ضمن وضعها في تصور لحل الصراع مع الفلسطينيين".