نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا، تطرقت فيه للحديث عن طائفة الأرثوذكس المتشددة في إسرائيل، التي تحظى بنفوذ واسع في صلب الدولة يطال المجال السياسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المجتمع الأرثوذكسي شهد في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة على الساحة السياسية الإسرائيلية. فضلا عن ذلك، بات هذا المجتمع يلقى قبولا من بقية الإسرائيليين.
وذكرت الصحيفة أن موظفة في بلدية القدس، تدعى بينينا فايفر، التي تعد من يهود الحريديم، الذين يشكلون 12 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي، أكدت أن نفوذ الحريديم سيتنامى في السنوات المقبلة. وتحاول هذه الناشطة السياسية تنظيم حملات تهدف إلى ربط علاقات متينة بين اليسار الإسرائيلي ومجتمعها الأرثوذكسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المجتمع الأرثوذكسي، الذي يعدّ من أكثر الطوائف ثقلا من الناحية الديموغرافية في إسرائيل، أصبح يتمتع بتأثير متزايد على الساحة السياسية وفي صلب المجتمع الإسرائيلي على حد سواء. وتجدر الإشارة إلى أن العلمانيين ورجال الدين في إسرائيل يسعون جاهدين للتصدي لتنامي نفوذ الطائفة الأرثوذكسية.
وفي هذا السياق، قال القاضي ميري شاليم، الذي يشغل منصب المدير التنفيذي في معهد الإستراتيجيات الصهيونية، إن "الأرثوذكس المتطرفين ليسوا جزءا من المجتمع الإسرائيلي، ولذلك تم عزلهم. ومنذ أكثر من 20 سنة كان الأرثوذكس يعيشون في إحدى ضواحي القدس، وتحديدا بيت شيمش". وأضاف المصدر ذاته أنه "عندما حللت بالمدينة للعيش فيها كان هناك قرابة 15 ألف ساكن. ولكن منذ وصول الأرثوذكس المتطرفين، أصبح عدد سكان تلك المدينة يصل إلى حوالي 110 آلاف نسمة".
وأشارت الصحيفة إلى أن ميري شاليم مقتنع بأن وجودهم في ضواحي المدينة المقدسة ليس من قبيل الصدفة، فقد فضلت السلطات الإسرائيلية تركيز مواطن سكناهم في أطراف المدينة، وذلك بغية منع الحريديم من التوسع تدريجيا في جميع أنحاء القدس. وحسب المحلل السياسي أوفر زالزبرغ، ينتمي ثلث سكان مدينة القدس إلى الطائفة الأرثوذكسية.
ونوهت الصحيفة إلى أن معدل الولادات في المجتمع الحريدي يعد مرتفعا، إلا أن دخل العائلات متأت بالأساس من عمل النساء فقط؛ نظرا لأن رجال الحريديم يكرسون جل وقتهم لدراسة كتاب التوراة. في الوقت ذاته، تعيش الأسر ضمن هذه الطائفة بفضل المعاشات التقاعدية الضعيفة التي تدفعها الدولة، ما جعل الأرثوذكس من المجتمعات الأكثر فقرا في إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن إستراتيجية توزيع الوظائف في إسرائيل في السنوات الأخيرة آخذة في التغير، أو على الأقل هذا ما تعتقده رئيسة قسم الرياضة المخصص للأرثوذكس في بلدية القدس إيدا وينستين، التي شددت على عدم الكشف عن هويتها الحقيقية. وتتمثل مهمة إيدا وينستين في جعل الأنشطة الرياضية من ضمن ثقافة الأرثوذكس؛ نظرا لأنها تعدّ شكلا من أشكال الحداثة.
وأضافت الصحيفة أن إيدا تريد أن تظهر للمجتمع الإسرائيلي أن الرياضة تتوافق مع معتقدات الحريديم. وفي هذا السياق، أكد أوفر زالزبرغ أن "المجتمع الأرثوذكسي يسير على طريق التغيير. فليس لدى الحريديم أي خيار، سوى الانفتاح على المجتمع، والاندماج فيه".
وأوردت الصحيفة أن المجتمع الأرثوذكسي، ومن دون شك، يشهد العديد من التغيُرات الفعلية في إطار تعزيز نفوذه، لكنه لا يزال بعيدا عن أن يكون متوافقا ومنسجما مع بقية الإسرائيليين، خاصة أنه لم يستطع بعد مواكبة جميع التطورات التكنولوجية. وفي سياق متصل، صرحت إيدا بأنها تستخدم الهاتف الذكي، لكن فقط أثناء عملها. وفي الإطار ذاته، أقرت بينينا فايفر بأن "الأرثوذكس يتكيفون مع التطورات، ولكن ببطء أكثر مقارنة ببقية المجتمع".
وفي الختام، نقلت الصحيفة على لسان الناشطة النسوية اليسارية، بينينا فايفر، أن النساء الأرثوذكسيات سيلعبن دورا رئيسيا وفعالا في سبيل تحقيق هذا التغيير. وأردفت فايفر بأنه "لا يحق في الوقت الراهن للنساء أن يشغلن مناصب سياسية، ويجب تغيير هذا الأمر قريبا".
الكاتب: سالومي بارنت
الصحيفة: لا كروا
المصدر: