بورتريه

مايكل فلين.. يميني غريب الأطوار ومعاد للإسلام (بورتريه)

أمريكا  فلين
أمريكا فلين
يصفه زملاؤه السابقون بأنه ضيق الأفق، ورؤيته دائما أحادية الجانب، ويستطيع إثارة الفوضى في الشرق الأوسط، بحسب ما نقلته صحيفة "إندبندنت" البريطانية.

أما وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، كولن باول، فوصفه بأنه "ديمقراطي عتيد، ويميني غريب الأطوار".

كان من كبار المشجعين للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تبني فكرة عنصرية، تقول إن الولايات المتحدة تعيش "حربا عالمية" مع الإسلام، ويجب التعاون مع الجميع في هذه الحرب، بما فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

مايكل فلين، مستشار ترامب للأمن القومي، الذي استقال من منصبه مؤخرا، بعد أيام معدودات على تعيينه، يتهم بـ"تضليل" الإدارة الجديدة حول علاقته واتصالاته بالسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك، وإمكانية أن يكون قد عرّض نفسه للابتزاز الروسي، قبل تنصيب ترامب رئيسا.

وكان فلين نفى في البداية أنه ناقش موضوع العقوبات مع السفير الروسي، لكنه ما لبث أن اعترف تحت الضغط، وقدم استقالة للبيت الأبيض، وقال إنه أجرى الكثير من الاتصالات أثناء توليه منصب مستشار الأمن القومي مع مسؤولين دوليين وسفراء ووزراء. 

وأكد أن تلك الاتصالات كانت "إجراء عاديا، خلال عمليات الانتقال السياسي الضخمة".

وأقر فلين بأنه قدم "معلومات غير كاملة" لنائب الرئيس مايك بينس، حول فحوى اتصالات هاتفية جمعته مع كيسلياك، مرجعا السبب إلى "سرعة تطور الأحداث".

وفحص فلين في تلك المحادثات "إمكانية أن يأمر ترامب بإلغاء العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا"، فيما أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي"، تحقيقا حول تلك الاتصالات بين فلين والروس.

وكشفت معلومات نشرتها صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، أنه من خلال تنصت أجهزة الاستخبارات على محادثات فلين، في كانون الأول/ ديسمبر عام 2016، تبين أنه نصح السفير الروسي بعدم إبداء أي رد فعل على العقوبات التي كانت إدارة الرئيس السابق أوباما تنوي اتخاذها ضد موسكو، بسبب تدخلها في الانتخابات الرئاسية، وأن إدارة ترامب "ستتمكن من مراجعتها".

وفاقم من الأزمة تغيير فلين لرواياته بشأن محادثات مع السفير الروسي، إذ كان ينفي أن يكون قد ناقش مع السفير مسألة العقوبات، ثم عاد للقول إنه لا يتذكر تماما ما إن كان فعل ذلك.

اقرأ أيضا: استقالة فلين تضرب آمال موسكو بتعافي العلاقة مع واشنطن

ويحظر على المواطنين الأمريكيين العاديين غير المتولين لمهام رسمية القيام بمهام دبلوماسية، وجرت اتصالات فلين مع الجانب الروسي في أواخر العام الماضي، قبل تعيينه في الإدارة الأمريكية رسميا.

وطالب نواب "ديمقراطيون" عدة رئيس لجنة المراقبة في المجلس بالبدء في تحقيق مع فلين، بشأن صلاته مع روسيا.

وهو ما تم بالفعل، فوفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد استجوبت الـ"أف بي آي" فلين حول محادثاته الهاتفية مع السفير الروسي في واشنطن. 

وأضافت الصحيفة أن المحققين خرجوا من جلستهم معه، وقد تكونت لديهم قناعة بأنه "لم يكن صريحا بالكامل".

وحذّرت الصحيفة من الاختلاف بين ما صرح به فلين علانية بشأن محادثاته مع سفير روسيا، وبين ما دار حقيقة في هذه المكالمات.

اقرأ أيضا: ردود فعل أمريكية وروسية مثيرة على استقالة مايكل فلين

ويعرف مايكل فلين، المولود في عام 1958 في رود أيلاند، لعائلة ديمقراطية، بمواقفه المعادية للمسلمين وأخرى تصالحية تجاه روسيا.

حصل عام 1981 على شهادة البكالوريوس في العلوم الإدارية من جامعة "رود أيلاند"، وعلى ماجستير في إدارة الأعمال في الاتصالات من جامعة "جولدن غيت"، وماجستير في الفنون والعلوم العسكرية من قيادة جيش الولايات المتحدة وكلية الأركان العامة، ودرجة الماجستير في الآداب في الأمن القومي والدراسات الإستراتيجية من كلية الحرب البحرية.

وتولى منذ عام 1981 مناصب قيادية عدة في الجيش الأمريكي، منها مساعد مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، ورئيس مجلس إدارة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، ومدير الاستخبارات لقيادة العمليات الخاصة المشتركة في الفترة من عامي 2004 و2007 في أفغانستان والعراق.

وشارك في عملية غزو غرينادا في عام 1983، وعملية "دعم الديمقراطية" في هايتي في العام ذاته.

وكانت أبرز قفزاته، عندما كلف في عام 2001 بإدارة الاستخبارات العسكرية في عمليات أفغانستان، بعد أحداث أيلول/ سبتمبر.

وتولى مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية عام 2012، وهو المنصب الذي أقاله منه الرئيس باراك أوباما في 2014، قبل الموعد المحدد له بأكثر من عام، وسط خلافات بشأن أسلوب قيادته للوكالة.

ورغم أنه نشأ وسط عائلة تنتمي "للديمقراطيين"، فإن فلين أظهر دعمه "للجمهوريين"، كما أنه يعد أحد خبراء الأمن القومي القلائل الذين ساندوا ترامب بشدة خلال الحملة الانتخابية في عام 2016، وقدم له النصح والمشورة.

ويقول آدم شيف العضو الديمقراطي البارز في لجنة المخابرات في مجلس النواب الأمريكي في تغريدة له على "تويتر"، إن فلين "مستشار سريع الاستثارة"، وأعرب عن تخوفه من تعيينه في هذا المنصب في ظل وجود "رئيس متهور".

ويعرف عن فلين أن له مواقف مثيرة للجدل بشأن بعض القضايا، فخلال استضافته في برنامج "وجها لوجه" على قناة الجزيرة الإنجليزية في عام 2016، وصف فلين الإسلام بأنه "أيديولوجيا سياسية تقوم على أساس دين".

وكتب تدوينة على حسابه في"تويتر"، قال فيها إن "الخوف من المسلمين منطقي"، وضمن هذا السياق، وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" بأنه "معاد للإسلاميين".

فيما أكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية في مقال لريتشارد وولف، أن "تعيينه في منصب مستشار الأمن القومي كارثة".

ورغم أن حبر استقالته لم يجف بعد، فقد قال مسؤول في البيت الأبيض، إن اسم الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس مطروح لتولي منصب مستشار الأمن القومي الذي شغر باستقالة فلين، ومن بين الشخصيات المرشحة للمنصب أيضا بوب هاروارد، وكيث كيلوج الذي تولى المنصب مؤقتا.

وبوب هاروارد خدم لفترة مع قوات النخبة في مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، ولديه علاقات سابقة مع وزير الدفاع الأمريكي الحالي جيمس ماتيس.

وأثناء تولي ماتيس وزارة الدفاع سابقا، خدم هاروارد نائبا لقائد القيادة الأمريكية الوسطى، وتولى أيضا منصب نائب قائد قيادة القوات الأمريكية المشتركة.

وعمل هوارد في مجلس الأمن القومي خلال رئاسة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، وتولى قيادة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب.

وتصف مصادر في البيت الأبيض هوارد بأنه "صخرة حقيقية" في إشارة إلى صلابته وحزمه.

والاسم الثاني المرشح لشغل منصب فلين الشاغر، هو الجنرال المتقاعد كيث كيلوج، وكان يشغل منصب كبير الموظفين في مجلس الأمن القومي، الذي عين بالفعل فور استقالة فلين قائما بأعمال مستشار الأمن القومي.

وخدم في الجيش خلال الفترة من 1967 و2003، في فيتنام وكمبوديا وبنما وفي الخليج.

وعمل كيلوج ضابطا مسؤولا في سلطة "التحالف المؤقتة" في العراق، وهي الهيئة "المؤقتة" التي كانت تحكم البلاد عقب سقوط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003، قبل أن يتحول فيما بعد إلى متعاقد مع وزارة الدفاع.

وبحسب "بي بي سي"، فإن كيلوغ قدم خدمات استشارية لترامب في قضايا الأمن القومي خلال حملته الانتخابية.

والاسم الثالث المرشح هو الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، وكان من الأسماء المرشحة لمناصب في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، وأهمها وزارة الخارجية.

وتورط بترايوس خلال فترة إدارته لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في تسريب معلومات سرية إلى صديقته، وغادر على إثر هذه الفضيحة.

ويرى كثيرون، أن فلين يفكر بطريقته فقط بما سموه بـ"حقائق فلين" التي كانوا يرونها غير منطقية في بعض الأحيان، وقام فلين مع ابنه مايكل بتأسيس "مجموعة فلين"، التي تقدم الخدمات الاستخباراتية للشركات والحكومات، وقد اتهمت المجموعة بأنها تعمل كـ "لوبي" لدول خارجية.

وفي آخر تصريحاته بعد أن تولى منصبه الذي استقال منه، هاجم فلين إيران ووصفها بـ"أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم"، مؤكدا أن إدارة ترامب "لن تتساهل مع استفزازات إيران التي تهدد مصالحنا".

في مجال التأليف، له كتاب "ساحة القتال: كيف نكسب الحرب العالمية ضد الإسلام الراديكالي وحلفائه؟"، وهو كتاب مشترك في التأليف مع مايكل ليدن، وصدر في العام الماضي. 

وقد وصف في هذا الكتاب "بأنه صاحب رؤية تجمع بين فكر المحافظين الجدد المتشددين والواقعية التي تعمل بود مع الطغاة".

وباستقالة فلين المفاجئة، تراجعت فرص التقارب السريع بين روسيا والولايات المتحدة، وكانت موسكو ترى فيه أحد الدعاة البارزين لتحسين العلاقات مع واشنطن.

وأكدت استقالته للكرملين صعوبات التوصل إلى تسوية سريعة مع واشنطن والحاجة الماسة لإيجاد مجالات جديدة من الاهتمامات المشتركة.

ولا تبدو إدارة ترامب مرتاحة لاستقالة فلين التي كانت أشبه بصفعة، خصوصا أنها لا تزال تجر ذيول الهزيمة التي لحقت بالقرار التنفيذي لترامب بمنع دخول رعاية سبع دول إسلامية للولايات المتحدة. 

كما أن المخاوف لا تزال قائمة من حدوث استقالات أخرى يمكن أن تطال أيضا وزير الخارجية ريكس تيلرسون، أحد مديري شركة "اريكسون موبايل" النفطية، الذي يملك علاقات متينة ببوتين، ما يعرض الإدارة بأكملها للانهيار.
التعليقات (0)