عشيرة موالية لحزب الله وأمل تتوعد عسكريين في الجيش
بيروت- عربي 2130-Dec-1606:35 AM
0
شارك
مسلحون محسوبون على عشيرة آل جعفر تبنوا قتل عسكري لبناني في تسجيل صوتي- أرشيفية
تبرز ظاهرة العشائر في لبنان مجددا كرقم أساسي لا يمكن تجاوزه في المعادلة اللبنانية الصعبة، حيث أثارت قضية قتل الرتيب في الجيش اللبناني، علي ماجد القاق، على أيدي مسلحين من آل جعفر التساؤلات عن هيبة الدولة المفقودة في مختلف المجالات.
وتمت تصفية الجندي القاق في سوريا، الأسبوع الفائت، بعد استدراجه، ثم جرى تبني عملية الاغتيال في تسجيل صوتي؛ بحجة الانتقام للشاب هادي محمد جعفر، علما أن الأخير كان قتل عن طريق الخطأ على حاجز طيار لجهاز استخبارات الجيش اللبناني في مدينة الهرمل في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد أن نصبت وحدة من جهاز الاستخبارات في الجيش اللبناني كمينا لمطلوبين بمذكرات قضائية.
وصودف مرور الشاب جعفر من دون أن يمتثل لعناصر الدورية بالتوقف، فجرى إطلاق النار باتجاهه، فأصيب بجروح خطيرة، سرعان ما فارق الحياة بعدها.
يشار إلى أن والد جعفر توعد بقتل باقي العسكريين في الدورية؛ لاستكمال الثأر لابنه، بحسب ما صرح للإعلام اللبناني.
وحول الاتهامات التي تطال مجموعات من آل جعفر بالخروج عن القانون ومفهوم الدولة، اتهم خ. جعفر في تصريحات لـ"عربي21" الإعلام بتضخيم الأمور"، مشيرا "إلى أن العادات العشائرية قديمة في لبنان، وأن العديد من الشخصيات السياسية والقيادات الأمنية هم من أبناء العشائر".
ورفض جعفر ما وصفها بـ"اتهامات"، مؤكدا بأن "آل جعفر لطالما كانوا منفتحين على الدولة، ومؤسساتها، وعلى المرجعيات الدينية والسياسية، لما فيه المصلحة العامة".
وتعد الخلافات على خلفية الثأر أو تقاسم النفوذ، أو التعرض لقوى الأمن، من قبل أبناء العشائر أمرا متكررا، في ظل وجود أجنحة عسكرية للكثير منها، خصوصا تلك الموجودة في البقاع والهرمل، والممتدة في حضورها إلى الضاحية الجنوبية، حيث تحظى بدعم كبير من قبل الثنائي الشيعي "حركة أمل" و"حزب الله"، خصوصا أن أبناء هذه العشائر منخرطون ضمن صفوفهما، لا بل يشكل كثيرون منهم مراكز قوة وثقل ونفوذ.
وتشكل مدينة الهرمل في لبنان ومنطقتها -التي تلاصق الحدود السورية- مركز الثقل العشائري في لبنان.
وبعد الظهور الفجائي للجناح العسكري لعشيرة المقداد في لبنان صيف 2012، وإعلانه خطف سوريين في لبنان وطيار من الجنسية التركية، ردا على خطف الجيش السوري الحر أحد أبناء العشيرة داخل الأراضي السورية، برزت عشائر أخرى بأجنحة عسكرية، ما يجعلنا أمام جيوش صغيرة تضاف إلى سلاح لدى حزب الله، وسلاح الأجهزة اللبنانية التابعة للدولة.
اشتباكات عشائرية بالضاحية
وقال نائب رئيس بلدية بعلبك -سابقا- الدكتور خالد الرفاعي، إن "العشائر في لبنان أقل حدة من تلك الموجودة في المحيط العربي، كلبنان وسوريا والعراق"، مشيرا "إلى أن كثيرا منها تراجع عن العادات القديمة كالأخذ بالثأر".
ورأى الرفاعي أن عملية استهداف الجندي اللبناني الأخيرة "مرفوضة بنسبة كبيرة من العشائر"، ورأى أن "العامل الثقافي يلعب دوره في تغيير الكثير من المفاهيم العشائرية، فالثأر مثلا أصبح محصورا بالقاتل نفسه بدلا من الاقتصاص بقتل أحد أقربائه".
وتشهد الضاحية الجنوبية، التي تخضع لنفوذ وسيطرة حزب الله، اشتباكات عشائرية متكررة، وكانت اشتباكات عائلية عنيفة بالأسلحة الثقيلة اندلعت قبل أسابيع في حي السلم، استعملت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية قرب مدارس الصادق، وسرعان ما امتدت إلى منطقة الليلكي، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني بتنسيق مع حزب الله، ويسيطر على الأوضاع، ليعقب ذلك حملة مداهمات واعتقالات، بحسب شهود عيان.
وأكد الرفاعي على أن الانتماء الحزبي "يذوب داخل العشيرة، خصوصا تلك الموجودة في مناطق الحرمان، حتى إن النزعة الطائفية تتراجع أمام القيم العشائرية".
وشدد الرفاعي على أن بعض أبناء العشائر يقومون بأعمال خارجة عن القانون، "كالاتجار بالمخدرات والسطو، بيد أنهم لا يقرون بأنها أفعال سلبية، بل يذهب بعضهم إلى التفاخر بها".
دور الثنائي "الشيعي" في العشيرة
وتحدث الكاتب والخبير الاجتماعي، موريس مهنا، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" عن انتماء أغلب أبناء العشار في الهرمل وبعلبك إلى الثنائي أمل وحزب الله، فقال: "العشيرة موجودة قبل الأحزاب التقليدية، بل هي حاضرة قبل استقلال لبنان، وقد نشأت في أماكن محددة في الأرياف".
وأوضح أن "الأحزاب أوسع من العشيرة، وهي تسعى إلى الحصول على ولاء العشائر، وتحاول تخفيف العصبية القبلية على حساب تغذية عصبية أخرى حزبية، أو ربما مذهبية وطائفية".
أين الدولة؟
وعن دور الدولة اللبنانية في ظل امتلاك بعض العشائر لأسلحة ثقيلة، قال مهنا: "الدولة القائمة على مرتكزات محاصصة طائفية ومذهبية، ما يبقي المشهدية اللبنانية دائما في حال ارتباك وتناقض وصراعات، وهو ما جعل الدولة أشبه بمزارع مخصصة لزعماء المذاهب، في وقت تغيب فيه دولة القانون والعدل".
وعن ظاهرة اتجاه العشائر نحو تأسيس أجنحة مسلحة، أكد أن "الأسباب ترتكز على غياب السياسة الإنمائية في الأماكن التي توجد فيها العشائر، كبعلبك والهرمل وعكار، حيث يكون الفقر والحاجة"، داعيا إلى "ضرورة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للحدّ من تغذية المفاهيم السلبية العشائرية".