صور للجنود الأسرى والمفقودين في قطاع غزة- صحيفة فلسطين
المفقودون الإسرائيليون في قطاع غزة، أو الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، تعددت المصطلحات والتعبيرات، ولكن النتيجة واحدة، وهي الغموض الكبير الذي يكتنف هذا الملف المغلق.
قبل أيام قليلة أجريت مقابلة صحفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع التلفزيون الإسرائيلي، حيث أبدى استعداده للتوسط لدى حركة حماس في ملف جنودها المفقودين، فيما لم يصدر أي فعل رسمي إسرائيلي حول الموضوع.
ورحبت حركة حماس على لسان عضو مكتبها السياسي خليل الحية، بإعلان أردوغان استعداده للتوسط بين "حماس وإسرائيل" في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس، لكنه اشترط أن يلتزم الاحتلال بصفقة وفاء الأحرار "شاليط" كي تنجح أي وساطة لصفقة جديدة.
"عربي21" حاولت البحث عن أسباب عدم الاهتمام أو اللامبالاة الإسرائيلية في هذا الملف، وطرح سؤال: "هل فعلا نسيت إسرائيل أسراها في غزة"؟
تعامل بارد
عصمت منصور الأسير المحرر ومدير مركز خدمات للترجمة العبرية، قال في حديث مع "عربي21" إن تعاطي الاحتلال في ملف المفقودين، بارد وأقل من المستوى المتعود عليه.
وأضاف منصور أن إسرائيل بالعادة تجند كل إمكانياتها السياسية والأمنية، وتمارس الضغط عن طريق الوسطاء لمعرفة أخبار مفقوديها، وعزا عدم الاهتمام الإسرائيلي لشكها الكبير بمصير الجنود.
وأكد أيضا أن صفقة "شاليط" التي حدثت في عام 2011 شكلت صدمة للمجتمع الإسرائيلي، حيث أدت إلى خضوع حكومة الاحتلال لشروط المقاومة الفلسطينية، ووصفها بأنها ضربة استراتيجية تعاني منها إسرائيل.
وقال عصمت: "في أعقاب صفقة شاليط، تشكلت لجان تحقيق أهمها لجنة باراك، التي أقرت مجموعة من القرارات التي تقيد عقد أي صفقة قادمة، من أهم قراراتها؛ أسير مقابل أسير، وجثة مقابل جثة".
ولكنه قلل من أهمية هذه القرارات ووصفها بأنها نظرية، وبأن المعركة القادمة هي معركة طول نفس، وعض أصابع.
وكانت المقاومة الفلسطينية تمكنت من إطلاق سراح 1100 أسير وأسيرة، مقابل جندي إسرائيلي واحد عام 2011 كان قد أسر في العام 2006 بالقرب من حدود قطاع غزة.
وعلى المستوى الشعبي للشارع الإسرائيلي، قال عصمت منصور إن مجتمع الاحتلال مقتنع برواية حكومته بمقتل الجنود، وبأنهم جثث؛ لذلك هم لا يضغطون على حكومتهم لدفع ثمن باهظ في سبيل ذلك.
وشدد منصور على أن الحكومة الإسرائيلية "ستستقيل في اليوم التالي إذا ما كُشف عن حياة الجنود المأسورين في غزة؛ لأن الحكومة أعلنتهم قتلى، وأجرت لهم مراسم دفن وجنازات عسكرية، وهو أمر لا يحصل، إلا إذا ما كانت الحكومة متأكدة من وجهة النظر الإسرائيلية بموت جنودها."
وضرب منصور مثالا بالطيار الإسرائيلي "رون أراد" الذي فقد جنوب لبنان عام 1986، وحتى هذه اللحظة لم يعلن عن وفاته، ولم تجر له جنازة عسكرية بعكس الجنود المفقودين في غزة.
وختم منصور حديثه بالقول: المقاومة حاولت بذكاء سابقا مخاطبة أهالي الجنود للتشكيك برواية حكومتهم؛ لدفعهم للضغط عليها لدفع الثمن المطلوب للكشف عن المعلومات، محذرا في الوقت ذاته من حرق ورقة القوة التي تمتلكها المقاومة وهي "مصيرهم".
ثمن مرتفع
من جهته قال مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية علاء الريماوي في حديث مع "عربي21"، إن الوقت الذي مر على أسر الجنود، هو وقت ليس بطويل بشكل عام لتحريك ملف بحجم التبادل، وبأنه يحتاج لوقت طويل جدا.
وأوضح الريماوي أنه لا يمكن اعتبار السنوات الثلاث الماضية معيارا لعدم الاهتمام الإسرائيلي، بالرغم من تحريها لهذا الملف عن طريق "توني بلير" رئيس الوزراء البريطاني السابق، ومصر وتركيا ودولة أوروبية أخرى.
وأضاف الريماوي أن الاحتلال يفرض تعتيما إعلاميا من خلال المنظومة الأمنية الإسرائيلية؛ لعدم إعطاء حماس أوراق ضغط.
وأشار أيضا إلى ضعف الموقف المساند لعائلات الجنود، بالرغم من بدء تبلور حركة ما في الإعلام.
وأوضح الريماوي أن إسرائيل تدرك أن المقاومة لديها جملة من الجنود وليس جنديا واحدا، وبأن الثمن المطلوب سيكون كبيرا للغاية، ولذلك فإنه من الصعب تحقيقه بسهولة، مما سيؤدي لإطالة أمد المفاوضات وزيادة في تعقيدها.
وكانت كتائب القسام الذراع العسكري لحماس قد نشرت صورا لعدد من الجنود الأسرى في غزة، وصورا أخرى مجهولة في إشارة للجنود الذين بحوزتهم.
وقال الريماوي إن مصير الجنديين "هدار جولدن" و"شاؤول أرون" هو الأكثر سخونة كون الجنود من ذوي الخلفيات الغربية، وليسوا من خلفيات إفريقية أو بدوية في حالة الجنديين الآخرين.
وختم الريماوي حديثه قائلا: "العام القادم سيكون فيه حراك أكبر، وستتبلور قاعدة للتفاوض مع حماس في هذا الملف".
واعترفت كتائب القسام في شهر تموز/ يوليو لعام 2014 بخطف الجندي "شاؤول أرون"، فيما قالت إن خلية لها خطفت الضابط "هدار غولدين"، ولكن آثارها فقدت بسبب قصف الاحتلال للمنطقة.
وقالت مصادر إسرائيلية إن "أبراهام منغستو" وهو جندي في حرس الحدود من أصول أثيوبية، فر إلى غزة في السابع من أيلول/ سبتمبر 2014 إضافة لجندي آخر من أصول بدوية، فقد على حدود غزة بداية عام 2016.