في معركتهما المفتوحة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ يخوض أسيران فلسطينيان؛ إضرابا مفتوحا عن الطعام رفضا لاعتقالهما المفتوح، فيما يتهدد الخطر الشديد حياتهما؛ وفق تأكيد مختصين في شأن الأسرى.
بارد مثل الميت
الحاجة فوزية بدر (60 عاما)، والدة الأسير أحمد أبو فارة، المضرب عن الطعام، قالت: "شعرت بالسعادة وأنا في طريقي لزيارة أحمد؛ لكنني صدمت عندما رأيته بين الحياة والموت"، موضحة أن ابنها الأسير "دخل في حالة تشنج وغيبوبة عندما شاهدني أمامه".
وأوضحت الحاجة، التي تمكنت من زيارة ابنها أمس الثلاثاء؛ وقد ظهرت عليها علامات الحزن والألم الشديدين؛ لـ"
عربي21"، أن جسد نجلها المضرب عن الطعام "كان باردا مثل الميت؛ حتى إنني قرأت عليه بعض آيات من القرآن الكريم، استيقظ بعدها وقال: أين المسلمين الذين يهبون لنصرة أناس يموتون؟ لما هذا الصمت؟!".
وبحزن شديد؛ تساءلت الأم المكلومة: "لو وصل شاب إسرائيلي لهذه المرحلة؛ هل يتحمل الاحتلال ذلك؟ لماذا يفعلون بنا وبشبابنا كل هذا؟!"، لافتة إلى أن نجلها الأسير، قام بلفظ بعض قطرات من ماء زمزم حاولت أن تسقيه إياها، وقالت: "أنا في حيرة ولا أدرى ماذا أفعل، ولا أين أذهب".
واستنكرت الحاجة بدر، موقف منظمة الصليب الأحمر الدولي، التي "لم تقم بواجبها، وتركتنا نقوم بالزيارة وحدنا، حتى إننا وصلنا إلى البيت بعد الزيارة في منتصف الليلة الماضية".
ويؤكد الأسير أحمد أبو فارة؛ الذي ظهر عليه الإعياء الشديد في مقطع فيديو له؛ أنه يرفض تناول السكر أو الملح، ويتناول فقط الماء، كما أنه يتعرض في فترات متقاربة لنوبات تشنج، مؤكدا أنه مستمر في إضرابه حتى نيل حريته.
معتقل موقوف
ويواصل الأسيران الفلسطينيان؛ أنس ابراهيم شديد (20 عاما) وأبو فارة (29 عاما)، والمعتقلان منذ مطلع آب/ أغسطس الماضي، إضرابهما المفتوح عن الطعام؛ لليوم الـ64 للأسير أبو فارة والـ61 للأسير شديد؛ احتجاجا على اعتقالهما الإداري؛ وفق ما ذكرته الناشطة والمختصة في قضايا الأسرى الفلسطينيين، أمينة الطويل.
وحذرت الطويل في حديثها لـ"
عربي21"، من "الموت المفاجئ؛ الذي قد يتعرض له الأسيران، نتيجة تدهور حالتهما الصحية؛ التي وصلت إلى مرحلة الخطر الشديد"، لافتة إلى أن سلطات الاحتلال؛ "حذرت عائلة الأسير أبو فارة؛ من نشر مقطع الفيديو الذي يكشف مدى الخطر الذي يهدد حياة ابنهم الأسير".
ولفتت المختصة، إلى أن "الجديد والملفت؛ في ما يخص الأسيرين (شديد وأبو فارة)؛ أن سلطات الاحتلال تعتقلهما تحت بند معتقل موقوف؛ حيث إنها قامت بتجميد الاعتقال الإداري بحقهما؛ في الوقت الذي أعادت فيه يوم الأحد الماضي تثبيت اعتقالهما دون تحديد نوع الاعتقال؛ بلا تهمة أو محاكمة"، موضحة أن "المعتقل الموقف؛ مدة اعتقاله مفتوحة وغير محددة".
وأضافت أنه "في مثل هذه الحالة، يراهن الاحتلال على صحة الأسيرين؛ إذا شهدت حالتهما الصحية تحسنا فإن من الممكن أن يعاود اعتقالهما إداريا"، منوهة إلى أن ما ورد من الأسيرين شديد وأبو فارة، أنهما "مستمران في الإضراب حتى يتم الإفراج عنهما دون تجديد اعتقالهما؛ سواء كان اعتقالا عاديا أم إداريا".
واعتبرت الطويل، أن "التفاعل الخافت؛ الرسمي والشعبي؛ مع قضية الأسرى المضربين عن الطعام، يمنح الاحتلال الضوء الأخضر للاستمرار في اعتقالهم أطول فترة ممكنة".
انتصار الأسير
ونوهت الناشطة، إلى وجود أسير فلسطيني ثالث مضرب عن الطعام منذ أكثر من 17 يوما؛ وهو الأسير نور الدين إعمر، المعتقل منذ عام 2002؛ المعزول في سجنه منذ ثلاث سنوات، حيث حكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن مدة 55 عاما.
من جانبه، أكد المختص في شؤون الأسرى، محمد منصور، أن "معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون على مدار العام؛ أصبحت تزعج سلطات الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح لـ"
عربي21"، أن الاحتلال "يسعى لوضع حد لهذه الإضرابات؛ عبر تعريض حياة الأسير المضرب للخطر الشديد، ما قد يتسبب باستشهاد بعضهم"، مؤكدا "فشل سياسيات الاحتلال المختلفة في التعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام".
وأضاف منصور: "رغم كل الإجراءات الإسرائيلية التي ترافق فترة إضراب الأسرى الطويلة؛ فإن الأمر ينتهي بانتصار إرادة الأسير المضرب، في ظل الخطر الشديد الذي يتهدد حياته بشكل حقيقي".
وأوضح المختص في شؤون الأسرى، أن "غياب التفاعل الشعبي مع الأسرى المضربين عن الطعام؛ يؤثر بشكل سلبي على معنوياتهم، إضافة لفقدان الضغط المهم على الاحتلال من أجل الاستجابة لمطالب هؤلاء الأسرى".
وتعتقل "إسرائيل" في سجونها نحو 7000 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 500 طفل وطفلة، بالإضافة إلى 69 أسيرة بينهن 16 بين طفلات وفتيات قاصرات؛ إضافة إلى خمسة نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني.