ملفات وتقارير

هل ينخرط نظام السيسي في المحور الإيراني بالمنطقة؟

أحجم السيسي عن تقديم أي دعم ملموس للسعودية في حربها ضد الحوثيين باليمن- أرشيفية
أحجم السيسي عن تقديم أي دعم ملموس للسعودية في حربها ضد الحوثيين باليمن- أرشيفية
كانت العلاقة المصرية الإيرانية طوال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك؛ تشهد ما يشبه القطيعة السياسية، ورفضت القاهرة لعقود إعادة سفيرها إلى طهران، متهمة إيران بانتهاج سياسة عدائية ضد مصر.

ولكن الشهور الأخيرة؛ شهدت تقاربا واضحا في العلاقات بين البلدين، تجسد في موقفهما من الأزمة السورية، والحرب اليمنية التي أحجم السيسي عن تقديم أي دعم ملموس للسعودية فيها، والتي تخوض صراعا مع جماعة الحوثيين المدعومة من طهران، على عكس ما كانت تنتظره الرياض منه.

وتناسب التقارب المصري الإيراني عكسيا مع التباعد بين مصر والسعودية، صاحبة الفضل الأكبر على عبد الفتاح السيسي في نجاح انقلابه في تموز/ يوليو 2013. فبعدما أيد نظام السيسي القرار الروسي في مجلس الأمن حول سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي الذي عارضته السعودية؛ قطعت المملكة إمدادات النفط عن مصر.

وردا على هذا التطور؛ تعالت الأصوات في وسائل الإعلام المؤيدة للسيسي؛ مطالبة باستبدال إيران بالسعودية، وتوطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إيران، وسط معارك إعلامية "شرسة" بين الرياض والقاهرة.
 
النفط العراقي بديلا عن إمدادات السعودية

وقال مراقبون إن التقارب المصري الشيعي؛ يجعل القاهرة أحدث العواصم العربية المنضمة للمحور الشيعي في المنطقة، الذي يمتد من طهران إلى بيروت، مرورا ببغداد وصنعاء ودمشق، مع الإقرار باختلاف درجة التنسيق مع إيران من دولة إلى أخرى.

وفي المقابل؛ يبدو أن السعودية ما زالت مصرّة على معاقبة القاهرة بسبب تقاربها مع طهران، حيث منعت الرياض توريد شحنات الوقود الخاصة بالشهر الحالي والذي قبله؛ المتفق عليها مسبقا مع مصر.

وأكدت وزارة البترول في حكومة الانقلاب، أن السعودية لم تبلغ مصر بوقف تلك الشحنات البالغة 700 ألف طن شهريا، والتي تحتاجها مصر لسد احتياجات السوق المحلية من الوقود؛ بتسهيلات كبيرة في السداد.

ولتعويض هذا النقص؛ لجأ نظام السيسي إلى عقد صفقة مع العراق لشراء الوقود، بديلا عن الشحنات السعودية المتوقفة؛ بأسعار مخفضة، وبتسهيلات في السداد.

ليس جديدا

وقال أستاذ العلوم السياسية، الخبير في الشأن الإيراني، محمد محسن أبو النور، إن التقارب بين مصر وإيران ليس جديدا، فهو موجود منذ ثلاث سنوات، وتحديدا منذ وصول السيسي إلى الحكم.

وأضاف أبو النور لـ"عربي21" أن سبب التقارب المصري الإيراني هو "التقاء المصالح في عدد من الملفات والأزمات التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها الحرب في سوريا واليمن، فمصر تعتقد أن الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا عبر الطرق السياسية.. وتدعم مصر الجيش السوري؛ لأن نظام الأسد إذا سقط فسوف تنهار الدولة السورية بأكملها، وسوف ينسحب هذا الخطر على كل الدول بالمنطقة، وعلى رأسها مصر".

وتابع: "مصر وإيران متفقتان بشكل واضح وحاسم على أن لا تسمحا بتقسيم سوريا إلى دويلات على أساس عرقي أو طائفي، طبقا للتوجهات الغربية التي تسعى لإقامة خمس دويلات هناك، منها دويلة كردية في شمال سوريا، وهو ما سيشجع الأقلية الكردية الموجودة في إيران؛ على المطالبة باستقلالها هي الأخرى".

وأكد أبو النور أن التقارب بين القاهرة وطهران "مرتبط بالتوتر المصري السعودي، خاصة أن تقارب وجهات النظر بين القاهرة وطهران جاء متزامنا مع المعارضة المصرية لموقف السعودية في الملفات ذاتها، فأصبح التقارب في الملف السوري يمثل خصما من رصيد العلاقات المصرية السعودية، ويهدد باتساع الهوة بين الدولتين في المستقبل القريب".

تحالف مصالح

من جانبه؛ قال الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، هشام عبد الفتاح، إن العلاقات الحالية بين مصر وإيران على المستوي الرسمي المعلن "ما زالت ضعيفة، والدليل على ذلك أنه لم يحدث أي رفع لمستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين".

وأضاف عبدالفتاح لـ"عربي21" أن "ما يحدث الآن هو تنسيق بين الطرفين من أجل حل الأزمة السورية، خاصة أن الموقف المصري مقارب للموقف الإيراني"، مشيرا إلى أن "القاهرة أعلنت بوضوح أهمية بقاء بشار الأسد في السلطة".

وتابع بأنه "في المقابل؛ استفادت مصر من هذا التنسيق لتحقيق مصالح اقتصادية بعدما ساعدت إيران مصر في الحصول على النفط العراقي بتسهيلات كبيرة، وبخاصة أن إيران هي إحدى أكبر القوى المسيطرة على العراق".

وأوضح أن "الرياض لم تكن تتخيل أن يكون موقف مصر المعلن مؤيدا للأسد بهذا الوضوح"، مشيرا إلى أن "تطور العلاقات مع إيران مرهون بحل الأزمة السورية، وتغير السياسة الإيرانية المعادية لدول الخليج، وخاصة السعودية، فمصر لا يمكنها أن تخسر السعودية ودول الخليج بشكل كامل، لكنها تتعامل مع إيران بمبدأ المصالح".
التعليقات (0)