في شهر سبتمبر من العام الماضي، أعلنت الصحف المصرية عن بدء برنامج رئاسي لتأهيل الشباب للقيادة. وذكرت أنه إلى جانب الرئاسة فإن المهمة تشترك فيها جهات أربع هي: رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الدفاع، ووزارتا الخارجية والتخطيط. ولفت الانتباه آنذاك في برنامج تأهيل الشباب حضور وزارة الدفاع وغياب وزارة الشباب. بعد عدة أشهر أعلنت الرئاسة عن عقد المؤتمر الوطني الأول للشباب، وبعد مشاركة الرئيس في بعض جلسات المؤتمر أعلن أن لجانا وطنية شبابية، ستشكلها الرئاسة لتنفيذ توصيات المؤتمر بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، وأن تلك اللجان ستعمل بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، وستتولى اللجان مراجعة موقف الشباب المحبوسين، ودراسة مقترحات قانون التظاهر وسرعة إصدار التشريعات الإعلامية، وغير ذلك من القضايا التي أثيرت في أثناء جلسات مؤتمر الشباب.
ما سبق يشير بوضوح إلى الأهمية التي يوليها الرئيس ومؤسسة الرئاسة لملف الشباب، وذلك أمر لا يخلو من إيجابية، خصوصا أنه أفضى إلى مؤتمر شرم الشيخ الذي سُمعت فيه أصوات عدة من الشباب وغيرهم. ورغم أنه كان منقوصا، لأن الحضور جميعا من الشباب والمتحدثين تم انتقاؤهم بحيث كانوا من مؤيدي الرئيس أو المرضي عنهم، فإن ذلك قد يعد مكسبا نسبيا، لأن بعض الحوار على تواضعه قد يكون أفضل من اللا حوار. وإذا قلنا إن في كل حركة بركة، حتى وإن كانت عند الحدود الدنيا التي تتجنب الموضوعات الشائكة والحساسة، إلا أن ذلك ينبغي ألا يلهينا عن الجوانب الأخرى للمسألة، ذلك أننا نلاحظ لأول وهلة حضورا قويا للرئاسة في كل مراحل العملية. بدءا من تشكيل وعي الشباب من خلال دورات التأهيل للقيادة، وانتهاء بتشكيل اللجان التي ستتولى متابعة التوصيات، مرورا بترتيب أمر المؤتمرات الشهرية للشباب، وإذا وضعنا في الاعتبار أنه بمقتضى الدستور فإن الرئيس مسؤول عن السياسة العامة للدولة، وأن هناك حكومة يفترض أن يكون لها برنامج ينطلق من رؤية لمعطيات الواقع ومتطلباته، فإن دخول الرئاسة في ملف الشباب يثير تساؤلات عدة. بعضها يتعلق بنطاق مسؤولية الرئاسة وصلاحيتها، وبعضها يتعلق بعلاقة ذلك ببرنامج الحكومة والرؤية الحاكمة له.
ما فهمناه، أننا بصدد مبادرة رئاسية لها أهداف لا علاقة لها ببرنامج الحكومة التي كان رئيسها وبعض وزرائها «ضيوفا» على مؤتمر شرم الشيخ. ورغم أن الرؤية غير معلنة وغير واضحة، فإننا لا نستبعد أن نكون بصدد تشكيل كيان أقرب إلى منظمة الشباب والتنظيم الطليعي، قد يكون نواة لحزب الرئيس الذي يفترض أن يخوض به الانتخابات الرئاسية المقبلة (في عام 2018).
فهمنا أيضا أن اللجان الشبابية التي ستشرف الرئاسة على اجتماعاتها الشهرية، سيكون لها وضع متميز يستفيد من المظلة الرئاسية، وستؤدى أدوارا بعضها يدخل في اختصاص الأجهزة التنفيذية والبعض الآخر يفترض أنه من اختصاص منظمات المجتمع المدني، وإذا صح ذلك فإننا نصبح إزاء كيان موازٍ يتحرك بتوجيهات من الرئيس، إلى جانب الحكومة التي تتلقى تعليماتها من الرئيس، ومجلس النواب الذي يسير على خطى الرئيس وترفع أغلبيته لواء دعم الرئيس. وتلك أجواء تعيدنا إلى مراحل ظننا أننا تجاوزناها، حين ضحينا بنحو ألف شهيد في ثورة يناير ونحن نحلم بالانتقال من ولاية الرئيس إلى ولاية الأمة، لنخرج من دولة الزعيم إلى دولة المؤسسات والقانون.
أتمنى أن يكون ذلك التحليل مخطئا، لكنه إذا صح فهو يعني أن مصر مقبلة على مرحلة ليست صعبة اقتصاديا فحسب، لكنها أصعب سياسيا، لأن تلك المؤشرات تعصف بآمال الانفراج الذي تصورنا أنه خيار مطروح في العام الثالث لنظام يوليو، الأمر الذي يجعل الاستحقاق الديمقراطي حلما مؤجلا حتى إشعار آخر.
الشروق المصرية
1
شارك
التعليقات (1)
محمد الدمرداش
الإثنين، 31-10-201610:07 م
الحكم و التحكم ............ المقصود بالحكم هو القيادة و السيطرة على شعب بأسلوب ينمى إيجابياته و يزيل سلبياته قدر الأمكان و يشبع ميوله و اتجاهاته ليصل إلى معدل صفر من المشكلات الداخلية التي تسمح بمعدلات نمو اقتصادي قوية نسبيا تمكن من مستويات معيشة يكون فيها المواطن راضي عن انتمائه لوطنه وممنون لحكامه ؛ و امتلاك الاقتصاد القوى هو امتلاك لعصب السياسة الذى يضع عموم الدولة في مكانة إقليمية و دولية مرموقة يمكن أت تتطور إلى الأفضل كما أن الاقتصاد القوى يتيح الفرصة لبناء جيش وطني قوى يصون السيادة لتراب الوطن و المواطن .
أما التحكم هو استخدام السلطة لقمع و قهر شعب لحساب طبقة أو فئة و بالتالي فإن معدلات المشاكل تنتقل من مؤشر صفر إلى الصعود المستمر مع تردي في الوضع الاقتصادي و دخول عموم الدولة في مراحل الفشل حتى تصل في النهاية إلى قمة الانهيار فلا سيادة و لا قيادة و لا شعب و لا قوام اقتصادي يعول عليه .