قبل استشهاد الإمام الشهيد حسن البنا بأسابيع قليلة، ذهب لموعد مع أحد كبار الإخوان لجمعية الشبان المسلمين، وكان يومها صائما، فترك مرافقه، ووصل إلى مسجد صغير في شارع جانبي فصلى فيه، وجلس دقائق بعد الصلاة، وكان جو المسجد مريحا له، فلما جاءه مرافقه، سأله حسن البنا: ما اسم هذا المسجد؟ فقال له: هذا مسجد الشيخ مظلوم، فقال: وأنا حسن المظلوم! قالها عفوية، ولم يكن يعلم ما يخبأ له في أيامه التالية، من ظلم شديد، من تصفية له في أشهر شوارع القاهرة، ومنع الناس من تشييع جثمانه.
ما أشبه الليلة بالبارحة، المصير ذاته يلقاه الدكتور محمد كمال، وبينهما أكثر من رابط، رابط جماعة الإخوان، ورابط التصفية على يد رجال الحكم، ورابط منع الناس من تشييع الجنازة، ورابط ظلم الظالمين لهما، لكن افترق محمد كمال عنه في ظلم ذوي القربى له، ممن كان يفترض فيهم أن يكون ردءا له، وحماية له من عوادي الزمن، ولكن للأسف كانوا غير ذلك.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
لقد ظلم محمد كمال على يد قتلته من نظام مجرم لا يتورع عن القتل والتصفية خارج إطار القانون، وبدم بارد، وتقع على عاتقه أركان الجريمة المادية كاملة، لا يشك في ذلك أحد، ولا يبرئهم عاقل. ولكن الذي مهد لهذ الجريمة، وأهدى إليهم الحجج الظالمة، وزينها لهم، سواء يدري أم لا، من ظلوا على مدار عام كامل وأكثر، لا يذكرون محمد كمال بين الإخوان إلا بسوء، ولا على الإعلام إلا بكل نقيصة واتهام، وكم من مرات كنت أطلع على قنوات فضائية، في مقابلي أحدهم، تتغير الوجوه ولا يتغير الكلام، مدعين أن الخلاف في الإخوان على السلمية والسلاح، وكتبت وأوضحت مرات ومرات، أنه كلام باطل، وأن الخلاف في الإخوان خلاف على رؤى، ومسارات، وامتلاك أدوات الثورة، وبناء الدولة بعد سقوط الانقلاب، وهو ما وضح للعيان بأنه كان خديعة ومحاولة لكسب زخم إعلامي فقط، فمنذ تعيين متحدث إعلامي جديد للإخوان بدلا من محمد منتصر، ولا حديث مطلقا في الإعلام عن الخلاف على السلمية والسلاح، بل على صلاحيات من يعين ومن لا يعين، وعندما قامت مبادرة الشيخ القرضاوي والعلماء، أوضحت اتفاق الفريقين على السلمية.
إذن كان الحديث عن تسليح الثورة وعسكرتها، هو محاولة لكسب جولة إعلامية، ولم يدر هؤلاء أنهم بذلك عرضوا إخوانهم في مصر للتنكيل والبطش والتصفية، وبقدرة قادر انقلب محمد كمال المشيطن داخل صفوف الجماعة في فريق معروف، إلى الأخ الشهيد، دون رد اعتبار له، ولا اعتذار عما سيق كذبا عن الرجل، ولا أدري كيف ينام مثل هؤلاء ملء جفنيه قرير العين؟! ألا يشعر بتأنيب الضمير؟ وقد كان الرجل قبل وفاته عالي الخلق، فاعترف بالحملة التي تدار ضده لتشويهه، وأنه قد سامح كل من تكلم في حقه.
وعندما يقوم شهود المواقف بكتابة ما شهدوه بأعينهم، وعلى رأسهم مشايخ وعلماء، سيعلم كثير من الناس ممن شنعوا على الرجل، وألصقوا به زورا ما يحاسبهم الله عز وجل عليه، وهو ما أدعو إليه كل من شهد أو سمع شهادات من قالوا كلمة الحق فيما نسب للدكتور محمد كمال، ليدونوا هذه الشهادات، فمن المؤكد سيكون لها وقتها المناسب لنشرها، ليتضح للناس الحقيقة، فكم من شخصيات في جماعة الإخوان ظلمت، وألصقت بها تهم لم تصح تاريخيا، وكان من هؤلاء عبد الرحمن السندي، وتهمة أنه قتل المهندس سيد فايز، بوضع علبة حلوى فيها قنبلة، فانفجرت فيه وفي أخته، حتى كتب محمود الصباغ رحمه الله، صحة الواقعة، وأن أصابع الاتهام تشير إلى محمد أنور السادات، وأن أخت سيد فايز تعرفت عليه، ولكن طوى العسكر الصفحة، وتركوها تلصق بالإخوان، وظلت الكتابات تلصق التهمة بالسندي وإخوانه، دون تدقيق تاريخي للحادثة.
وهو نفس ما أشيع عن محمد كمال، وشيطنته وشيطنة من حوله، فكانوا للأسف عونا للظلمة عليه، وكانوا على نحو ما قال الشاعر الذي صدم في إخوان له، وقد كان يظنهم دروعا تحميه من ردى الأعداء، فكانت منهم الرمية الطائشة، فقال:
وإخوان حسبتهم دروعا فكانوها ولكـن للأعــادي
وخلتهم سهاما صائبات فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب لقد صدقوا ولكن من ودادي
رحم الله الدكتور محمد كمال وإخوانه الشهداء، الذين قضوا على يد الغدر العسكري، وأسأل الله أن ينتقم ممن ظلموه وقتلوه بغيا وعدوانا، ورزق الله من ظلمه من إخوانه توبة نصوحا ترد الحق لنصابه.
1
شارك
التعليقات (1)
samiha
السبت، 08-10-201609:03 ص
لقد تحاملت كثيرا علي إخوانك واتهمتهم ظلما بأنهم من أعانوا المجرمين علي قتل الشهيد بإذن ربه محمد كمال ورفيقه، وهذا اتهام باطل فليس معني إختلاف الرؤي والوسائل انفصام عري الأخوة ولكنك يا أخي أري إنك تحاملت علي إخوانك بشدة، فالجماعة لها مؤسساتها ومجلس شورتها وعلي أعضائها الإلتزام بقواعدها ... غفر الله لك ورحم جميع الشهداء ورفعهم الله أعلي الدرجات.