مقالات مختارة

السعودية مستهدفة جدا بعد انهيار الأطراف

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600
استهداف المملكة العربية السعودية بالتشويه والتفتيت وإثارة الفتن في محيطها الجغرافي ومحاولة اختراق القلب لم تكن وليدة الساعة، ويخطئ من يظن ذلك. لن أغوص في تاريخ التآمر على وحدة المملكة العربية السعودية ونظامها السياسي ومحاولة النيل منها بالتشويه والابتزاز وإثارة النعرات بكل أشكالها. إن الحملة الظالمة على المملكة السعودية أسهم فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يقول أوباما: "في عام 1990 مولت السعودية المدارس الوهابية بشكل كبير، وأقامت دورات لتدريس الرؤية المتطرفة للإسلام والمفضلة لدى العائلة المالكة"، وقال أكثر من ذلك لكن المساحة هنا لا تتسع لكل ما قال به القادة الأمريكان وبعض الأوروبيين.

(2)

كان آخر حلقات التشويه والعزل والتحريض على المملكة نظاما وفكرا وديانة مؤتمر جمهورية الشيشان الذي عقد في العاصمة الشيشانية غروزني في 25 / 8 تحت سؤال ليس بريء هو "منهم أهل السنة والجماعة؟" والذي حضره حشد كبير من الإسلاميين اتباع المذهب السني والتصوف من دول عربية وغير عربية.

لم يدع أحدا من علماء المملكة السعودية والخليج العربي، علما بأن المملكة السعودية هي قلب أهل السنة والجماعة ومركز السلفية الحنبلية وأهل الحديث، واستثناء علماء المملكة، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة العالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي من دعوتهم، أمور توحي بالريبة من مقاصد هذا المؤتمر الشاذ. ينحي بعض أصحاب القلم أن غضب السعوديين الرسميين والمشتغلين بالفكر الإسلامي هناك لأنهم لم يدعوا إلى هذا المؤتمر، والرأي عندي أن الغضب ليس لعدم الدعوة وإنما لطبيعة المؤتمر الشاذ المنعقد في غروزني عاصمة الشيشان، بهدف تفتيت وحدة أهل السنة والجماعة وعلى قمة أهداف المؤتمر غير المعلنة استبعاد السلفية الحنبلية الوهابية والإخوان المسلمين من مدرسة لأهل السنة والجماعة لتخلوا لهم الساحة.

يعرّف المؤتمرون في الشيشان أهل السنة بأنهم ثلاث فرق هي: الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري، والفرقة الثالثة هم الماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي (من أهل سمرقند) ويقول الشيخ مرتضى الزبيدي إن المراد بأهل السنة هم: الحدثون، والصوفية، والأشاعرة، والماتريدية (وهذا رأي الأزهر).

الملاحظ أن وفدا مصريا كبيرا من شيوخ الأزهر شارك في هذا المؤتمر منهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومفتي الجمهورية المصرية الشيخ شوقي علام، ومستشار الرئيس السيسي أسامة الأزهري، والمفتي السابق الدكتور علي جمعة.

يعتب السعوديون على الأزهر الذي شارك في المؤتمر المعني بأعلى درجات التمثيل الرسمي دون أن يلحظوا عدم دعوة اتباع السلف الصالح في الخليج والجزيرة العربية، ولم يعترضوا على التوصيات التي صدرت عن المؤتمر متجاهلة أهل السنة والجماعة في جزيرة العرب مهد الإسلام وقبلته وموطن أهل السنة والجماعة وجاء في البيان الختامي للمؤتمر "(...) وكانت أولى تلك الموجات الضالة الضارة، الخوارج قديما، وصولا إلى خوارج العصر الحديث من ادعاء السلفية التكفيرية... " وهم هنا يعنون السلفية في جزيرة العرب، والتي تُتّهم بالسلفية التكفيرية، وهي تهمة ظالمة.

لقد اعتبر المشاركون في المؤتمر أن مؤتمرهم "يمثل نقطة تحول هامة وضرورية لتصويب الانحراف، كما حددوا المؤسسات الدينية السنية العريقة بأنها الأزهر الشريف، والقرويين، والزيتونة، وحضرموت، والمؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية" كيف قبل مشايخ الأزهر الميامين والقرويون والزيتونة، أن تكون موسكو أحد المؤسسات الدينية السنية العريقة كما وصفوها، بينما السلاح الجوي الروسي وبوارج روسيا الحربية في البحرين الأسود والأبيض تدك قرى ومدن وأرياف الجمهورية العربية السورية على رؤوس سكانها المدنيين المسلمين بحجة محاربة الإرهاب السني، وروسيا بعيدة عن الحدود السورية وبينها وبين سوريا دول. لو كان هذا المؤتمر بريء من كل الشبهات لأصدر إدانة لاستخدام القوة المفرطة من قبل النظام السوري والروسي والإيراني ضد الشعب السوري الشقيق وإدانة إيران لتدخلها العسكري في العراق وسوريا واليمن، وإدانة إسرائيل لعدوانها على القدس الشريف وحصار غزة. لكن لا عجب أنه مؤتمر فقهاء ومشايخ السلاطين والحكام وليس مؤتمر يعني بأهل السنة والجماعة.

من حقنا أن نسأل شيوخ الأزهر ألا يعني ذلك محاولة من المؤتمرين لعزل السعودية وتشكيل مرجعية سنية جديدة بعيدا عن أهل السنة والجماعة سدنة الكعبة المشرفة وحماة الروضة المحمدية وحملة لواء الإسلام الوسطي، وإخراجهم والإخوان المسلمين من دائرة أهل السنة والجماعة؟ لتخلو الساحة للمشعوذين، وسدنة القبور، من النصيريين والصفويين، وغيرهم، ليسهل لهم تشويه الإسلام المبني على القرآن والسنة المحمدية.

(3)

والحق أنه لم يكن ليشارك شيوخ الأزهر لو لم يوافق الرئيس السيسي، وعتبنا على مصر أنها شاركت في مؤتمر الشعوذة والشذوذ الفكري بأعلى نخبة شرعية وسياسية وهي تعلم علم اليقين أهداف المؤتمر وتناسى وفدها الميمون إلى غروزني أن الأزهر منح شهادة الدكتوراه الفخرية للملك عبد الله آل سعود في رمضان عام 2014 تقديرا لما قدمه من دعم للقضايا الإسلامية والمسلمين في جميع أنحاء العالم كما جاء في بيان الأزهر. والملك سلمان آل سعود زار الأزهر في أبريل عام 2016 وأمر بدعمه ماليا ووضع حجر الأساس لمدينة البعوث الإسلامية الحديثة تبنى على نفقة المملكة العربية السعودية، كما طلب الملك سلمان آل سعود من الأزهر تنسيق الجهود بين الأزهر والمملكة في محاربة التطرف والإرهاب وإرساء دعائم السلام في العالم، ومنحته جامعة القاهرة العريقة شهادة الدكتوراه الفخرية لما قدمه من خدمات للعروبة والإسلام والمسلمين ولمصر كما جاء في خطاب رئيس الجامعة أمام الملك سلمان. أهكذا يعامل اتباع السلف الصالح وقادته من قبل مصر بالعمل على تشكيل مرجعية سلفية بعيدة أو بديلة عن المدينة المنورة ومكة المكرمة وتكون موسكو محورها؟

(4)

ما العمل الآن؟ اتفق مع ما ذهب إليه الأستاذ عبد العزيز قاسم "أن على السعودية أن تعالج تداعيات مؤتمر غروزني بحكمتها واتزانها واعتدالها"، كما أدعو أن تكون خطبة يوم عرفة (مسجد نمرة) خطبة ليست تقليدية ولا شرح مناسك الحج وإنما شرح حال الأمة وما يحاك ضد الدين الإسلامي وأهل السنة والجماعة، والرد على كل اتباع الشعوذة والنصيرية والصفوية بالمنطق والحجة الدامغة، بعيدا عن جدل الحنابلة والأشاعرة في سالف الزمان. وكذلك خطبة يوم العيد، وأتمنى من كل قلبي أن تترجم خطبتي (يوم عرفة غير التقليدية) وخطبة العيد من الحرم المكي والمدني بأكثر من لغة وتوزع على الحجيج أما مطبوعة أو (يوتيوب) وحتى على جوالاتهم.

آخر القول: إننا في محنة عصيبة، علينا سد الخلل، وتوحيد الجبهة الداخلية، وإنجاز المهمة في اليمن، وأنبه إلى أن مؤتمر الشيشان سيتوالد وأول مولود سيكون في الجزائر، إذ تعمل جهات معينة منها الجمعية الدولية الصوفية (منظمة غير حكومية) والمؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة (جنة العارف) ليوم عالمي عنوانه للعيش معا.

الشرق القطرية
3
التعليقات (3)
مُواكب
الأربعاء، 07-09-2016 12:39 ص
أكره السذاجة المُحتوية في هذا المقال وأسميها: سذاجة المُنعمين " ما كان لِمسلم سني مؤمن أن يحضر مؤتمر غروزني فما بالك ممن يتباكى على عدم دعوة السعودية إليه! ما من شك أن بوتين الذي يغزو سورية السنية قد قرر غزو الإسلام السني من الداخل، وما أكثر من سيتعاونون معه! من طاغية الإمارات الشيخ ابن زايد ، مرورا بطاغية مصر وشُيوخه الأزهريين ووصولاً إلى بشار أسد ومُفتيه حسون ! أتذكر مقالا آخر للكاتب عُنوانُه: إيران ليست قوة لا تُقهر" ليست هنا المشكلة، المشكلة تكمن في وهن العرب الرسميين الذي يُفقدهم حتى احترام الآخرين لهم، مُنعمين ومُترفين يظنون أن ما يُسميه الكاتب: انهيار الأطراف " لن يبلغهم ! لِيَذكروا قصة قارون الذي طغى على بني إسرائيل، وكيف يطغون ويعبثون في أمة يعرب!
مُواكب
الثلاثاء، 06-09-2016 11:29 م
العتب على مصر السيسي أن ذهب لمؤتمر غروزني البوتيني شُيوخ الأزهر ! ! وهل كانت السعودية لِتحضر مثل هذا المُؤتمر لو دُعيت إليه ؟ أتساءل ماذا يحدث في العُقول ؟ السيسي قاتل الأبرياء المؤمنين بالآلاف، جَنَّده الملك عبد الله لإسقاط الحكومة المنتخبة الشرعية في مصر ، وهذا الطاغية هو الذي يُعين شيخ الأزهر ، فأين الدين الإسلامي السني من كل هذا العبث المُتكرر باستمرار في سياسات دُول الخليج؟
عمر احمد
الثلاثاء، 06-09-2016 10:47 ص
اجمل شيء في المقال دعوة الدكتورالمسفر لتكون خطبة يوم عرفة غير تقليدية كالتي نسمعها منذ اكثر من 25 عاما كما هي وكذلك خطبة عيد الاضحى ، وهو ما نرجوه في العالم الاسلامي ان يرتقي الخطاب في هذه المناسبات بما يتناسب مع الاوضاع في الامة الاسلامية

خبر عاجل