سفير بريطاني سابق بأنقرة: هذا ما كشفه الانقلاب في تركيا
لندن – عربي2119-Jul-1601:10 PM
0
شارك
أرودغان تركيا الأناضول
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا للدبلوماسي البريطاني السابق بير ويستماكوت، الذي عمل سفيرا لبلاده في كل من الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا، يتحدث فيه عن تبعات المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، التي يرى أنها ستلقي بظلالها على البلاد، مشددا على أهمية محافظة الحليف الرئيسي للغرب في المنطقة على الطابع العلماني.
ويقول الكاتب: “عادة ما تخدش السطح لكي تفهم ما يحدث في تركيا، و(الدليل) الذي يدين مئات من الضباط العسكريين والعلمانيين الآخرين في القضية المعروفة (إرغينكون) ومحاكمات (المطرقة)، التي بدأت عام 2008، كانت مزيفة من أتباع رجل الدين المنعزل، الذي أصبح عجوزا في بنسلفانيا، فتح الله غولن، لكن حكومة العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان لم تفعل الكثير لوقفها؛ لأنها خدمت مصالحها، وهي وقف الجيش عند حده”.
ويشير ويستماكوت إلى أنه “في ذلك الوقت كان غولن حليفا لأردوغان، فكلاهما إسلامي، ولديه رؤية متشابهة حول مستقبل البلد، وبالتأكيد فإن شبكة (حزمت) (الخدمة) التابعة لأردوغان، أدت دورا في وصول أردوغان إلى السلطة قبل عقد ونصف من الزمان”.
ويستدرك الكاتب بأن “شهر العسل بين الزعيمين انتهى، وبدأ غولن بانتقاد ميول أردوغان الاستبدادية، حيث أصبح الأخير متذمرا من حجم الشبكة الغولنية، (وهناك قليلون يعرفون أنها تدير عددا كبيرا من المدارس حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة)”.
ويلفت ويستماكوت في مقاله، الذي ترجمته “عربي21”، إلى أن غولن خرج منتقدا أردوغان في أحداث غيزي بارك في اسطنبول في أيار/ مايو 2013، حيث يعتقد أنه يقف وراء التسريبات المسجلة في نهاية ذلك العام، التي تتهم وزراء وأعضاء في الحكومة بالفساد.
وينوه الكاتب إلى أن عمليات العزل والاعتقال لمئات من القضاة ورجال الشرطة والصحافيين، الذين نظر إليهم على أنهم موالون لغولن، لم تكن قائمة على أدلة، مثل اتهامات إرغينكون الأولى، مستدركا بأن الانتصار المدوي لأردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2014، والأداء القوي لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة، التي جرت مرتين عام 2015، تشير إلى أن المعركة حسمت لصالحه، أي أردوغان.
ويرى ويستماكوت أن “المحاولة الانقلابية الفاشلة ليلة الجمعة، تظهر أن مشاعر النقمة لدى (الغولنيين)، وقلقهم حول المسار الذي يسير فيه البلد، لا تزال موجودة، كما أن أثرهم لا يزال قويا، خاصة داخل القوات الجوية. فلو لم يغادر أردوغان الفندق الذي كان يقيم فيه في منتجع مرمريس في الساعات الأولى من صباح السبت، فإن الأحداث كانت ستتخذ مسارا مختلفا”.
ويبين الكاتب أن “عمر غولن المتقدم، وتصريحاته التي شجب فيها المحاولة الانقلابية، يشيران إلى أنه لم يكن متورطا مباشرة في المحاولة الفاشلة، إلا أن أردوغان مصمم على إلقاء التهم على عتبة بابه”.
ويورد الدبلوماسي السابق أن “المؤمنين بنظريات المؤامرة يشيرون إلى أن أردوغان خرج من الانقلاب قويا، ما يعني أن الدولة هي من قامت بهذا الانقلاب، وأشك بهذا، حيث أن أردوغان خرج قويا، ويحظى بشعبية أكثر من أي وقت مضى، لكن النتيجة كانت متقاربة أكثر مما كان يريد مصمم رقصات إيمائية”.
ويقول ويستماكوت: “يرى البعض أن أحداث ليلة الجمعة هي دليل على أن الجيش لا يزال ينظر لنفسه على أنه حام للبلد، وربما شعر البعض بذلك، إلا أن القيادة العليا في الجيش، التي تحسنت علاقتها مع أردوغان في الأشهر الماضية، لم تكن كذلك، ويرى الكثيرون منهم (الجيش) في غولن تهديدا أكبر على إرث كمال أتاتورك من أردوغان”.
ويعلق الدبلوماسي السابق قائلا: “على أي حال، يتدخل الجنرالات الأتراك في السياسة عندما يعرفون أن الرأي العام يقف معهم، والسهولة التي استطاع فيها أردوغان دعوة الآلاف للخروج الى الشوارع دعما له، تشير إلى أن (الجيش) لم يحظ بدعم في هذه الحالة”.
ويمضي ويستماكوت قائلا: “قد لا نعرف القصة الحقيقية، لكن ما يهم هو إلى أين تسير تركيا من هنا، حيث يرغب الكثيرون، الذين يحبون الخير لتركيا، أن يروا أردوغان سمحا في النصر، وأن يتسع صدره للنقاط التي يقوم أصدقاء تركيا باقتراحها منذ سنوات، حول شمل الجميع، وحرية الإعلام، وسيادة القانون، ومواجهة الفساد الممأسس”.
ويستدرك الكاتب بأن “ردة فعل الرئيس تشير إلى أنه راغب بالقمع لا المسامحة، ويبدو أنه مصمم على إعادة غولن إلى تركيا، ولو حصل هذا فلن يتبقى شخص في الخارج ليلقي عليه اللوم، حيث إن الشكاوى التركية السابقة عن غولن لم تتبع عادة بطلب رسمي لترحيله، ولو كان أردوغان جادا هذه المرة، وقدم حالة مقنعة، فإنه من المتوقع أن يضيف توترا على العلاقات المتوترة أصلا بين تركيا وحليفها الرئيسي الولايات المتحدة”.
ويفيد الدبلوماسي السابق بأن “تركيا تعد لاعبا إقليميا حيويا، وتتفاوض للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ونريدها أن تظل ممرا استراتيجيا للطاقة، وشريكا تجاريا مهما، وعضوا في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، لكنها لن تكون حليفا ذا مصداقية في أي من هذه الأدوار إن لم تبق علمانية وديمقراطية، وتحترم سيادة القانون، فيما لن يدعم الحديث عن إعادة حكم الإعدام قضيتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.
ويخلص الكاتب إلى أن “التحدي القادم هو حل هذه المعضلة، ومساعدة تركيا على الاستفادة من إمكانياتها الهائلة التي أظهرتها في السنوات الأولى لحكم حزب العدالة والتنمية، ودراما يوم الجمعة تجعل من هذه المهمة أكثر صعوبة، وتحذيرات ساسة العالم حول عدم المبالغة بالرد مهمة وفي وقتها”.