رئيس "حكومة الظل" في مجلس العموم البريطاني (البرلمان).
يصنفه كثيرون ضمن اليسار الراديكالي.
مساند وحليف للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
يواجه ما يوصف بـ"الانقلاب" داخل حزب"العمال" الذي يتولى رئاسته، بعد تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
يرفض الانصياع للأصوات المطالبة باستقالته من الحزب، معتبرا ذلك لا يتوافق مع "الشرعية الدستورية".
انتخب جيريمي برنار كوربين المولود في أيار/ مايو عام 1949 في تشبنهام، وهو عضو في "مجلس العموم" منذ عام 1983 عن منطقة إزلينغتون الشمالية بلندن، وكان قد تعرض للاعتقال عام 1984 خارج سفارة جنوب أفريقيا بعدما كسر حظرا للتظاهر في عهد الفصل العنصري.
فاز في أيلول/ سبتمبر عام 2015 برئاسة "حزب العمال" بنسبة 59.5%، واجتاز حاجز التصويت المطلوب للفوز من الجولة الأولى، لينتقل من المقاعد الخلفية في "مجلس العموم" التي قضى فيها 32 عاما إلى واجهة الحزب في مفاجأة لا تزال تذهل كثيرين، إذ حصل على المركز الأول في كافة مستويات التصويت في الحزب من حيث الأعضاء والمنتسبين الجدد.
وما أن أعلِن فوز كوربين برئاسة "حزب العمال" حتى هاجمته الصحافة الإسرائيلية بشراسة، ووصفته بأنه "معاد للسامية"، منتقدة عدم اعتباره "حماس" حركة "إرهابية"، وتعهده بفرض حظر على بيع السلاح لـ"إسرائيل" إن انتخب رئيسا للوزراء.
فيما ذكّرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" بدعوة كوربين لإجراء تحقيقات دولية لإدانة "إسرائيل" على ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة وفي لبنان.
وتعهد بالاعتذار عن مشاركة بلاده في حرب العراق بقيادة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، وقال إن الوقت حان لكي يقدم "حزب العمال" اعتذاره للشعب البريطاني لأنه جرّه إلى الحرب في العراق مستندا إلى خدعة، وأيضا للشعب العراقي على العذابات التي لحقت به.
ودعا إلى إشراك "حماس" و"حزب الله" اللبناني في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.
كان أول قرار اتخذه كوربين بعد إعلان فوزه برئاسة الحزب هو المشاركة في مظاهرة لدعم اللاجئين دعت إليها منظمات وحركات مختلفة، مؤكدا أن "هؤلاء اللاجئين ضحايا وبشر مثلنا يبحثون عن ملاذ آمن، تلزمنا الإنسانية والتعاطف على مساعدتهم".
ولم يفته أن يذكر بأن أزمة اللاجئين تلك ما هي إلا "نتاج حروب لا تخدم الإنسان ولا ينبغي لبلاده أن تنخرط فيها".
ورفض التعامل القاسي مع المهاجرين قائلا: "إنهم أسهموا في تنمية بريطانيا"، وأيد استقبال اللاجئين ودعا الحكومة لمساعدتهم اقتداء بالموقف الألماني.
عارض بشراسة سياسة التقشف التي اعتمدتها حكومة ديفيد كاميرون، ورفض مشروع اتفاق التبادل الحر بين أوروبا والولايات المتحدة.
وأيد تخصيص عربات للنساء في وسائل النقل العام البريطاني كإجراء وقائي من التحرش والاعتداءات الجنسية. وساند فرض ضرائب إضافية على الأثرياء، وإعادة تأميم السكك الحديد والطاقة وفرض رقابة على الإيجارات.
كما طالب كوربين بإنصاف الفقراء وتحسين توزيع ثروات البلاد بزيادة الضرائب على الشركات، ووضع حد أقصى للرواتب نظرا للارتفاع الكبير لرواتب كبار أرباب العمل.
ويعد كوربين من نشطاء السلام وعضوا في "ائتلاف أوقفوا الحرب" و"حملة نزع السلاح النووي"، ونقل عن شخصيات عسكرية كبيرة وصفها للأسلحة النووية التي تملكها بلاده بأنها "غير مجدية عسكريا".
يركز كوربين في خطابه على انحيازه للفقراء والمهمشين، ودعم نظام الرفاه الاجتماعي في البلاد، بالإضافة لوحدة الحزب في المرحلة القادمة واستعداده للتعاون مع الجميع من أجل أن يتصدر الحزب مرة أخرى نتائج الانتخابات المختلفة في البلاد.
كما أعلن أن أولى مهامه في مجلس العموم كقائد للمعارضة، و"رئيس وزراء الظل" هو مكافحة القانون الذي تحاول حكومة "حزب المحافظين" الحاكم تمريره، ويراه كوربين مكبلا للنقابات العمالية.
هذه النقابات التي تعد عمودا فقريا لـ"حزب العمال" وكانت إحدى الرافعات الأساسية لحملة كوربين لرئاسة الحزب.
من ناحية أخرى هاجم كوربين في خطابه وسائل الإعلام التي قال إنها استهدفته بشكل مسيء وخاطئ.
وكانت أولى ردود الفعل على فوز كوربين، من رئيس الحزب المستقيل إيد ميليباند، الذي أعلن احترامه للنتيجة وتأييده لكوربين، واعتبر أن الطفرة التي شهدها الحزب من حيث الأعضاء الذين انضموا حديثا ليشاركوا في انتخاب كوربين ينبغي أن تترجم إلى طفرة في نشاط الحزب وتحويل المنتسبين الجدد إلى أعضاء فاعلين.
وشهد "حزب العمال" إقبالا كبيرا للانتساب إليه قبيل انتخابات رئاسة الحزب، وهي خطوة عزاها كثيرون لقدرة جيرمي كوربين وبرنامجه على جذب قطاعات شعبية وشبابية مختلفة للحزب أرادت أن تعزز حظوظه بالفوز برئاسة الحزب في انتخابات تتم بالاقتراع المباشر لكافة الأعضاء.
لكن هذا لم يمنع خصومه حتى من داخل الحزب لأخذ مواقف مناهضة له، إذ أعلن جيمي رييد وزير الصحة في "حكومة الظل" وأحد المعارضين بشدة لكوربين استقالته فور إعلان فوز هذا الأخير.
كما أعلنت منافسته يفيت كوبر وغيرها من رموز "حكومة الظل" الحالية أنهم لن يشاركوا معه في "حكومة الظل" المعارضة.
واستمر كثير من المحللين في طرح أسئلة تتعلق بمستقبل الحزب في ظل قيادته غير التقليدية الجديدة، وما إذا كان سيستطيع إحراز الفوز في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها عام 2020 وبالتالي تشكيل الحكومة وحكم البلاد، أم أنه سيتجه بقوة ناحية اليسار تاركا منطقة الوسط ليتمدد فيها "حزب المحافظين" الحاكم ويتراجع "العمال" من المركز الثاني إلى الثالث؟
ورغم أن الحزب نجح في أول اختبار له بعد فوز كوربين وهو انتخاب مرشح الحزب النائب المسلم صادق خان عمدة لبلدية لندن، وبذلك عاد الحزب مرة أخرى لعمدية العاصمة البريطانية بعد أن انتزعها منهم عمدة لندن الحالي وعضو "حزب المحافظين" بوريس جونسون عام 2008، لكن كوربين اتهم بالإخفاق في الاستفتاء الذي أجري قبل أيام حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ويعد "العمال" من أبرز الداعمين لاستمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد.
واعتبر أعضاء في الحزب ومن خارجه أن نتائج التصويت كانت كارثية على "حزب العمال"، حتى أن رئيس الوزراء البريطاني المستقيل وزعيم "حزب المحافظين" ديفيد كاميرون طالب كوربين بالاستقالة أمام نواب "برلمان ويستمينستر".
وقال له خلال جلسة توجيه الأسئلة لرئيس الوزراء في البرلمان: "قد يكون لصالح حزبي أن يبقى، (لكنه) ليس في مصلحة البلاد وأود أن أقول، بحق السماء ارحل يا رجل".
كما صوت نواب "حزب العمال" بحجب الثقة عن كوربين بأغلبية 172 مقابل 40 صوتا، لكن كوربين رفض الاستقالة.
وانتقد الوسطيون في "العمال" القيادة الاشتراكية للحزب منذ أشهر، لكن الكيل طفح عندما اتهم كوربين بعدم تأييد حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
ويقود الأصوات المعارضة لكوربين من داخل "العمال"، وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية، هيلاري بن، الذي حرض ضده "لعدم دعمه خيار البقاء بما يكفي بهدف إقناع الناس به". وهو حراك وصفه الإعلام البريطاني بمحاولة "الانقلاب" على كوربين الذي قام بدوره بإقالة هيلاري بن من منصبه، تزامنا مع استقالة سبعة أعضاء آخرين، بينما سحب سبعة آخرون من "العمال" تأييدهم لزعامة كوربين.
وتحدثت الصحف البريطانية صراحة عن استعداد هيلاري بن لقيادة انقلاب ضد كوربين وحثه أعضاء في الحزب على الاستقالة في حال رفض كوربين التنحي عن منصبه، فيما عبر بعض الأعضاء الذين استقالوا عن عدم ثقتهم بقدرته على قيادة الحزب.
وكتبت وزيرة الصحة في حكومة الظل العمالية، هيدي ألكسندر، في رسالة نشرتها على "تويتر": "أحترمك كرجل صاحب مبدأ، لكن لا أعتقد أن لديك القدرة على صياغة الأجوبة التي تحتاجها بلادنا في الفترة المقبلة، وأعتقد أننا إذا أردنا الوصول إلى الحكم، فعلينا تغيير القيادة". وأضافت: "الذين سيتأثرون بالصدمة الاقتصادية الناجمة عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، يحتاجون إلى معارضة قوية".
وبينما يدعي المعارضون أن كوربين غير مؤهل للقيادة، أصدر نائب زعيم الحزب، توم واتسن، ووزير الداخلية في "حكومة الظل" أندي بارنهام، بيانا، أعلن من خلاله دعم كوربين. كما أعلن نقابيون، في بيان لهم، دعمهم لزعيم "العمال" لأن الحزب "في غنى عما يحاول المعارضون القيام به الآن"، وفقا للبيان.
كذلك، أعلن وزير المال في "حكومة الظل"، جون مكدونيل، أنه سيكون مدير حملة كوربين إذا وصلت المسألة إلى إعادة انتخاب زعيم جديد للحزب.
ويتعرض كوربين للكثير من الانتقادات لإخفاقه، بنظر معارضيه، في إقناع الملايين من الناخبين في معاقل "حزب العمال" بالتصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، وخصوصا أن أكثر من ثلثهم (حوالي 37%) صوتوا لصالح الخروج. لكن ما يقفز فوقه هؤلاء أن كوربين كان قد دُفع نحو تبني خيار البقاء خشية من انقسام الحزب، وهو خيار كان قد أمضى حياته كناشط وكعضو في مجلس نواب يعارضه.
ولا يبدو أن معارضي كوربين في الحزب لديهم طرح واضح، وهذا ما يشير إليه الناشط والكاتب، آرون باستون، حين يقول إنه "ليس بين معارضيه من يستطيع (تقديم طرح)، ويعلمون أنه لا تأثير لهم". بينما يظهر أن لدى كوربين دعما قويا داخل الحزب، إلى درجة تبدو محاولة هيلاري بن ورفاقه للانقلاب عليه عبثية، وقد لا ينتج عنها إلا تشتيت "العمال" وبالتالي إضعاف القدرة على المنافسة خلال الانتخابات المقبلة.
ولا يبدو كوربين ضعيفا أو مستسلما للأصوات المعارضة له داخل حزبه خصوصا بعدما دعا مؤيدو كوربين منتقديه إلى التقدم لمنافسته في عملية انتخاب رسمية لزعيم الحزب إذا أرادوا تحديه.
وقال جون ماكدونيل، وزير الخزانة في "حكومة الظل"، إن كوربين "لن يذهب"، واتهم خصومه بمحاولة "الانقلاب على الديمقراطية"، قائلا إن رئيس الحزب سيواجه أي متحد يتقدم في الانتخابات.
لكن كورببن أصدر بعد ظهور نتائج التصويت بيانا قال فيه إن الحكومة في حالة "تشويش" بعد التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وأضاف: "لقد انتخبت ديمقراطيا رئيسا لحزبنا من أجل نوع جديد من السياسة بنسبة أكثر من 60 في المئة من أعضاء حزب العمال ومؤيديه، ولن أخونهم بالاستقالة. وتصويت النواب اليوم لا يمتلك شرعية دستورية".
وكان كوربِين أبلغ مؤيديه في تجمع أمام البرلمان الاثنين أنه لن يدع "أولئك الناس الذين يتمنون الشر لنا أن يفرقوننا".
الاستقطاب داخل "حزب العمال" ليس سحابة صيف، أوغضبا مؤقتا تزامن مع تصويت بريطانيا، بل هو تحد وجودي أمام كوربين الذي سيكون في مواجهة اختبار صعب في إعادة رفاقه المستقيلين من "حكومة الظل" للعودة إلى مقاعدهم، وإلى إقناع المعارضين له بقدرته على قيادة الحزب وبعدم حرفه الحزب إلى اليسار، ويبدو أن الأمر سيحسم ولو بشكل جزئي من خلال انتخابات القيادة التي قررت النائبة العمالية أنجيلا إيغل تحديه فيها رسميا، بعد التصويت على "عدم الثقة" به الثلاثاء.
1
شارك
التعليقات (1)
محمد
السبت، 02-07-201609:00 م
كوربين الوجه المشرق الشريف للبريطاني الأصيل، يقف في وجهه قوى الشر؛ لأنه لا يساند اليهود ولا يحمل فيروس المستعمر كغيره؛ لأنه يقف إلى جانب الفقير والمستضعف المظلوم؛ لأن مطالبه وطموحاته لا تحقق إلا شيئا واحدا في الأخير هو السلام للجميع ومع الجميع ، حينها سيكون الإسلام أول الوالجين إلى بريطانيا من أوسع الأبواب؛ لأن السلام هو معينه الصافي وميدانه الثر وهذا ما لا يريده قوى الشر لذا سيواجه متاعب كثيرة وكبيرة وإذا واصل في تصميمه فلربما يصل بهم الأمر إلا تصفيته. مع تمنياتي لك يا كوربين التوفيق والسلامة.