ملفات وتقارير

التطوع بالجيش المصري.. هروب من البطالة بالواسطة والرشوة

يتمتع العسكريون بمزايا مادية تفوق الوظائف الأخرى - أرشيفية
يتمتع العسكريون بمزايا مادية تفوق الوظائف الأخرى - أرشيفية
في كل عام يعلن الجيش المصري قبول دفعات جديدة من المتطوعين في القوات المسلحة، حيث تنجذب أعداد كبيرة من الشباب، من أصحاب المؤهلات التعليمية المتوسطة والدنيا، للتطوع كجنود، والحصول على مرتبات تفوق ما يحصل عليه طبيب بشري، أو مهندس، أو مدرس، أو أي مهنة أخرى.

وفي هذا الصدد، يكشف سعيد محمود (اسم مستعار)، وهو والد لاثنين من المتطوعين كجنود، أسباب رغبته في إلحاقهما بصفوف القوات المسلحة المصرية، بعد حصولهما على مؤهل متوسط، حيث يقول لـ"عربي21": "أبحث لأولادي عن أمان وظيفي، ففرص السفر إلى الخارج باتت ضعيفة، ولا يوجد عمل، ولا يوجد عدو نحاربه الآن. فلماذا الخوف؟".

تغير المعادلة

على مدار سنوات طويلة، كان الشباب المصري من أصحاب الشهادات المتوسطة وما دونها يفضلون البحث عن فرصة عمل خارج البلاد، في دول مثل ليبيا والعراق، بدلا من الالتحاق بالجيش؛ بسبب ضعف المرتبات، ومشقة التجنيد.

في أعقاب ثورة 25 يناير في 2011، وانقلاب تموز/ يوليو 2013، تغيرت الأمور، بعد تغير معادلة السلام والاستقرار في مصر والمنطقة، وانهيار مؤسسات الدولة في بعض الدول العربية التي كان يقصدها الشباب للعمل، وزيادة نسبة البطالة في مصر، وسيطرة الجيش على مقاليد البلاد، ودخوله في علاقة دافئة مع إسرائيل.

المال مقابل التطوع


وعن تجربة تعيين ولديه، قال سعيد محمود: "منذ ثلاث سنوات ألحقت الابن الأول كمتطوع بالجيش، وتلقى تدريبا لمدة عام ونصف، ثم تم تعيينه كجندي، وحصل على 2500 جنيه، في أول درجة وظيفية له، وهو الآن يحصل على أكثر من 3500 بعد عامين من تجنيده، ويحصل على مزايا مادية كثيرة".

إلا أن سعيد لم ينجح في إلحاق ابنه الآخر بالجيش، وحاول ثلاث مرات متتالية دون جدوى، خاصة بعد زيادة الإقبال على التطوع، والرغبة في الحصول على وظيفة دائمة. لكنه واصل البحث عن طريقة لقبول ابنه بأي وسيلة، ووجدها في نهاية المطاف.

يقول والد المجندين المتطوعين: "التقيت بأحد الأشخاص، ودلني على مسؤول سابق بالجيش المصري، وطلب مني 30 ألف جنيه من أجل قبول الابن الآخر كمتطوع، ولم أفكر طويلا، ووافقت، فبدون دفع المال، لن يحصل ابني على وظيفة طوال حياته".

كما تحدث سعيد عن قبول شاب "كطالب بالقوات الجوية رغم قصره، وعدم أهليته، إلا أن والده دفع له 120 ألف جنيه لقبوله، وهو الآن في الفرقة الثالثة".

رغبة في مال الجيش لا شرفه

من جانبه، يعزو عضو لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى السابق، محمد جابر، حالة التهافت على التطوع في الجيش المصري، ودفع المال من أجل ذلك، إلى "ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وجزالة المرتبات، وتضرر الكثير من البلدان العربية من تردي أوضاعها السياسية، وتحول الجيش إلى مؤسسة تجارية بحتة"، وفق تعبيره.

وقال لـ"عربي21": "هذا التنافس المحموم سببه ارتفاع مرتبات المجندين ورغبة في أمواله، ومزاياه، وليس رغبة في نيل شرف الانضمام للجيش"، مضيفا أن "القوات المسلحة فقدت المهمة الرئيسية لها، وهي تأمين الوطن وحماية حدوده وسلامة أراضيه، وأصبحت جيشا رأسماليا استثماريا، يؤمن وظائف بمرتبات ومعاشات جيدة".

وذهب جابر إلى القول إن "العقيدة الوطنية للجيش المصري تغيرت منذ الانقلاب العسكري، فلم تعد إسرائيل العدو الأول، والأولويات تبدلت لدى القيادات المتحكمة في مسار المؤسسة العسكرية، وانخرطت بقوة في الحياة السياسية والمدنية.

واستهجن النائب السابق النهج الجديد للجيش المصري، قائلا: "أنت أمام دولة العسكر، يحظى فيها العسكريون الحاليون والمتقاعدون على جميع المزايا الاقتصادية والصحية والاجتماعية، مقابل قطاع عريض من الشعب يعمل في خدمة هذه الفئة، ولا ينال إلا الفتات".

وظائف مضمونة

في المقابل، رأى الخبير العسكري، اللواء محي الدين نوح، أن سمعة الجيش العالمية، وقدراته العالية في مواجهة الإرهاب "هي وراء سعي الشباب للتطوع، فهو ينظر إليه بامتنان وإعجاب، وحمى البلاد في 25 يناير و30 يونيو و3 يوليو، وحق انتصارات على الإرهاب أعطت الشباب حماس ورغبة في الالتحاق بالجيش"، وفق قوله.

ولكنه استدرك قائلا لـ"عربي21": "لا يمكن إغفال الزاوية الاقتصادية عند التطوع في مؤسسة عسكرية قوية، فالجانب الوظيفي عامل مؤثر في الالتحاق بالقوات المسلحة".

وتابع: "لا يمكن تجاهل أن هناك نسبة بطالة عالية في البلد، وهناك قناعة لدى الجميع أن جهاز الشرطة ومؤسسة الجيش ملاذ للشباب الباحث عن فرصة للعمل مباشرة، بالإضافة إلى المزايا الأخرى، كالرعاية الصحية والاجتماعية ، ومزايا مادية ومعنوية كثيرة، فهناك رعاية كاملة".
التعليقات (1)
السيد ابو النصر
الجمعة، 28-04-2017 12:13 ص
انا كنت مريض بالسلطان وربنا شفاني هل استطيع التطوع