حقوق وحريات

وثائق بنما: ما الجديد بشأن مصر؟ ولماذا عليك أن تهتم؟

يظهر البحث في قاعدة البيانات 38 شركة "أوفشور" مرتبطة بنحو 300 شخصية مصرية ـ أرشيفية
يظهر البحث في قاعدة البيانات 38 شركة "أوفشور" مرتبطة بنحو 300 شخصية مصرية ـ أرشيفية
كشف أسامة دياب، الباحث المتخصص في العدالة الضريبية ومكافحة الفساد لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن البيانات الجديدة لوثائق بنما تظهر وجود 38 شركة "أوفشور" و300 شخصية مصرية متورطة.

وقال أسامة دياب في حوار مع موقع "مدى مصر"، حضرت مصر بنصيب غير قليل في التسريبات الجديدة. حيث يظهر البحث في قاعدة البيانات 38 شركة "أوفشور" مرتبطة بنحو 300 شخصية مصرية.

وتابع إن من "أبرز الأسماء الواردة في قاعدة البيانات المنشورة، الإثنين، رجال الأعمال نجيب ساويرس وصلاح دياب وحسن هيكل وحازم بركات وبدر صيدناوي، وممدوح عباس وعدد من أفراد عائلته، فضلا عن أفراد عائلات منصور وغبور ونصير".

وأضاف أن من بين المعنيين "رجال أعمال مرتبطين بشخصيات سياسية مثل نجلي الرئيسين السابقين جمال أنور السادات، وعلاء حسني مبارك، ومنير ثابت شقيق زوجة مبارك سوزان".

وتابع دياب "ضمت قاعدة البيانات الجديدة أسماء لأطباء ومهندسين مصريين، وإعلاميين من بينهم عمرو أديب، والذي ورد اسمه كأحد المساهمين في شركة كوينزجيت Queensgate Overseas Ltd والتي لا يعرف مجال نشاطها بالتحديد".

وعن معنى ورود أسماء تلك الشخصيات كمؤسسين أو مشاركين في شركات "الأوفشور"، أجاب دياب، "لا يعد تملك شركات (الأوفشور) في حد ذاته مخالفة للقوانين القائمة، لكن الممارسات المرتبطة بتملك تلك الشركات عادة ما تكون غير مشروعة، مثل تبييض الأموال وإخفائها عن أعين السلطات والرأي العام، أو لأسباب تتعلق بالتهرب من دفع الضرائب أو تجنبها".

وزاد دياب "تتميز مراكز (الأوفشور) تلك بسرية شديدة في التعاملات ومعدلات ضرائب صفرية أو قريبة من الصفر، ما يشجع على نقل الأرباح المحققة في مصر إلى حسابات تلك الشركات بشكل مصطنع".

وأوضح "أحيانا ما تنطوي تلك الممارسة على جريمة تهرب ضريبي واضحة، وفي أحيان أخرى يتم ذلك بشكل لا يخالف القانون وهو ما يسمى بالتجنب الضريبي. لكن الضرر واحد في الحالتين: وهو حرمان خزينة الدولة من إيرادات ضريبية مستحقة من شخصيات طبيعية (أفراد) واعتبارية (شركات) حققت أرباحا في مصر بشكل فعلي، لكن هذه الأرباح تظهر على الورق وكأنها تحققت في تلك الملاذات الضريبية. ويتسبب ذلك بالتالي في حرمان المجتمع من خدمات عامة تمول من الضرائب مثل المدارس والمستشفيات والطرق".

وسجل الباحث أن "المتابع لتسريبات بنما من المتوقع أن يواجه رد فعل من اثنين: الأول هو الصدمة من انتشار تملك سيدات ورجال أعمال وساسة وحتى رجال إعلام معروفين لشركات (الأوفشور)، أما الثاني فسيذهب إلى أنه ما دام الموضوع بهذا الانتشار، وما دام الكل مشاركا فيه، فإن ذلك يعني أن الممارسة عادية وبالتالي شرعية".

وشدد "في حقيقة الأمر فإن انتشار تلك الظاهرة يجب أن يعامل معاملة الأوبئة، فمن المستحيل أن تجد عاقلا يأخذ من انتشار مرض إلى حد الوباء ذريعة لعدم محاربته، أو أن يجادل بأن الكثيرين يعانون من هذا المرض لذا وجب تطبيعه والتعايش معه، ففي الأمراض كلما زاد انتشار المرض أو قابلية انتشاره زادت الحاجة لتكاتف الجهود لمواجهته، وهكذا يجب أن يتم التعامل مع ظاهرة الملاذات الضريبية واعتبار انتشارها سببا أدعى لمواجهتها مواجهة حاسمة ومباشرة، وليس سببا لـ(تطبيعها)".

وأكد أنها "ممارسة، تساعد شبكات الإجرام والإرهاب والأنظمة الديكتاتورية والمحاسيب المرتبطين بها من رجال الأعمال على إخفاء أموالهم، وتساعد رجال الأعمال الكبار والشركات متعددة الجنسيات على التهرب والتجنب الضريبي عن طريق نقل الأرباح بشكل مصطنع إلى شركات وهمية مسجلة على الورق فقط في تلك الجزر البعيدة التي لا تحاسب شركاتها ضريبيا، مما يؤدي إلى انهيار الحصيلة الضريبية للدول، وبالتالي إلى التأثير سلبا في قدرة الدول على تقديم خدمات التعليم والصحة والطرق وغيرها لمواطنيها، وهو ما قد يؤدي مع الوقت إلى أزمات اقتصادية يدفع ثمنها الفقراء وأصحاب الدخول المتوسطة، ويؤدي بالتبعية لاحتقان سياسي واجتماعي".

وعن مصر قال أسامة دياب، "على عكس دول أخرى وردت في وثائق بنما المنشورة حتى الآن، فإن الحكومة المصرية لم تعلن بدء التحقيق في المعلومات التي جرى الكشف عنها حتى الآن. لكن يكفي النظر إلى ما نشر عن الدفعة الأولى من وثائق بنما والتي تعلقت بشركة واحدة فقط مسجلة في ملاذ ضريبي واحد فقط، لتجد أن شبكة استثمارات تلك الشركة في مصر تضم عشرات الشركات المصرية من أسمنت السويس والبنك الوطني المصري ومجموعة طلعت مصطفى القابضة وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية إلى شركة إيديتا للصناعات الغذائية، وشركة الوادي القابضة، وشركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية (المصريين) وغيرها. كل تلك الاستثمارات تحقق أرباحا لعلاء وجمال مبارك دون أن نعلم شيئاً عنها أو عن تحصيل ضرائبها".

وعن الأضرار الاقتصادية الأخرى، تابع "هناك جانبان آخران لا يتم التطرق لهما بشكل كاف، وهما تأثير تلك الممارسة على أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وكذلك على دقة بيانات الاستثمار التي يصيبها الكثير من التشوه لدرجة قد تنزع كل وأي معنى منها".

وأوضح أن "أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة يعانون من ضعف قدرتهم التنافسية مقارنة بنظرائهم من الشركات الكبيرة بسبب عدم قدرتهم على بناء تلك الشبكات المعقدة من شركات (الأوفشور) التي تسمح لهم بتخفيض فاتورتهم الضريبية وبالتالي تعظيم أرباحهم. فوفقا لدراسة لعبد الفتاح الجبالي اعتمادا على بيانات الضرائب الرسمية في 2009، فإن شركات الأشخاص التي يقل حجم أعمالها عن 2 مليون جنيه قامت بدفع نحو 28% من أرباحها كضرائب، أما الشركات التي زاد حجم أعمالها على مليار جنيه، فدفعت فقط 3.5% من أرباحها كضرائب، وهو ما يشكل خطراً اقتصادياً ومجتمعيا باعتبار أن الأعمال الصغيرة والمتوسطة تشكل الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أيضا المشغل الأكبر للمصريين".

وشدد "أما على مستوى البيانات، فإن كل هذه الشركات (الأوفشور) عندما تعيد استثمار أرباحها في مصر تسجل ورقيا بوصفها استثمارات أجنبية برغم تملكها لمصريين، وفي الكثير من الأحيان تعامل قانونيا معاملة الاستثمارات الأجنبية من حيث القدرة على اللجوء للتحكيم الدولي الذي كبد الموازنة المصرية مؤخرا مليارات الدولارات. ولذلك نصحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا (OECD) في تقرير أصدرته في فبراير 2015، باستبعاد الاستثمارات التي تمر عبر شركات "الأوفشور" من بيانات الاستثمار الأجنبي، لأنها تشوِّه تلك البيانات بما لا يتيح الاعتماد عليها. ففي بعض الدول مثل لوكسمبورج وهولندا فإن نسبة استثمارات "الأوفشور" التي تمر فقط من تلك الدول ولا تقدم أي قيمة فعلية للاقتصاد أو المجتمع تصل إلى 90% من إجمالي حجم الاستثمارات "الأجنبية". وتوصي المنظمة لذلك بأن يتم أيضا تجميع بيانات عن الدولة المستثمرة الفعلية (Ultimate Investing Country) بهدف وجود بيانات دقيقة عن الاستثمار الأجنبي في الدولة المستقبلية لتلك الاستثمارات".

وخلص إلى أنه "للأسف لا يتم تطبيق ذلك في مصر، فوفقا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار، فإن الاستثمارات القادمة من شركات "الأوفشور" المسجلة في الملاذات الضريبية تحتسب بشكل عادي كاستثمارات أجنبية مثلها مثل الاستثمارات الحقيقية القادمة من أي دولة أخرى".

وزاد "فنجد أن من أكبر الدول المستثمرة في مصر دويلات صغيرة جدا مثل جزر الكايمان والجزر العذراء البريطانية، متفوقة على استثمارات دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وهو أمر بلا شك عبثي جدا".

وانتقد تعامل مصر مع الوثائق، قائلا: "مر أكثر من شهر دون أن تتخذ الحكومة أو القضاء أو البرلمان أي إجراءات بشأن تلك الممارسات، نستطيع طبعا أن نفعل ما تفعله الدول الفاشلة والمارقة (أو "أشباه الدول") من وصف وثائق بنما على أنها مؤامرة بهدف زعزعة الثقة بالمناخ الاقتصادي، ومن الممكن أن نفعل ما تفعله الدول الناجحة من التعامل مع وثائق بنما كفرصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية لعلاج كل هذه الاختلالات الهيكلية والمعلوماتية بهدف تحقيق الصالح العام وزيادة موارد الدولة".

هذا وكان الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، أطلق الإثنين  الموافق 9 مايو، قاعدة البيانات الكاملة للأشخاص والشركات الذين يمتلكون شركات مسجلة في الملاذات الضريبية، والتي تم جمعها من محتويات 11.5 مليون وثيقة سرية لشركة موساك فونسيكا للمحاماة في بنما.

التعليقات (1)
هاني
الأربعاء، 11-05-2016 11:31 م
اسنثمرو بمشاريع الجيش النعفيه من كل الضرائب ولا تخسر ابدا .