تفيد تقارير ديبلوماسية عليا ان جون كيري فوجئ خلال زيارته الأخيرة لموسكو عندما قدم له سيرغي لافروف مسودة دستور سوري جديد، وطلب منه درسه وإبداء الملاحظات عليه، تمهيدا للتوصل إلى مسودة مشتركة تقوم كل من موسكو وواشنطن بتسويقها لدى حلفائهما!
هذه المعلومات ظلّت موضع شكوك وتساؤلات، إلى أن جاءت تصريحات لافروف أول من أمس لتؤكّدها عندما أعلن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الأرجنتينية سوزانا مالكورا، أنه "من المتوقع ان يتفق الأطراف السوريون المتفاوضون في جنيف على مسودة دستور جديد، وأن ذلك الدستور سيُعتمد كأساس للانتقال إلى النظام الجديد، على أن يتم تنظيم انتخابات جديدة مبكرة"!
من الضروري الانتباه إلى أن هذا الكلام جاء وقت كان بشار الأسد يجري أول من أمس انتخابات نيابية، اعتُبرت مسخرة المساخر في نظر المعارضة والأمم المتحدة وعدد كبير من الدول، بما يعني أنها لن تلبث أن تفقد معناها الدستوري والتمثيلي، وخصوصا بعدما تحدث لافروف صراحة عن انتخابات مبكرة، بما يعني أن الإنتخابات التي أجراها الأسد مجرد إجراء مرحلي، هدفه عدم السماح بحصول فراغ في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أكثر من مسخرة المساخر، أن تكون مسودة الدستور السوري الجديد كتبت في روسيا وأن "الشركاء" الأمريكيين تسلموا نسخة عنها لإبداء الملاحظات تمهيدا لتسويقها لدى حلفائهم، ولا يهمنا هنا ماذا سيكون رأي الأسد الذي لن يقدم أو يؤخّر، بل ماذا سيكون رأي الإيرانيين الغارقين في الوحول السورية، إلا إذا كان الأمر سيوفّر لهم حجة للخروج من المأزق المتزايد الذي يواجههم!
ما هو أكثر من المسخرة أن يواصل فلاديمير بوتين والجوقة السياسية سواء في موسكو أو في طهران الحديث عن حق الشعب السوري في تقرير مصيره، في حين يقوم الروس بكتابة مسودة دستوره الجديد نيابة عنه، ويتولى الأمريكيون وضع الملاحظات عليها تمهيدا لتسويقها، والأصدق لفرضها على السوريين.
في هذا السياق لست أدري ما الفرق بين بشار الأسد عندما يجري انتخابات المسخرة، ولافروف الذي يكتب دستور المسخرة، وكل ذلك باسم الشعب السوري ونيابة عنه، وقت بات أكثر من نصف الشعب السوري إما في القبور وإما في اللجوء.
الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره وهو صاحب الحق الوحيد في هذا الشأن، صحيح تماما ولكن أين هو الشعب السوري اليوم، مليونان ونصف مليون في تركيا، ومليونان في لبنان، و800 ألف في الأردن، وأكثر من أربعة ملايين في التيه داخل سوريا، والأسد يجري انتخابات نيابة عن الشعب ولافروف يكتب الدستور لهذا الشعب... ويحدثونك حرام عن حق السوريين في تقرير مصيرهم!
عن صحيفة النهار اللبنانية
1
شارك
التعليقات (1)
لحسن عبدي
السبت، 16-04-201603:23 م
ومعارضة الرياض تبحث عن كرزاي سوريا ، بوحي امريكا !؟