مدونات

الحرب الأهلية في اليمن: حقائق صادمة

عادل دشيلة
عادل دشيلة
تجار الحروب وصناع القرار في اليمن يتقنون الحروب إتقانا ملفتا للنظر، فهم يفجرون الحروب عندما يرون الشعب قد سئم من ممارساتهم، فلو عدنا للوراء قليلا لوجدنا أن حروب اليمن السابقة كانت تحت يافطات كاذبة؛ فتارة من أجل الشعب وتارة من أجل مكتسبات الثورة وتارة من أجل محاربة الجماعات المسلحة والطائفية وتارة من أجل تنزيل الجرعة السعرية كما حصل مؤخرا عندما خرجت بعض الجماعات المسلحة ضد حكومة الوفاق الوطني وكانت شعاراتها من أجل الشعب ومن أجل تنزيل جرعة المشتقات النفطية، ولكن ظهر لاحقا أن كل تلك اليافطات لم تكن إلا وسيلة لتفجير الحرب ضد الخصوم من أجل مصالح طائفية وسياسية ضيقة لا غير. وهناك نوع آخر من تجار الحروب يقولون إن هذه الحرب هي من أجل السلام كما تدعي حكومة المنفى وهلم جرا.

لا نعلم هل تجار الحروب عرفوا إلى أي مدى أوصلوا الشعب اليمني اليوم بسبب جشعهم على السلطة؟ ألم يتعلم هؤلاء من الحروب السابقة التي خاضوها فيما بينهم؟ فعلى سبيل المثال الحروب التي خاضها الرفاق في الجنوب اليمني في ثمانينيات القرن الماضي لم ينتصر فيها أحد. سؤال آخر هل انتصر تجار حروب المناطق الوسطى في 1978-1983؟ هل انتصر تجار الحروب في صعدة 2004 -2009؟ هل كان هناك منتصر ومهزوم في الحروب السابقة؟ وهل سينتصر تجار حروب 2015-2016؟ الجواب حتما لن ينتصر أحد على أحد وإنما سيكون الضحية في هذه الحرب الملعونة هم شباب اليمن وخيرة رجاله الأفذاذ. على تجار الحروب أن يتعلموا من حروبهم السابقة، لكن يبدو أنهم لا يريدون أن يتعلموا فقد طغت النزعة الشيطانية على قلوبهم وأصبحوا لا يؤمنون إلا بلغة الدم والقتل حسبنا الله ونعم الوكيل.

 نعم تجار الحروب في اليمن يحملون عقول البشر وقلوب الوحوش المفترسة التي لا تؤمن إلا بالوحشية، فهم يظنون أنه كلما استمروا في القتل فإن الناس سوف يستسلمون ويسلمون بالأمر الواقع، لا يا عزيزي اعتقادك خاطئ، الشعب اليمني شعب لم يذل ولم يهزم، هذا شعب يحمل جينات العزة والكرامة ولم يستسلم يوما ما وكتب التاريخ القديمة والحديثة تقول ذلك.

الحرب الأهلية القذرة باليمن أضرت بمصالح البسطاء، فعلى سبيل المثال هناك أصحاب محلات تجارية أٌغلقت محلاتهم بسبب الحرب، وللعلم أنها، أي هذه المحلات، مصدر رزقهم الوحيد، وهناك أصحاب مطاعم وورشات ومخابز أغلقت محلاتهم... الخ. أما أصحاب البسطات والعربيات فحدث عن ظلمهم ولا حرج. أما المهمشون أو ما يسمون بالأخدام وعددهم يقدر بحوالي 10% من سكان البلاد، أغلبهم يعيش تحت الطرابيل ويتمركزون في ضواحي المدن اليمنية خصوصا بالعاصمة صنعاء وتعز وأب وعمران والحديدة وعدن وبعض المحافظات الأخرى وهم أغلب المتضررين من هذه الحرب بحسب تقارير المنظمات الدولية، وإذا كانت التقارير الدولية تتحدث وتقول إن 80%من أطفال اليمن يعانون من نقص الغذاء، فإن أطفال طبقة الأخدام يعانون من عدم توفر الغذاء. وقد صدر نهاية الشهر الماضي تقرير من منظمة اليونيسيف تحت عنوان "الطفولة على حافة الهاوية"، التقرير أكد أن حوالي ستة أطفال يُقتلون أو يُصابون يوميا، كما أكدت منظمة اليونيسيف مقتل أكثر من ألف طفل وإصابة حوالي 1300 طفل في هذه الحرب لكن الرقم الحقيقي هو أكثر من ذلك بكثير. بالإضافة إلى أن هناك أكثر من مليوني يمني مشرد بسبب الحرب والمئات من المرضى يموتون بسبب عدم توفر الدواء باليمن ناهيك عن الأزمة التعليمية فأغلب أطفال اليمن خارج المدارس. وهناك منظمات دولية نشرت تقارير مخيفة حول عسكرة الأطفال في اليمن. كما أن منظمة الأمم المتحدة نشرت في أحد تقاريرها أن هناك أكثر من 6000 ألف أزهقت أرواحهم في هذه الحرب المجنونة.

الحرب الأهلية سببت مشاكل لا يمكن حلها على مدى العشر السنوات القادمة فأغلب البنى التحتية مدمرة ناهيك عن المنازل والجسور وووو. هذه هي نتائج الحرب الأهلية التي سببتها مليشيات القرن الواحد والعشرين اليمنية قبل أي طرف آخر، كما أننا لا نبرئ الطرف الإقليمي من ارتكاب جرائم بحق الأبرياء سواء بقصد أو بغير قصد.

 نقولها وللمرة الألف أن تجار الحروب يعيشون في كهوف وقصور وفنادق فارهة، فجزء من تجار الحروب يعيش في فنادق خمس نجوم في الرياض وجزء يعيش تحت الأرض في صنعاء ولا زال يحلم بالعودة إلى الماضي، وجزء يعيش داخل كهف محصن لن تصل إليه حتى القنابل النووية ولا يزال يحلم بعودة مملكة أجداده، وجزء يعيش في القاهرة وعمان ومسقط ودول الخليج وبيروت وطهران ولندن والقائمة تطول. نعم تجار وسماسرة الحروب يعيشون في أضخم القصور في داخل اليمن وخارجه، أما الشعب اليمني المسكين فهو يعيش تحت أزيز الطائرات وفوهات المدافع والرشاشات والقناصات والألغام التي وضعتها فيروسات القرن الواحد والعشرين في الجبال والسهول. طبعا ضحايا هذه الألغام دائما هم رعاة الغنم والأطفال والنساء.

هكذا هو حال تجار الحروب في اليمن، فمتى ما كان النصر حليفهم فهم يستمرون في القتل، وإذا رأوا أن الأمور لا تسير في صالحهم تراهم يجنحون للسلم ويلبسون ثياب الوطنية وإبداء مشاعر الخوف على أبناء اليمن والنظر للمستقبل بعمق، وتراهم ينادون ويشجبون ويدعون إلى التعقّل والحكمة والحوار، والحقيقة أنه من أجل ترتيب بعض الأوراق ومن ثم يشعلون الحرب!!!

نتمنى أن لا يكون مصير مؤتمر الكويت مثل المؤتمرات السابقة وأن لا يكون مجرد إعادة ترتيب بعض الأوراق ومن ثم إشعال الحرب من جديد. 

* كاتب يمني مقيم بالهند
3
التعليقات (3)
العتيلي
الأربعاء، 05-08-2020 10:07 ص
ليست حرب اهلية يا مغفل بل حرب سعواماراتية امريكية صهيونية بامتياز وسيمتص اليمنيون مهما ضحوا وسيهزم جمع الشيطان انشاء الله
يمني ينشد الخير لأمته
السبت، 16-04-2016 09:10 م
يارب احفظ اليمن
رفيق ابو قصي
السبت، 16-04-2016 07:43 م
عشت ايها الكاتب الوطني وعاش قلمك الحر فقد اوجزت في وصف الحاله وابنت كيف يتغذى الانتهازيون على دماء شعوبهم وجعلت حالة اليمن هي حالتك المدروسه كونها بلدك ايها الحر الابي