نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا حول الدور الذي أدّته كل من
إيران وروسيا في
سوريا، والمبررات التي اعتمداها بغية فرض هيمنتهما على المنطقة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه كل من الولايات المتحدة وروسيا، والذي دخل حيّز التنفيذ منذ 26 شباط/ فبراير، ساهم بشكل كبير ليس فقط في تهدئة الأوضاع، وإنما أيضا في عودة المظاهرات إلى الشوارع.
وذكرت الصحيفة، أن الأمم المتحدة استطاعت أيضا الدخول إلى مناطق الغوطة بهدف تقديم المساعدات الإنسانية، على الرغم من أنها تبقى قليلة مقارنة باحتياجات السكان الذين كانوا محاصرين هناك منذ فترة. وذكر سكان في هذه المناطق أنهم استمعوا من جديد إلى الشعارات التي تدعو إلى سقوط النظام، ورأوا أعلام الثورة التي لوّح بها العشرات في الشوارع، كما أعربوا عن فخرهم بالسوريين الذين لم ينسوا الهدف الذي قامت من أجله الثورة، على الرغم من الحصار والجوع الذي أجبرهم على تغيير أولوياتهم اليومية.
ونقلت الصحيفة تصريح المختص في الشأن السوري والباحث في جامعة إدنبرة، توماس بييري، الذي اعتبر أنه على المدى القصير، سيكون هناك تداعيات سلبية للهدنة، نظرا لأنها لا تدعو إلى "وقف الأعمال العدائية" وإنما إلى الحد من هذه الأعمال إلى إشعار آخر. وبالتالي، فإن نظام الأسد واصل تنفيذ هجماته المدروسة والمدعومة بغارات جوية روسية على جبهات استراتيجية، خاصة داخل مناطق من اللاذقية باتجاه محافظة إدلب والغوطة الشرقية قرب دمشق.
واعتبرت الصحيفة أن الدول المشاركة في الحرب في سوريا، خاصة إيران وروسيا، أصبحت تعمل على تشكيل المعادلة السياسية في البلاد، حيث تراجعت الدعوات للمطالبة بتنحي الأسد عن السلطة، وأصبحت من أولويات هذه الدول تحديد المصالح الجيوسياسية والقضاء على تنظيم الدولة.
وتتحدث الصحيفة عن تراجع تنظيم الدولة داخل الأراضي السورية بسبب القصف الروسي، والعمليات العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. ولكن يبدو أن هذا التنظيم غيّر من استراتيجياته القتالية، خاصة عندما انسحب من القتال على الجبهة الغربية، حتى يحافظ على قدراته العسكرية ويباغت خصومه بهجمات سريعة.
وتحدّثت الصحيفة عن مشاركة إيران في الحرب السورية؛ ولطالما زعمت بأن الهدف الأساسي من تدخلها هو، في مرحلة أولى، فرض النظام على خلفية الفوضى التي كانت تشهدها سوريا إثر الاحتجاجات الشعبية، وفي مرحلة ثانية، القضاء على تنظيم الدولة الذي سيطر على أجزاء في البلاد، وهي ذريعة استخدمتها إيران كذريعة للتقرب من الغرب. كما أن إيران لطالما سوقّت لنفسها على أنها المدافعة عن سوريا حتّى لا يتكرّر السيناريو الأفغاني، مع سيطرة حركة طالبان على البلاد.
لكن الصحيفة تلفت إلى أن انطلاق الاجتجاجات في سوريا عام 2011 كان هدف كل من إيران وحزب الله وروسيا منه، إبقاء نظام الأسد على قيد الحياة.
وقالت إن التحالف الإيراني الروسي بُني على مصالح وأهداف مشتركة. فهما تارة تستهدفان مواقع تابعة لتنظيم الدولة وتارة أخرى تهاجمان جبهة النصرة وغيرها. ووفقا للخبير، كليمون تيرم، فإن
روسيا سيطرت تماما على جدول أعمال الأزمة السورية، ويعدّ ذلك بمنزلة انتصار جديد لسياستها.
ورأت الصحيفة أنه لا وجود لحلّ عسكري للأزمة السورية، ما يدلّ على أن الخطة الروسية الإيرانية نجحت في إجبار الغرب على القبول ببقاء الأسد في السلطة، خاصة مع المحاولات المتكررة لإقصاء المعارضة والوقوف منذ البداية في صف الأسد.