ملفات وتقارير

هل تفصل "النهضة" التونسية بين الدعوي والسياسي؟

تمثل حركة النهضة التيار الإسلامي في تونس منذ تأسيسها في 1972 - أرشيفية
تمثل حركة النهضة التيار الإسلامي في تونس منذ تأسيسها في 1972 - أرشيفية
كشف قيادي في حركة النهضة التونسية، أن الرأي العام داخل الحركة، وخاصة في الصف القيادي، مقتنع اليوم بضرورة إحداث تطوّر حقيقي في منهجية الحركة، لمواجهة التحديات القائمة.

وأوضح رئيس لجنة الإعداد المضموني للمؤتمر العاشر لحركة النهضة، عبدالرؤوف النجار، أن التطور المراد تحقيقه يقتضي الخروج من حالة المراوحة بين الحزب والحركة، إلى حالة حزب سياسي ديمقراطي ذي مرجعية إسلامية.

وأضاف لـ"عربي21": "هذا الحزب يكون وطني الانتماء، منفتحا على جميع التونسيين والتونسيات، يولي العدالة الاجتماعية وقضايا التنمية أولوية قصوى في توجهاته، ويحمل تطلعات شرائح المجتمع الواسعة، ويعتمد الوسائل الحديثة في العمل السياسي والإدارة الناجعة والحوكمة الرشيدة".

أوضاع الحركة الداخلية

وأكّد النجار أنّ مؤتمر النهضة القادم سيتناول بالأساس أهم القضايا المطروحة على البلاد "وسنقدّم إجابات واضحة على أهم الأسئلة والتحدّيات الكبرى التي نعيشها، وخاصة على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي، وفي اتجاه تعزيز التجربة الديمقراطية الناشئة"، على حدّ وصفه.

ولفت إلى أن المؤتمر المنتظر عقده خلال آذار/ مارس، أو نيسان/ أبريل 2016 "يُعدّ فرصة حقيقية لتطوير أوضاع الحركة الداخلية، مستفيدين من عملية التقييم التي قمنا بها لتجربتنا الطويلة لمرحلتي ما قبل الثورة وما بعدها".

وتابع بأن اللجنة المضمونية للمؤتمر العاشر ركّزت جهدها على عدّة ورقات أساسية؛ أبرزها المشروع السياسي، والرؤية الاقتصادية والتنموية للحركة، وعلاقة الحزب بالشأن المجتمعي العام الذي يشمل النواحي الثقافية والدينية والجمعياتية، والمنطلقات الفكرية للحزب واللائحة الهيكلية.

الانفتاح على الكفاءات

وفي ما يتعلّق برئاسة الحركة؛ قال النجار إن الأولوية في أشغال المؤتمر القادم "ستكون أساسا؛ القيام بالإصلاحات الهيكلية المطلوبة للحزب على نحو تتحقق فيه خصائص الديمقراطية ثقافة وممارسة بشكل أعمق"، وفق تعبيره.

وأوضح أن المطلوب في المحطّة السياسية القادمة للحزب؛ هو "مأسسة العمل وتقنينه في كل المستويات، وتطوير التنظيم من خلال التجديد القيادي، والانفتاح على الكفاءات والإطارات القادرة على قيادة الدولة وإدارة الشأن العام".

وأشار إلى أن من صلاحيات المؤتمر انتخاب القيادة الجديدة للحزب "الأقدر على تحقيق تطلعات أبناء الحركة، والقيام بهذه الإصلاحات في إطار الخط السياسي المتفق عليه".

وقال النجّار إن المقاربة الإصلاحية لحركة النهضة وخطّها التجديدي؛ سيؤهلانها اليوم أكثر لأن تكون حزبا سياسيا جماهيريا "يعمل من أجل مصلحة شعبه؛ لبناء مجتمع عادل يضمن حياة كريمة لكل التونسيات والتونسيين"، بحسب قوله.

مراجعة المواقف السياسية

ورصدت "عربي21" أبرز التصريحات الإعلامية لقياديي النهضة، المتعلّقة بالمؤتمر العاشر، حيث قال الأمين العام للحركة علي العريض قبل أيام، إن النهضة "ستراجع رؤيتها الفكرية، ومواقفها السياسية، وقوانينها الأساسية، والهياكل المبنية عليها، كي تصبح حزبا كبيرا ديمقراطيا ووطنيا".

من جانبه؛ قال رئيس كتلة "النهضة" بمجلس نواب الشعب نور الدين البحيري مؤخّرا، إنّ المؤتمر القادم سيثبت أنّ "النهضة حزب وطني منفتح على كل الكفاءات الوطنية والشخصيات التي يمكن أن تقدم إضافات نوعية له، وخاصة من بين المبدعين والشباب والنساء".

وأكد مسؤول الإعلام والاتصال بالحركة، النائب العجمي الوريمي، في حوار صحفي، أن المؤتمر "سيكون استثنائيا، وسيبتّ في طريقة ترتيب العلاقة بين البعد السياسي، وبين البعدين الثقافي والدعوي"، لافتا إلى أن الحركة "لا تتطور عبر الهروب الى الأمام، وإنما بالمراكمة، والتدرج العقلاني، والتفاعل الخلاّق".

الفصل بين الدعوي والسياسي

أما النائب والقيادي بحركة النهضة حسين الجزيري؛ فقال إن المؤتمر المقبل لـ"النهضة" سيكون مناسبة للتجديد والنقد الذاتي، والاستفادة من تجربة الحركة في الحكم، مشيرا إلى أن الحركة "ترغب  في الانفتاح على المرأة غير المحجبة، والاقتراب أكثر من الشباب".

وأوضح الجزيري في تصريح إذاعي، أن الحركة "ستعمل على الفصل بين الدعوي والسياسي، وبين السياسة والثقافة"، مشيرا إلى أن الثقافة تظلّ نقطة ضعف الحركة، بالإضافة إلى علاقتها بالفنون عموما؛ من مسرح وسينما وغيرها.

وأضاف أن "النهضة" يسيطر عليها الفكر المحافظ التقليدي، مؤكدا أن الحركة "لم تفهم المرأة والشباب التونسي كما يجب، وترغب في  الانفتاح على فئات أخرى غير موجودة ضمن الحركة".

يُشار إلى أن "النهضة" المشاركة في الائتلاف الحكومي؛ هي حركة تمثّل التيّار الإسلامي في تونس، تأسّست في عام 1972 باسم "حركة الاتجاه الإسلامي"، ثم غيّرت اسمها إلى "حركة النهضة" في عام 1989.

وخلال حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي؛ تعرّضت الحركة للقمع والاضطهاد، وألقي بعدد من قياداتها في السجون، فيما هُجّر آخرون سنوات طويلة، قبل أن يعودوا إلى الساحة السياسية في تونس بعد سقوط نظام بن علي في 14 كانون الثاني/ يناير 2011.
التعليقات (0)