يوم الأحد الماضي قالت شركة كهرباء إسرائيل إنها حصلت على حكم دولي يلزم الهيئة العامة المصرية للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، بدفع تعويض لها قيمته 1.76 مليار دولار، إضافة إلى بعض الفوائد والنفقات القانونية، بسبب توقف مصر عن تصدير الغاز إلى إسرائيل في 2012.
الحكم أصاب غالبية المصريين بالصدمة لأنه يجعلنا ندفع هذا الرقم الكبير.. ولمن؟ لإسرائيل، ونحن أحوج ما نكون لكل دولار!.
كثيرون كتبوا وسيكتبون عن هذا الحكم، وبطبيعة الحال سيخرج بعض «المتحمسين» للمطالبة بعدم تنفيذ الحكم، وقد نستمع إلى بعض «المطبعين» يطالبون بتوقيع المزيد من اتفاقيات استيراد الغاز من إسرائيل، لوقف تنفيذ الحكم!.
الكلمات التالية ليست موجهة إلى هذين النوعين، بل هي تخاطب الأسوياء والعاقلين لعلنا نستفيد شيئا، ولا نكرر الوقوع في نفس الأخطاء.
المتابع لقضايا التحكيم الدولي المرفوعة على مصر طوال الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، سيكتشف أن حكومات ما قبل الثورة قد وقعت هذه الاتفاقيات و«كأنها كانت شاربة حاجة صفرا»، وأن حكومات ما بعد الثورة تعاملت مع هذه القضايا بإهمال وعشوائية وحسن نية شديد أوصلنا إلى هذه الحالة الكارثية.
قرأت للزميل المحترم مصباح قطب على صفحته الخاصة يقول: «في التحكيم الدولي مافيات وألاعيب وعبر»، القول صحيح تماما ويستلزم بالتالي أن نكون على معرفة بما يحدث في هذا المجال، قبل أن نوقع على أي عقد يتضمن التحكيم.
الآن علينا أن نسأل كيف وصلنا إلى هذه الحالة التي تجعل كل من هب ودب يستولي على ما تبقى لنا من دولارات قليلة؟!.
لو تأملنا قضية فندق سياج بين الحكومة المصرية ومستثمر مصري يحمل الجنسية اللبنانية أتاحت له رفع القضية أمام أحد محاكم التحكيم الدولي الأوروبية، سيكتشف أن وجيه سياج حصل على حكم بتغريم الحكومة المصرية خمسة ملايين جنيه لأنها استولت على أرض كان يملكها في طابا. لحكومة تكاسلت أو أهملت أو طنشت ولم تنفذ الحكم وتدفع الغرامة، فذهب الرجل إلى التحكيم الدولي وحصل على حكم يلزم الحكومة بدفع 74 مليون دولار.
لو أردنا أن نستفيد مما حدث أخيرا، فعلينا أن نفتح ملف كل الاتفاقيات التي وقعناها مع أجانب أو حتى مستثمرين محليين تتيح لهم رفع قضايا أمام مراكز التحكيم الدولي في أوروبا.
علينا أن نسأل أولا: كيف وقعنا اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل عام 2005 وكيف قبلنا هذا السعر المتدني، هل لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي فقط، أم كان لاعتبارات اقتصادية، ومن الذى استفاد، ودور حسين سالم، ثم لماذا ألغينا الاتفاق، وهل حسبنا المسألة جيدا حتى لا نقع في المصيدة التي وقعنا فيها؟!.
علينا أن نسأل سؤالا بديهيا: على أي أساس وافقنا على تصدير الغاز لإسرائيل وقتها، ثم اكتشفنا الآن أننا في حاجة لاستيراده ومن إسرائيل أيضا؟!.
علينا أن نسأل أيضا: ما هي الكمائن الأخرى المماثلة التي نوشك على الوقوع فيها؟!.
علينا أن نسأل أين خبراءنا القانونيون؟ وأين كبار «ترزية القوانين» الذين يعرفون كيف يكتبون عقودا لا توقعنا في نفس هذه المطبات؟!.
علينا أن نسأل هل حسبت الحكومة الأمور جيدا وهي تتخذ قرارات «شعبوية» لإرضاء الرأي العام، فيما يتعلق ببعض القضايا، التي جعلتنا نفرح قليلا، ثم فوجئنا أنه ينبغي علينا دفع «دم قلبنا» لأننا لم ندرس الأمور جيدا؟!.
والأهم علينا أن نسأل هل الاتفاقيات الجديدة التي نوقعها مع الأجانب، تنبهنا فيها إلى مثل هذه المواد المفخخة التي قد تكلفنا مليارات أخرى؟!.
والسؤال الأكثر أهمية: هل حسبنا جيدا تداعيات ومكاسب وخسائر الاتفاقيات أو الصفقات المزمع توقيعها مع دولة الاحتلال الصهيونية؟!
علينا أن نتعلم من كل الكوارث والمصائب وألا نكرر الأخطاء بنفس الرتابة والملل، لدرجة أننا صرنا مثل سيزيف الذي حكمت عليه الآلهة الإغريقية بالغضب وجعلته يحمل الصخرة فوق رأسه ويصعد إلى أعلى قمة الجبل ثم تقع منه الصخرة إلى أسفل الوادي فينزل ليحملها بنفس الوتيرة في رحلة عذاب أبدية إلى ما لا نهاية.
عن صحيفة الشروق المصرية
2
شارك
التعليقات (2)
محمد العالى
الأربعاء، 09-12-201502:32 م
قبل ان نسال كل الاسئله ده فيه سؤال مهم علينا ان نسال هل فيه سياسيين بجد فى مصر هل فيه قانونيين عندهم ضمير واخيرا علينا ان نسال مبارك وشلته عن الغرامه الماليه والزامه بدفعها لشركائه الاسرائليين
مختار
الأربعاء، 09-12-201509:23 ص
تسائلت عن ترزية القوانين فأخبرك أنهم لا يفهمون من القانون سوى ما يرضى الحاكم ويكبل الشعب المصرى بمعن انهم للاستهلاك المحلى فقط, فلو كان عندنا قانونيون ما تمت هذه العقود من الأساس.
لقد أدرجت أن هذه العقود الخفية من الأمن القومى فسؤالى هنا هل الأمن القومى هو حماية ما يتعلق باسرائيل
ان المعاملات الاقتصادية ليس بها مجاملات أو تنازلات لأى سبب بل مصلحة الدول هى التى تتحكم بالأمر ومصلحتنا كمصر كانت فى البيع بالسعر العالمى لأى دولة مهما كانت علاقتنا بها
لماذا قام رئيسك الدكر بالتنازل عن حق مصر فى مياه النيل لأثيوبيا عندما وقع مذكرة التفاهم ولم تعترض بل مازلت تؤيده, ولماذا قام بالتوقيع على صفقات عسكرية بعشرات المليارات فى وقت الخزينة خاوية من العملة الاجنبية وأيضا لم تعترض,ولماذا سمح رئيسك الدكر بوجود قوات أجنبية تفتش المسافرين فى المطارات المصرية متجاهلا أمن مصر القومى
لعنة الله عليكم فقد ضيعتم البلد بكتاباتكم مقابل حفنة من الدراهم