صحافة دولية

صحيفة إيطالية تتساءل: ما هو دور النساء في تنظيم الدولة؟

رغم عدم الاعتماد على النساء في المعارك إلا أن التنظيم يهتم بجذب النساء لمهام أخرى - أرشيفية
رغم عدم الاعتماد على النساء في المعارك إلا أن التنظيم يهتم بجذب النساء لمهام أخرى - أرشيفية
نشرت صحيفة "ليبيرو كوتيديانو" الإيطالية تقريرا حول استراتيجية تنظيم الدولة لاستقطاب النساء، وقالت إن المخابرات الإيطالية والفرنسية على حد السواء، حذرت خلال الأشهر الماضية من أن تنظيم الدولة أطلق حملة دعائية ضخمة لاستقطاب النساء عبر شبكة الإنترنت.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "الخليفة" أبو بكر البغدادي يريد ضمان مستقبل التنظيم، عبر اعتماد برنامج يشبه إلى حد كبير البرنامج الذي اعتمدته النازية الألمانية ("برنامج ليبنزبورن)، بهدف تنشئة أطفال متطرفين يحملون فكر التنظيم.

وأضافت الصحيفة أن التنظيم يريد من خلال هذا البرنامج تنشئة جيل متشدد دينيا، كما أنه يريد استقطاب عدد كبير من الفتيات المسلمات اللواتي يعشن في أوروبا والملتحقات حديثا بالإسلام، من أجل تزويجهن من حوالي 60 ألف من مقاتلي التنظيم.

وذكرت الصحيفة في السياق ذاته، أن المخابرات الإيطالية لاحظت في الفترة الأخيرة تكرار الدعوات عبر الإنترنت للهجرة، التي يقصد بها العودة إلى البلدان الإسلامية، بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في عدد المواقع المتشددة الموجهة حصريا للنساء، وهي مواقع يقوم تنظيم الدولة عبرها بنشر أفكاره حول الزواج "الإسلامي"، وإنجاب الأطفال، وتربيتهم على العنف والتضحية بالنفس في سبيل ما يؤمن به التنظيم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في المخابرات الإيطالية قوله: "إن تنظيم الدولة مهتم بشكل خاص باستقطاب الفتيات الفرنسيات والإيطاليات اللواتي يتمتعن بجاذبية كبيرة لدى مقاتليه، ولذلك يقوم بجهد كبير لإقناعهن بالالتحاق بمعاقله في سوريا والعراق، حيث إن أغلب هؤلاء الفتيات اللواتي يكن غالبا قاصرات، يتم تمويل رحلاتهن من خلايا التنظيم في أوروبا، وعندما يصلن إلى سوريا يتم تكليفهن بتوفير المتعة للمقاتلين، وإنجاب الأطفال لضمان مستقبل الخلافة".

وذكرت الصحيفة أن سبب اهتمام تنظيم الدولة بالفتيات الأوروبيات هو أنه من الصعب إيجاد زوجة سورية أو عراقية سنية لمقاتلي التنظيم الأجانب؛ لأن عائلاتهن ترفض ذلك، ولذلك يفضل أغلب المقاتلين البحث عن زوجة أوروبية، فيما تعتبر الملتحقات حديثا بالإسلام المفضلات لديهم.

من جهتها، تناولت صحيفة "كورييرا ديلا سيرا" الإيطالية؛ مشاركة امرأة أمريكية من أصل باكستاني تدعى "تاشفين مالك" في هجمات سان برناردينو في الولايات المتحدة، قالت فيه إن التنظيم بدأ يعتمد بشكل متزايد على النساء لتنفيذ الهجمات الانتحارية، وإيقاع أكبر ضرر بأعدائه.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تاشفين مالك التي نفذت الهجوم في سان برناردينو بصحبة زوجها، هي التي قامت بإقناع زوجها سيد فاروق باعتناق الفكر المتطرف، بعد أن تحولت هذه المرأة -التي وصفها المحامي بأنها ربة بيت هادئة، ووصفتها أخت زوجها بأنها خجولة، وهي لديها طفل صغير يبلغ من العمر ستة أشهر- إلى امرأة ترتدي النقاب وتتقن استعمال البنادق.

وأشارت الصحيفة إلى أن تاشفين ليست أول امرأة تشارك في عملية مسلحة، فقد سبقتها في ذلك امرأة أخرى من أصل باكستاني تدعى عافية صديقي، وهي طبيبة أعصاب انضمت لتنظيم القاعدة، وهي تقضي الآن عقوبة بالسجن في ولاية تكساس، وقد عرض تنظيم الدولة في السابق مبادلتها بالرهينة الأمريكي جيمس فولي.

ونقلت الصحيفة عن "ميا بلوم"، أستاذة الاتصال في جامعة جورجيا، والباحثة في مسألة النساء الانتحاريات، قولها: "إن حالة تاشفين تشبه إلى حد كبير حالة امرأتين استغلهما تنظيم القاعدة في سنة 2005 لتنفيذ هجمات انتحارية في العراق، وهما "ساجدة ريشاوي" و"ميريال ديغوج" اللتان كانتا أكثر تطرفا من زوجيهما. وقد اعتنقت ريشاوي التطرف بصحبة أخيها الذي أصبح مسؤولا في تنظيم القاعدة في العراق، بعد مقتل ثلاثة من إخوتها على يد قوات التحالف الدولي، وذات يوم دخلت هي وزوجها إلى فندق في العاصمة الأردنية بهدف تنفيذ عملية انتحارية، ولكن حزامها الناسف تعطل ولم تنجح في تفجير نفسها. أما ميريال ديغوج، البلجيكية التي اعتنقت الإسلام في وقت متأخر، فقد كانت حينها أول أوروبية تقوم بعملية انتحارية".

وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة كان حتى وقت قريب يتحاشى إسناد أي دور قتالي للمرأة، وحتى في حالة الفرنسية "حياة بومدين"، التي رافقت أحمدي كوليبالي منفذ الهجوم على المتجر اليهودي بعد هجمات شارلي إيبدو في باريس مطلع هذا العام، فإنها رغم مشاركتها معه في التحضيرات، لم تشارك فعليا في الهجمات، بل هربت قبل خمسة أيام من موعد تنفيذها في كانون الثاني/ يناير 2015، ثم ظهرت في لقاء مع مجلة "دابق" التي يصدرها تنظيم الدولة، ولم تشجع المنتميات إلى تنظيم الدولة على القتال، وطالبتهن بالتركيز على تقديم الإسناد لأزواجهن وآبائهن وإخوانهن المقاتلين.

واعتبرت الصحيفة أن تنظيم الدولة يركز على استقطاب النساء أكثر من بقية التنظيمات المسلحة، ويشمل ذلك نساء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدول الغربية أيضا، وهو يسند إليهن دور الأم والزوجة، كما أنهن يقمن باستقطاب فتيات أخريات عبر الإنترنت، ويضطلعن في بعض الحالات بدور الطبيبة أو المدرّسة، ويشاركن أيضا في دوريات شرطة الأخلاق، ولكنهن في كل الحالات لا يشاركن في القتال.

وقالت الصحيفة إن إحدى أبرز الملتحقات بتنظيم الدولة، وهي "أقصى محمود" التي كانت تدرس في جامعة غلاسكو في أسكتلندا، كتبت رسالة من سوريا في 2014، قالت فيها إن العمليات الانتحارية بالنسبة للنساء ممنوعة في الوقت الحاضر، لأن هنالك عددا كبيرا من الرجال الذين ينتظرون دورهم للقيام بهذه العمليات، في انتظار ما سيحدث في المستقبل.

وقالت الصحيفة إن التنظيم يمكن أن يقوم ببعض الاستثناءات، فرغم أن منشوراته الدعائية تؤكد أن جهاد المرأة هو "رعاية الأبناء والطبخ والخياطة"، فإنه يمكنهن من تفجير أنفسهن أو إطلاق النار إذا تعرضن للهجوم في منازلهن أو أي مكان آخر من قبل "الكفار"، أو بطلب من أمير التنظيم.
التعليقات (0)