حملت الأخبار من لبنان في الأيام القليلة الماضية عدة مؤشرات إيجابية، وكان أولها اللقاء الذي جمع رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري برئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية قبل أسبوعين في باريس وما قيل عن دعم ترشيح الحريري لفرنجية لرئاسة الجمهورية مما أدى لتحريك الملف الرئاسي وبداية الحديث عن العمل لتسوية شاملة للوضع اللبناني، ولا سيما بعد الدعوات المتكررة التي أطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله من اجل الوصول إلى هذه التسوية والتي تشمل الملف الرئاسي وملف الحكومة وملف قانون الانتخابات.
وأما الخبر الثاني السار من لبنان فكان عملية إطلاق العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة منذ حوالي السنة والأربع أشهر، وقد تمت العملية بتعاون من دولة قطر وجهود مكثفة بذلها المسؤولون اللبنانيون ولاسيما مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والذي حرص خلال إلقاء كلمته عند استقبال العسكريين إلى توجيه شكر خاص لكل من رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله نظرا للجهود التي بذلاها ولا سيما مع أمير قطر للإسراع بإتمام الصفقة، مما يؤكد أن عملية الإطلاق تمت في إطار ترتيب الوضع اللبناني في موازاة الجهود التي تبذل دوليا وإقليميا لترتيب الملف السوري وفقا لبيان اجتماع فيينا الأخير.
وقد تزامنت هذه التطورات الايجابية في لبنان مع حراك إقليمي – دولي من خلال سفراء ومبعوثي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أوروبية وغربية أو من خلال تحركات سفيري قطر والسعودية وكذلك عبر تحرك إيراني لافت في سوريا ولبنان قام به مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، الدكتور علي أكبر ولايتي الذي تحدث عن إشارات إيجابية على صعيد الوضع اللبناني والسوري.
إذن، فنحن أمام مؤشرات إيجابية على الصعيد اللبناني تتزامن مع استكمال تنفيذ بنود اجتماع فيينا بشأن عقد اجتماع لقوى المعارضة السورية في السعودية والتحضير للقاء جديد على مستوى ممثلي الدول المعنيين بمتابعة الأزمة السورية، ورغم عملية إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي فقد لوحظ أن جميع الأطراف الدولية والإقليمية كانت حريصة على عدم السماح بتحول هذا الاشتباك إلى حرب إقليمية أو دولية واستمرار الجهود لمعالجة الأزمة السورية وتوحيد الحرب على تنظيم داعش.
لكن هل تعني كل هذه الأجواء أن مسار التسوية في لبنان والمنطقة قادم وبسرعة في المرحلة المقبلة؟
مصادر سياسية مطلعة في بيروت تؤكد أن عملية التسوية بشأن الملف الرئاسي اللبناني أو بقية الملفات الأساسية أو على صعيد الأوضاع في المنطقة لا تزال تتطلب جهودا إضافية محلية وإقليمية ودولية لأنه لا تزال هناك العديد من العقبات التي ينبغي تذليلها ومعالجتها.
فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الحراك اللبناني بشأن الملف الرئاسي وطرح رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري اسم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، وبذل الجهود الجبارة لإنجاح صفقة إطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى جبهة النصرة لم يكن ليحدث لولا أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تريد الإسراع في ترتيب الوضع اللبناني بموازاة ما يجري من تحركات بشأن الأزمات في المنطقة.
كل ذلك يؤكد أننا اليوم أمام مسار جديد وانه رغم حدة الصراعات الإقليمية والدولية فإن الأطراف الأساسية تريد الوصول إلى حلول لمختلف الأزمات بسبب تزايد المخاطر الأمنية والعسكرية والأوضاع المالية والاقتصادية المتفاقمة وعلى أمل أن تكون المؤشرات الإيجابية القادمة من لبنان إشارة واضحة لإمكانية تدحرج الحلول والتسويات للأزمات في المنطقة.