ملفات وتقارير

هل عزل الإمام الجوادي في تونس "ذو طابع سياسي"؟

الجوادي أوقف على ذمة التحقيق بتهمة "جمع الأموال" - أرشيفية
الجوادي أوقف على ذمة التحقيق بتهمة "جمع الأموال" - أرشيفية
تسارعت الأحداث في قضية عزل الشيخ رضا الجوادي، الإمام الخطيب بجامع اللخمي بمحافظة صفاقس التونسية، بعد قرار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية، مساء الاثنين، الاحتفاظ به، إلى جانب رئيس فرع بنكي، بسجن الإيقاف، على ذمة التحقيق، في شبهة فساد تتعلق بجمع أموال دون احترام الإجراءات القانونية، طالت هيئة تسيير الجامع.  

واعتبر المحامي أحمد المعالج، المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الجوادي، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا للأنباء" الأربعاء، أن الملاحقة القضائية التي يخضع لها موكله "كيدية، وذات طابع سياسي"، في إشارة إلى تداعيات قرارات وزير الشؤون الدينية الأخيرة بعزل عدد من الأئمة. 

أساليب تسيير

وأضاف المعالج أن "الحجج التي بنت عليها وزارة الشؤون الدينية القضية؛ هي بالأساس فتح حساب بنكي باسم الجامع، وجمع تبرعات من خلال معلوم عقود القران، وهي أساليب تسيير معمول بها في هذا الجامع منذ نحو 30 سنة من مختلف الهيئات المتعاقبة عليه".

وأكد المعالج أن الوزارة كانت على علم بجريان العمل باعتماد آليتي الحساب البنكي ومقتطع التبرع، منذ أكثر من ثلاثة عقود، مشيرا إلى أنه "في صورة الإقرار بوجود جريمة في الموضوع؛ فمن المفروض أن تكون قد سقطت بمرور 20 سنة، كما يقتضي القانون، وإن لم تكن قد سقطت؛ فإن سكوت وزارة الشؤون الدينية عن تتبع هيئات التسيير المتعاقبة على الجامع؛ من شأنها أن يجعلها شريكا في الجرم ومحل تتبع قضائي"، وفق قوله.

وكانت النيابة العمومية أذنت قبل ذلك بإيقاف إمام جامع اللخمي السابق، وأمين مال هيئة الجامع، وأمين المال المساعد، وهما خبيران محاسبان، من أجل شبهة جمع أموال دون احترام الإجراءات القانونية ومخالفة قانون المساجد.

قرار الإيقاف مفاجئ

وأكد القيادي بحزب النهضة العجمي الوريمي، في تصريح إذاعي، أن الحركة تفاجأت بقرار إيقاف الإمام الجوادي، معربا عن خشيته من أن يكون لهذا الإيقاف علاقة بإمامة هذا الأخير خطبة الجمعة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع لمنسوب التوتر والاحتقان بمحافظة صفاقس، على حد قوله.

وشكك القيادي في الحركة، وليد البناني، في التهم الموجهة للجوادي، نافيا في تصريح إذاعي وجود أي علاقة لـ"النهضة" بالإمام المعزول.

حملة ضد أئمة الاعتدال

من جانبه؛ ربط مكتب حركة النهضة بصفاقس في بيان له، الثلاثاء، بين إيقاف الجوادي، وبين "الحملة التي تشنها وزارة الشؤون الدينية، بقصد عزل أئمة عرفوا بالاعتدال والوسطية، والدفاع عن السلم الأهلي في أصعب فترات مرّت بها البلاد، ما ساهم في جعل المحافظة عصية على الإرهاب ومظاهره"، بحسب نص البيان.

وعبّر المكتب عن خشيته من إقحام وتوظيف القضاء في هذا الموضوع، محذرا من أن تكون المحافظة "بوابة لبعض المغامرين بمصلحة البلاد واستقرار نظامها السياسي، عبر جر الجهة إلى مزيد من الاحتقان والاضطراب، والدفع نحو الفتنة".

طريقة مارسها النظام القديم

ودافع عبدالوهاب معطر، القيادي في حزب "المؤتمر من أجل الجهورية" ووزير التشغيل في حكومة الجبالي، عن الجوادي، معتبرا أن الملاحقة القضائية الموجهة إلى الإمام المعزول؛ قائمة على "تهم كيدية وباطلة".

وأضاف المحامي معطر في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "القضية ملفقة، واستهداف الجوادي يذكر بالطريقة التي مارسها النظام القديم ضد المناضلين في التسعينات"، معتبرا أن "توجيه أصابع الاتهام للجوادي؛ هدفه خلق فتنة في البلاد؛ لخدمة أجندات سياسية واضحة".

وكان الجوادي صرح لوسائل الإعلام قبيل استنطاقه من قبل الشرطة العدلية، مساء الاثنين، بأنه "سيواجه استبداد وزير الشؤون الدينية"، معتبرا أن ما يحدث له "مؤامرة".

سياسة الماضي

واعتقلت قوات الشرطة الأسبوع الماضي، عددا من أنصار الجوادي، إثر منعهم من إقامة صلاة الجمعة للأسبوع الثاني على التوالي في جامع "اللخمي"، فيما قرّر وكيل الجمهورية بصفاقس الإفراج عنهم في وقت متأخر من مساء الاثنين الماضي، وإحالتهم على المحكمة؛ لمقاضاتهم في حالة سراح، بتهمة "الإخلال بهدوء المسجد، وإحداث الهرج والتشويش بداخله، ومنع الإمام من أداء الصلاة".

وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي؛ انتقد في تصريح إعلامي منذ أيّام، قرار وزارة الشؤون الدينية عزل عدد من الأئمة الخطباء، واصفا القرار بـ"العشوائي، والتعسّفي الذي يقدّم خدمة للإرهاب".

وتابع قائلا: "نحن ضد العزل التعسفي للأئمة، وضد العودة إلى سياسة النظام السابق التي يسلكها الوزير القائم"، رافضا ما أقدم عليه وزير الشؤون الدينية عثمان بطّيخ "الذي ينتهج سياسة الماضي من خلال تجفيف المنابع" على حد تعبيره.

وكان الوزير بطيخ قد وصف الجوّادي في حوار تلفزيوني، بُثّ على القناة الوطنية منذ أشهر، بـ"التكفيري المتطرف"، قائلا إنه "يخرج في المظاهرات مع المصلّين، ويردد الله أكبر".

ويوجد في تونس حوالي خمسة آلاف مسجد وجامع، تخضع جميعها لمراقبة وزارة الشؤون الدينية، التي تتولّى تعيين الأئمة والمؤذّنين والقائمين عليها.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل