كتاب عربي 21

على ماذا حصلنا نحن؟

علي باكير
1300x600
1300x600
أما وقد حصل أوباما على اتفاقه النووي مع إيران، فلم يعد من المهم متابعة تصاعد حجم الإرهاب الإيراني العلني في المنطقة. الكثير من البروبغندا الإعلامية عن انعكاسات الاتفاق على السلوك الإيراني بشكل إيجابي مع القليل من الوعود عن ضمان أمن الحلفاء يكفي. هكذا هي النظرة على ما يبدو من شبّاك الإدارة الأمريكية الضيق للمشهد الإجمالي.

خلال الشهرين الماضيين، أي بعد الاتفاق النووي مباشرة، تصاعد حجم الإرهاب الإيراني الرسمي في المنطقة بشكل علني غير مسبوق. لقد كان هذا الأمر متوقعا بالنسبة إلى الذين يعرفون السلوك الإيراني جيدا، أما أولئك الحالمين المتأمّلين أن يغيّر الاتفاق النووي من السلوك الإيراني فقد أصيبوا بخيبة أمل على ما يبدو. 

حتى الآن تمّ إحباط ثلاثة مخططات إرهابية إيرانية كبرى على الأقل في المنطقة، واحدة في الكويت هي الأضخم والأشهر في تاريخ هذه الدولة، وواحدة في البحرين التي تعوّدت على السلوك الإيراني القذر وتم على إثرها طرد السفير الإيراني من البحرين، وواحدة في اليمن كانت تهدف إلى اعادة تزويد ميليشيات الحوثي بالأسلحة والذخائر بحرا في محاولة من نظام الملالي على ما يبدو لإطالة الصراع هناك من أجل إغراق المملكة العربية السعودية.

عدا عن هذه العمليات الإرهابية الكبرى التي تمّ إحباطها في كل من الكويت والبحرين واليمن بعد الاتفاق النووي مباشرة، شرعت إيران إثر حصولها على بضعة مليارات من الدولارات من بعض الدول التي أفرجت عن أموالها أو أزالت العقوبات عنها كجنوب أفريقيا وسويسرا، في الاستثمار في دعم الإرهاب الإقليمي مجددا على مستوى أعلى.

تشير التقارير إلى أن إيران صعّدت من حملات تجنيد المقاتلين في الميليشيات الشيعية العراقية التي تعمل تحت أمرتها وسرّعت من عمليات إرسالهم إلى سوريا. كذلك الأمر بالنسبة إلى  المقاتلين المرتزقة من جنسيات مختلفة غالبا ما يطغى عليها الأفغاني ومن ثم الباكستاني وأخرى من آسيا الوسطى وأفريقيا، ناهيك عن زيادة عدد قوات الحرس الثوري وقوات الجيش الإيراني. بعض هذه التقارير يقدّر بانّ إيران أرسلت منذ بدء العدوان الروسي على سوريا حوالي 1500 عنصر، وذلك تحضيرا لإطلاق عملية بريّة واسعة النطاق بغطاء جوي روسي في ظل تنسيق رباعي (روسي-إيراني- عراقي- أسدي).

سمعنا كثيرا بعد الاتفاق النووي أن إيران ستلعب دورا بنّاءً بخصوص الملف السوري، لكن هذا الطرح البناء لم يكن حقيقة أكثر من إعادة الاستثمار بشكل أكبر في دعم الإرهاب والنظام الإجرامي في سوريا وتعطيل الإصلاح في العراق وتقوية شوكة الميليشيات هناك على حساب المؤسسات بالإضافة إلى متابعة خرق الالتزامات الدولية المفروضة عليها في ما يتعلق بالاتفاق النووي وفي غيره من الالتزامات المتعلقة بالجوانب العسكرية الإيرانية. 

على سبيل المثال، شرعت طهران وفق ما تمّ نشره في وسائل الإعلام الإيرانية والروسية في والروسي في شهر أغسطس/ آب الماضي، في التحضير لحملة مشتريات وشراكات عسكرية مع موسكو عبر صفقات شراء وإنتاج طائرات هليكوبتر وشراء طائرات مقاتلة (سوخوي- إس يو 30)، وطائرات مدنية نوع (سوخوي-سوبر جيت 100)، ناهيك عن نظام الدفاع الصاروخي (إس-300) والتعاون العسكري والتقني المرتقَب مع روسيا، كل ذلك يتم الآن بالرغم من أن الاتفاق النووي لا يرفع العقوبات المرتبطة بالتسلح عن إيران إلا خلال خمس سنوات وفي بعض الحالات خلال ثماني سنوات.

بطبيعة الحال هذا مؤشر عن الكيفية التي تتعامل إيران فيها مع التزاماتها المترتبة عليها حتى بموجب الاتفاقات التي وافقت ووقّعت عليها بنفسها. هناك تجاهل واضح للمحاذير وفي بعض الأحيان يمتلك النظام الإيراني تفسيراته الخاصة به للحقوق والواجبات.

في الأسبوع الماضي، قامت إيران بالإعلان عن تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى يدعى "عماد" في تأكيد واضح على تفسيرها الخاص للاتفاق النووي وفي انتهاك أوضح لقرار مجلس الأمن 1929. ماذا كان رد فعل إدارة أوباما على الموضوع؟ اكتفت بالقول بأنّها سوف تشتكي إيران لدى الأمم المتحدة! يبدو الأمر أشبه بالمهزلة. المفارقة أن قرار مجلس الأمن هذا المذكور كانت إدارة أوباما قد خففت صيغته عمدا في القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2231 المعني بالاتفاق النووي مع إيران وذلك لإرضاء الجانب الإيراني!

لم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل قام نظام الملالي بالكشف لأول مرّة على الإطلاق (بالفيديو والصور) عن قاعدة عسكرية ضخمة لإطلاق الصواريخ البالستية كان قد أنشأها تحت الأرض بعمق نصف كلم! لا شك بأنها رسالة من تحت الأرض أخطر ما فيها أنها مؤشّر على إمكانية وجود المزيد من المنشآت المحصّنة تحت الأرض (النووية ربما) والتي لا يعرف العالم عنها شيئا كما كان الأمر بالنسبة إلى منشأة فوردو .

في المحصلة، ما نريد قوله هو انّه لم يعد من المهم حقيقة بالنسبة لإدارة أوباما ما تفعله إيران في المنطقة، فهو حصل على اتفاقه النووي الذي يريده ونحن حصلنا على إيران أكثر عدوانية وأكثر هجمية وووحشية!    
0
التعليقات (0)

خبر عاجل