سياسة عربية

مظاهرات في تونس ضد قانون "المصالحة" مع رجال أعمال فاسدين‎

حذرت منظمات محلية ودولية من خطورة تمرير القانون لما ينطوي عليه من تشجيع للفساد - أ ف ب
حذرت منظمات محلية ودولية من خطورة تمرير القانون لما ينطوي عليه من تشجيع للفساد - أ ف ب
تظاهر آلاف التونسيين، السبت، في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس، ضد مشروع قانون "المصالحة" مع رجال أعمال وموظفين كبار فاسدين، وذلك رغم حظر السلطات للتظاهر بموجب حالة الطوارئ المفروضة منذ يوليو/تموز الماضي.

وبعد أخذ ورد وجدل بين الحكومة والمحتجين، على قانون المصالحة الاقتصادية، سمحت الداخلية للمتظاهرين بدخول شارع بورقيبة، وسط العاصمة، وذلك وسط تعزيزات أمنية مكثفة، وتفتيش لأغراض المحتجين، خوفا من تسرب إرهابيين بين المحتجين.

ومن المتوقع أن يستمر التظاهر طيلة يوم السبت، على اعتبار أن المعارضة غير موحدة، وهناك دعوات لتنظيم ثلاث مسيرات، من قبل جهات مختلفة، وهي تكتل "الجبهة الشعبية" اليساري، وأحزاب تنسيقية المعارضة المكون من خمسة أحزاب ذات توجهات اجتماعية، وتقود المسيرة الثالثة حركة "ماناش مسامحين" مع بعض المنظمات الأهلية.

المحتجون رفعوا شعارات منددة بـ"تبييض" الفساد، في علاقة برفض لقانون المصالحة الاقتصادية، الذي تقدم به الرئيس التونسي، الذي رأت فيه المعارضة أنه تطبيع مع الفاسدين من رجال أعمال وكبار موظفين، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الذي أسقطته ثورة 14 يناير 2011.

ورفع المحتجون، خاصة من أنصار الجبهة الشعبية، وهم في غالبيتهم ينتمون لتنظيمات يسارية راديكالية شعارات تندد بالتحالف الحكومي الحالي، الذي يجمع حزب "نداء تونس" المحسوب على النظام القديم، وحزب "النهضة" الإسلامي.

وردد المتظاهرون شعارات مثل "شعب تونس شعب حر...والفساد لن يمر" و"المحاسبة استحقاق... يا عصابة السراق".

كما رددوا شعارات مناهضة للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الذي اقترح مشروع القانون، ولحزبه "نداء تونس" ولحركة النهضة الإسلامية شريكته في الائتلاف الحكومي الرباعي.

وينتمي المتظاهرون إلى أحزاب معارضة مثل "الجبهة الشعبية" ، وأحزاب "الجمهوري" و"التكتّل" و"التحالف الديموقراطي" "والتيار الديموقراطي وحملة "مانيش مسامح" (لن أسامح) التي أطلقها نشطاء ليست لديهم انتماءات سياسية معلنة.

كما رفع المشاركون في مسيرة "ما نيش مسامح" شعار الثورة التونسية "الشعب يريد إسقاط النظام".
وتميزت مظاهرة اليوم السبت، بوجود تنظيم أمني كبير، وذلك بعد الاحتجاجات على التعاطي مع عدد من المظاهرات خلال الفترة الأخيرة، إذ استعمل الأمن حينها القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين.

من جهة أخرى، لم يكن الحضور الجماهيري لهذه المظاهرة في مستوى التعبئة والحشد الإعلامي الذي قامت بها أحزاب المعارضة والمنظمات الأهلية المعارضة، لتمرير قانون المصالحة مع الفاسدين من رجال أعمال وكبار موظفين.

وبحسب المراقبين للمشهد السياسي التونسي، فإن المعارضة وبرغم عدم جماهريتها وضعفها البنيوي و تشتتها بسبب حرب "الزعامات"، إلا أنها نجحت في الإبقاء على حيوية "الحراك الثوري" في الشارع، وأيضا في الخطاب الإعلامي والسياسي، كما أجبرت الحكومة على التراجع في منع التظاهر، بحجة حالة الطوارئ والتهديدات الإرهابية.

ومنذ الصباح اغلقت الشرطة كل منافذ شارع الحبيب بورقيبة بالحواجز الحديدية وأخضعت الوافدين إليه للتفتيش.

وأغلقت وزارة الداخلية شارع الحبيب بورقيبة منذ الإثنين الماضي ولمدة 6 أيام بسبب "تهديدات إرهابية" قالت إنها تستهدف أماكن "حيوية" فيه ولوحت بـ"تطبيق القانون" على من يتظاهر في الشارع.

وفي منتصف تموز/يوليو الماضي، تبنت حكومة الحبيب الصيد "مشروع قانون أساسي يتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي"، الذي اقترحه الرئيس قائد السبسي، وأحالته على البرلمان للمصادقة عليه.

ويقضي مشروع القانون الذي رفضته أحزاب ومنظمات تونسية وأجنبية ونقابات، بوقف محاكمة رجال أعمال وموظفين كبار في الدولة، متورطين في جرائم فساد مالي شرط أن يعيدوا الأموال المستولى عليها.

ومؤخرا، دعت منظمة الشفافية الدولية البرلمان التونسي إلى "عدم المصادقة" على مشروع القانون، محذرة من أنه "سيشجع" على الفساد و"اختلاس المال العام" في حال تمريره.

وكان فساد نظام بن علي وعائلته وأصهاره، من أبرز أسباب الثورة التي أطاحت به في 14 كانون الثاني/يناير 2011.

والجمعة حذرت "جمعية القضاة التونسيين" النقابة الرئيسية للقضاة،  في بيان من أن "تمرير هذا القانون رغم مخالفته للتنصيصات الدستورية ولمنظومة العدالة الإنتقالية، والجدل الحاد الذي ثار بشأنه داخل مكونات المجتمع المدني والسياسي وشرائح عريضة من المجتمع التونسي، سيكون من الخيارات غير المحسوبة العواقب التي يجب تجنبها".
0
التعليقات (0)

خبر عاجل