ساء بعض الإخوة الأحبة مقالي الأخير (أزمة الإخوان في قياداتها)، وبخاصة عندما رأوا تهليل وتطبيل مواقع وكتاب من معسكر السيسي للمقال، ولذا تعمدت أن أجعل عنوان مقال اليوم: بين تلامذة الإخوان، وعبيد السيسي، فهناك فرق كبير بين التلامذة والعبيد، التلميذ يتعلم من أستاذه، كما أنه وفيُّ لمدرسته، يناقش معلمه، ويستفيد منه، ويخالفه أحيانا، ويأخذ منه ويترك، كل ذلك وأستاذه فرح به، وبنقاشه، وبنبوغه في هذا النقاش، ويظل التلميذ وفيا محبا لمدرسته، يحب أن تكون مدرسته أفضل مدرسة في الوجود كله، فلا يحب أن يرى فيها نقصا يقدر أهلها على إتمامه، أو خللا بإمكانهم علاجه.
أما العبد، فهو رهن سوط سيده، يلوح له به، فيعض هذا، وينهش ذاك، أينما يوجهه لا يأت بخير، لا يملك من أمره شيئا، فهو يرى بعين سيده، ويسمع بأذنه، ولا يملك إلا أن يردد عواء سيده، فإذا كان القرد في عين أمه غزالا، فالسيد في عين عبيده إله مقدس، حتى لو أحبوا بينهم وبين أنفسهم الهمس بنقده لا يجرؤون، وحتى لو طلب منهم من باب تجميل صورته، فنفوسهم لا تطاوعهم، وأقلامهم لا تجاريهم، فهي نفوس استمرأت الذل والعبودية، فلا تهوى ولا تملك إلا أن تكون عبيدا، والتسريبات التي أذاعتها قناة (مكملين) بينت أنهم عبيد لدى نخاس يدير أمورهم، ويملي عليهم ما يقال..
وعندما يأتي نخاس آخر يدفع أكثر سيتحولون إليه مباشرة. يصور حالهم بدقة، كلمة أحد العبيد عندما سئل: ماذا تتمنى إذا أنعم الله عليك بالحرية؟ قال: أتمنى أن أدخر مالا وفيرا، فسئل: وماذا تفعل بالمال الوفير؟ قال: أشتري به سيدا لي يملكني!!
ولذا لم أُعِرْ أي اهتمام لما نشره وكتبه عبيد السيسي، من أمثال ما كتبه: معتز بالله (عبد الفتاح السيسي)، أو غيره، بما كتبوه من أكاذيب صراح، فليس غريبا على هؤلاء أن يخرج منهم من اتهموا نساء مصر الشريفات بجهاد النكاح، ولا من زوروا أحداث التاريخ، كأحدهم الذي قال: لماذا لا يكون الإخوان كحزب الوفد، كانت تلغى الانتخابات أو تزور ضده، فيعود للجماهير ويعمل معها، ونسي هذا الكذوب أن أشهر فضائح حزب الوفد السياسية هي فضيحة يوم 4 فبراير سنة 1942م، يوم أن حاصرت دبابات الاحتلال الإنجليزي الملك فاروق، ولم تغادره إلا بشرط أن يتولى الوفد الوزارة، وهو ما كان.
أعلم أن الأحبة ساءهم أن يهلل هؤلاء بمقالي، ولكن هل للإنسان الشريف ذنب، إذا مدحته امرأة لعوب من بنات الليل بحسن خلقه؟!
وأعلم أن البعض ساءه أنه ظن أني أنال من الشرفاء من قيادات الإخوان الذين ضربوا أعظم وأنبل ألوان الصبر في السجون والمعتقلات، ومقالي بعيد كل البعد عنهم، وفكرتي لم تتناولهم من قريب أو بعيد، بل كلامي كان عن فكرة ملخصها: أنه آن الأوان أن تتحول الجماعة إلى عمل مؤسسي في القيادة، فيتحول القادة إلى خبراء، وينتقل إلى القيادة غيرهم، وقصدت بذلك كل من تولى مسؤولية داخل الجماعة أو في إدارة الدولة بأي شكل كان حتى انقلاب الثالث من يوليو 2013م..
أي أنني أريد أن يتحول قيادات الإخوان إلى خبراء لا مدراء، وذلك بنقل ما نالوه من خبرة، سواء من تجارب ناجحة، أو حتى من إخفاقات وقعوا فيها، فالمرء يتعلم من النجاح والفشل، من النصر والهزيمة، وهذا ليس عيبا، فتاريخ المسلمين مملوء بمواقف فيها هذا وذاك، بل التعلم أحيانا من الإخفاقات أكثر من النجاحات، وهذا دور من لديه هذه الخبرة في أن يتربى جيل جديد على القيادة على عين القدامى.
فلا ينزعج الأحبة من تلميذ أو أستاذ يمارس النقد لمدرسته، أو لزملائه فيها، فهو علامة صحة وفخر، ولا تبتئسوا بما يروجه العبيد، فليس أمامنا من سبيل، إلا أن نحيا تلامذة شرفاء، لا عبيدا حقراء.
3
شارك
التعليقات (3)
ع.الحفيظ-المغرب
الأربعاء، 15-07-201509:14 م
إن الذي يتلقى الضربات ليس كالذي يحسن عدها إن الذي حيك للاخوان من مكائد لتنوء من حمله الجبال فلا تشمتوا في اخوانكم و لا تخذلوا عنهم و الوقت ليس وقت حساب ، فهم في السجون و أنتم أحرار فانتظروا حتى تتوفر لهم الفرصة ليدافعوا عن أنفسهم. الكلام الذي اوردته يبقى معلقا الى أن يرد عليه المعنيون به الذين يقبعون في السجون، ثم في النهاية هي أقدار الله عز وجل تتصرف. و لتعلم أيها الشيخ أن الممارسة مقرونة بالخطأ و البشر مهما اوتي من الفطنة و العلم ليس معصوما .