رغم هروبها من الأوضاع الصعبة في سوريا ما زالت تعيش أوضاعا صعبة في العراق - أرشيفية
فاطمة عجوز كردية سورية، بلغت السبعين من عمرها، هي واحدة من مئات النساء السوريات اللاجئات اللاتي يعشن في مخيم "كَوره كوسكي" الذي يبعد بضعة كيلومترات عن مدينة أربيل عاصمة إقليم كُردستان العراق، حيث يعيش فيه نحوّ ثلاثة آلاف لاجئ سوري، قدموا من مختلف المدن السوريّة، معظمهم من مدينتي القامشلي والحسكة السوريتين ذات الغالبية الكردية، نتيجة الصراع الدموي الذي تشهده سوريا منذ أكثر من أربع سنوات .
تقف فاطمة في شارعٍ ضيق، يؤدي إلى باب خيمتها، وتبدأ بالحديث عن معاناتها منذ استقرارها هناك، دون مقدمات أو حتى أسئلة، بمجرد أن ترى الكاميرا بيد صحافي هولندي رافق "عربي 21"، ترحبت قائلة : "أهلا وسهلا بك يا ولدي" وتدخل خيمتها.
خيمة صغيرة مقسّمة إلى غرفتين كما لو أنها شقة سكنية، إلى جانب حجرة تقليدية صغيرة للاستحمام، يطل باب الدخول إليها على جهة الجنوب، حيث شمس الظهيرة القاتلة في ضواحي مدينة أربيل، لا يمكن لأحد الجلوس فيها دون آلة تبريد مهما كان نوعها، ذلك أن الحرارة قد تصل في ذاك المكان إلى أكثر من 47 درجة مئوية في فصل الصيف، تعيش فيها فاطمة تلك العجوز الكُرديّة السوريّة مع ابنتها وزوجها بصحبة طفل صغير يبتسم في وسط الخيمة، وابنها الكفيف الذي يبلغ من العمر 16 عاما.
تسرد فاطمة لـ "عربي 21" حكاية لجوئها إلى كُردستان العراق، فتقول: قدمتُ إلى هذا المخيم قبل سنتين من الآن، نتيجة الأوضاع الأمنية الصعبة التي كنا نعيشها في مدينة الحسكة، كالاشتباكات التي تجري بين مختلف القوات العسكرية المتصارعة في تلك المناطق، وكذلك انعدام الماء والكهرباء، ونتيجة غلاء المواد التموينية اللازمة لحياتنا اليومية".
وتضيف: "كان بحوزتي بعض النقود حين نزحت من مدينة دمشق إلى الحسكة، حيث كنت أعيش هناك قبل انطلاقة الثورة السوريّة، لكن ابني الكفيف لا يستطيع العمل، فهو لا يرى شيئا، ويحتاج إلى الرعاية الصحية دائما، لذلك قررنا اللجوء إلى مخيمات كُردستان العراق، خاصة وأن زوجي متوفى منذ سنوات وليس هناك من يعيل أسرتي بعد نفاذ المال الذي كان بحوزتي".
وتشير إلى أنّها اقترضت من بعض أقاربها مبلغا ماليا كبيرا (بالنسبة لها) أثناء مجيئها إلى إقليم كُردستان العراق، لعدم توافر جوازات السفر بحوزتها، وهذا ما جعلها فريسة للمهرّبين الذين يعملون على دخول المسافرين بصورة غير شرعية من الحدود السورية العراقية، حيث دفع كل شخص من عائلتها نحو 300 دولار أمريكي لأولئك المهرّبين مقابل دخولهم إلى أراضي كُردستان العراق .
وتتابع فاطمة حكايتها لـ"عربي 21" قائلة: "المساعدات التي تقدم لنا هنا من مواد إغاثية كالأرز والسكر والزيت، لا تكفينا طوال الشهر، لكن زوج ابنتي يقوم بمساعدتنا من خلال عمله، فهو يدفع لي بعض النقود، لأقوم بإعانة ابني الكفيف، وشراء ما ينقصني من حاجيات".
رفعت يدها ومسحت دمعتين انهمرتا من عينيها الحزينتان وهي تتحدث، وهي تجيب على سؤال "عربي 21": "كيف تصومين في هذا الجو الحار"، قائلة: "إنني مؤمنة بذلك وعلينا القيام بواجبنا الديني مهما كانت ظروفنا، رمضان هو شهر الخير في كل مكان"، بينما تستعد ابنتها لتجهيز وجبة الإفطار للعائلة، فالجميع صائم هنا في شهر رمضان رغم هذه الظروف القاسية على حد وصفهما.