كتب علي بيرام أوغلو: نحن بصحبة رئيس الجمهورية السيد "أردوغان" في رحلة "إثيوبيا- الصومال- جيبوتي". ولكن زيارة السيد رئيس الجمهورية هذه لأفريقيا تحولت إلى زيارة غير عادية! ففي البداية تعرضت مجموعة الحركة الخاصة التي تسير أمام الموكب لغايات التدقيق الأمني إلى هجمة إرهابية، وبعدها جاء خبر وفاة ملك المملكة العربية السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز، فتغير مسار رحلة السيد "أردوغان"، وانتقلوا إلى المملكة العربية السعودية لحضور مراسم الجنازة.
في أول يومين كانت هناك مسألتان تم التركيز عليهما، وهما: العنف، ومدارس "الجماعة".
في كلمته التي ألقاها السيد الرئيس في جامعة "أديس أبابا"، ركز على موضوع الحضارة التي ينتمي إليها، وعلى موقف بلده المعادي للإرهاب قائلاً: "قبل 14 قرناً لجأ خمسة عشر مسلماً إلى إثيوبيا. ولم يطردهم ملك ذاك العصر، ولم يسخر من معتقداتهم، ولم يسب مقدساتهم، ولم يتدخل بعباداتهم، بل إنه لم يسلمهم للظالمين الذين يريدون استعادتهم.
واليوم، إن سألتم بعض المجتمعات والدول والمثقفين، فسيقولون لكم إن العصر السابع كان عصر جهل وتخلف وظلام. ولكننا لأجل هذا نقول إن العصر السابع لم يكن أبداً عصر جهل أو تخلف أو ظلام. ذلك العصر كان عصراً لامعاً حقاً، سواء بالنسبة للمسلمين أم المسيحيين، كان عصراً منيراً، كان عصر صدر الإسلام.
في ذلك العصر الذي يقولون عنه إنه عصر تخلف وظلام، كان للإنسان، بل وحتى للحرب أخلاقها. ما كان لأحد أن يمس النساء والأطفال والشيوخ والعاجزين.. في ذلك المجتمع لم يكن هناك قتل عام، أو إبادات جماعية.
واليوم: القنابل الذرية، والأسلحة النووية، والأسلحة الكيميائية والتقليدية-الموجودة في عصرنا- التي تبيد الناس جماعات جماعات! كل هذا لم يكن أي منه موجوداً في ذلك العصر.
هل الإنسانية تتقدم أكثر؟ أم أنها تتراجع إلى الخلف أكثر؟ يجب مناقشة هذا الأمر اليوم بشكل جدي.
فإن كانت الإنسانية اليوم تقع خلف موقف إثيوبيا النبيل من المسلمين، وخلف تعايش الثقافات المختلفة العظيم الذي كان في العصر السابع فهذا يعني أن هناك خللا واضحا. اليوم على جميع المسلمين في العالم أن يروا هذا، ويقفوا بمواجهة العنف والإرهاب.
أما عن مسألة "الجماعة"، فإن كلمة رئيس الوزراء الإثيوبي "هايله مريم ديساليغنه" التي قالها في اللقاء الصحفي المشترك بخصوص مدارس "الجماعة" مثيرة للانتباه.
"نحن سننتظر موافقة ودعم الحكومة التركية قبل أن نقوم بالتعاون مع أي مؤسسة. حتى وإن كنا في الماضي قد تعاونا مع بعض المؤسسات عن حسن نية، فإن تغيرت ماهيتهم أو هيكليتهم فسنكثف من تماسنا مع الحكومة التركية، ونتصرف بحسب توجيهاتهم".
وكان الجواب على هذا الموقف من قبل السيد "أردوغان" في الاجتماع نفسه بالشكل الآتي: "في الدول التي نذهب إليها، سواء كنت أنا شخصياً، أم رئيس الوزراء، أم الوزراء، فإننا نخبر رؤساء حكومات البلدان عن وضع هؤلاء، ونقول لهم إن بإمكاننا في حال تم إغلاق هذه المدارس أن نقوم بتقديم العلم والخدمات نفسها بواسطة وزارة التعليم، وإن وزراة التعليم الآن على وشك إنهاء تحضيراتها وأعمالها في هذا الاتجاه".
هذه التصريحات والمباحثات الاقتصادية بين البلدين تؤكد موقف تركيا من الإرهاب العالمي، وتظهر أن الجزء الأكبر من طاقتها يعطى للصراع على كل المستويات مع "الجماعة".
(عن صحيفة "يني شفق" التركية – ترجمة وتحرير "عربي21")