مقالات مختارة

انهيار الدعاية السوداء

محمود أوفر
1300x600
1300x600
كتب محمود أوفر: أدلى رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" في مقابلة تلفزيونية مشتركة مع قناتي "أيه تي في" و"أيه خبر"، قبل عيد الأضحى الماضي، بتصريحات مهمة وتاريخية حول الأحداث التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، ومذكرة تفويض الحكومة بإرسال القوات المسلحة خارج الحدود للقيام بعمليات عسكرية إذا اقتضت الضرورة ذلك، وعما يحدث  في منطقة كوباني "عين العرب" التي يواصل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الاعتداء عليها، فضلا عن عملية السلام الداخلي.

وكانت هذه التصريحات بمثابة رسالة واضحة من شأنها إزالة اللبس في السياسة الداخلية، كما أنها سلطت الضوء على أولويات السياسة الخارجية ومرتكزاتها.ومن هذه الزاوية، كانت وجهة نظره المتعلقة بعملية حصار"كوباني" مؤثرة ولها نتائج متعددة.... لأن هناك عملية تدار لتوجيه الرأي العام نحو تركيا بشكل لا يصدقه عقل، وذلك من خلال تنظيم داعش الذي يهاجم "كوباني" منذ عدة أيام.

 وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء داود أوغلو بالنص:"لا نريد سقوط كوباني، فتحنا أحضاننا لإخواننا القادمين من كوباني، ونحن نفعل كل ما في وسعنا حتى لا تسقط."وهذا ما كانت تتوقعه الدوائر السياسية الديموقراطية وشعوب المنطقة من تركيا. لكن لم يمر هذا الأمر دون مقابل. فبعد هذه التصريحات مباشرة، استرد"صالح مسلم" زعيم حزب "الاتحاد الديموقراطي" أنفاسه في أنقرة، وهو الذي اشتهر منذ عدة شهور، بتصريحاته الموجهة ضد تركيا. (يذكر أن صالح مسلم قام بزيارة قصيرة إلى أنقرة لبحث تطورات الأوضاع في كوباني "عين العرب").لكن من غير المعلوم حتى الآن ما الذي قيل في أنقرة، لكن ما ستقوله تركيا، واضحا.

فلقد قدم رئيس الوزراء "داود أوغلو" بعض الاشارات والتلميحات حول ما سيُقال في هذا الشأن، وذلك على النحو التالي:"إذا كان ثمة خطأ ما هناك، فإن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري هو المسؤل الرئيسي عن ذلك. وللأسف الشديد هم من تحالفوا مع النظام السوري. حيث قالوا ( مهما قتل النظام من العرب والتركمان، فلن يخرج لنا صوت مادام لم يقم بنفس الفعل تجاهنا).

وهل سمعتم صوتاً واحداً لحزبي "الشعوب الديموقراطي" و"السلام والديموقراطية" بحق ما يجرى في سوريا من ظلم؟ وهل خرج صوت واحد يسأل قائلاً، لماذا تظلمون التركمان والعرب؟ أما بالنسبة لنا نحن، فالجميع بشر ونَمُد أيدينا إلى الجميع."  وأقول إن تركيا ستحصل على مردود طرحها في هذا الشأن، عاجلا أم آجلا.

حيث إن لقاء رئيس الوزراء "داود أوغلو" مع رئيس حزب "الشعوب الديموقراطي"، "صلاح الدين دميرطاش" أولا، ثم زيارة "صالح مسلم" لتركيا بعد ذلك، لإشارة قوية على فتح صفحة جديدة في المنطقة.

ولا جرم أن هذه الحقيقة نراها في التغير المفاجئ الذي طرأ على الولايات المتحدة الأمريكية. فبعد أن صرح نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بأن "تركيا تدعم تنظيم داعش"، قدم اعتذاره للرئيس التركي "أردوغان"، لكن هذا اعتذار لا معنى آخر له، سوى تلك الحقيقة.

وهكذا فإن الطرح الأمريكي الذي يزعم أن "تركيا تدعم تنظيم داعش"، والذي تحول مع الوقت إلى دعاية سوداء، قد انهار في الداخل والخارج - حتى وإن كان متأخرا-.والآن يمكننا القول إن "كوباني" لم تعد بمفردها.

(عن صحيفة صباح التركية ترجمة "عربي 21" 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2014)
0
التعليقات (0)