ستلقي جريمة اغتيال القواسمي وأبو عيشة التي ارتكبها الاحتلال الثلاثاء بالضفة الغربية، بظلالها على طبيعة تعاطي الوفد الفلسطيني المفاوض في مصر، بالذات من يتبنى النهج المقاوم، ستعمل الجريمة على أن يكون الوفد المفاوض أكثر تمسكا بالمطالب الفلسطينية خصوصا فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى المرتقبة.
وعلى الجانب الأخر تعتبر إسرائيل البعد الأمني هو الأساس، فهي لا يعنيها لا اتفاقيات أو مفاوضات، لذا ستبقى إسرائيل تقتل وتعتقل وتهدم البيوت.
وقد تمكنت قوة إسرائيلية من وحدة "يمام" صباح الثلاثاء 23 أيلول/ سبتمبر الجاري من الوصول لمكان إقامة مروان القواسمي وعامر أبو عيشة وقتلهم بعد اشتباك مسلح، وذلك حسب ما أفادت به مصادر إسرائيلية.
تعليقا على ما سبق، أكد أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم أن إسرائيل "لا تترك أي مسألة أمنية وتتجاهلها وتضعها على الرف، بل تتابعها باستمرار"، موضحا أن "إسرائيل لا يعنيها اتفاقيات ولا مفاوضات، فكل هذا خارج التخطيط الأمني الإسرائيلي، فالبعد الأمني لدى إسرائيل هو الأساس".
وقال قاسم في تصريحات خاصة بـ"عربي21" إن "أي معطيات سياسية لا قيمة لها مادام هناك معطى أمني"، مشددا على أن "إسرائيل ستبقى تتابع وتقتل وتعتقل وتهدم البيوت لأن هذه التصرفات هي رسالتها للطرف الفلسطيني منذ زمن".
وحول تداعيات عملية الاغتيال على السلطة الفلسطينية، أوضح أن "السلطة ضد المقاومة، فهي شجبت واستنكرت عملية خطف المستوطنين الثلاثة، بالتالي من قام بذلك في نظرهم هو مجرم"، معتبرا أن ما قامت به إسرائيل "أراح السلطة الفلسطينية" بحسب تعبيره.
أما بخصوص الموقف الدولي، وانشغاله بالتحالف ضد "داعش"، اعتبر قاسم أن "العالم تحالف ضد داعش، ولم يتحالف ضد إسرائيل، بل تعاون معها بمن فيهم السلطة الفلسطينية"، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي "لن يستجيب للمطالب الفلسطينية لأن موقف السلطة مائع وسخيف"، حسب تعبيره.
ويتهم الاحتلال القواسمي وأبو عيشة أنهما خلف عملية خطف وقتل المستوطنين الثلاثة بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
من جانبه بين المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة ناجي شراب أن "جريمة الاحتلال ستؤثر على طبيعة الحوار بين الفصائل الفلسطينية الموجودة حاليا بالقاهرة، إضافة إلى تأثيرها على واقع المصالحة والتنسيق الأمني مع الاحتلال، والسياسيات الأمنية الفلسطينية"، مستبعدا "انسحاب الوفد الفلسطيني من المفاوضات".
إلى ذلك، وصل صباح الثلاثاء الوفد الفلسطيني المفاوض، الذي من المتوقع أن يناقش العديد من القضايا الفلسطينية الداخلية، التي على رأسها تطبيق بنود اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، الذي تم التوصل إليه قبيل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي استمر 51 يوما.
وسبق تلك الحرب حملة شرسة أطلقت عليها إسرائيل "عودة الأخوة"، للعثور على المستوطنين، واعتقل على إثرها قرابة 773 مواطنًا من الضفة الغربية.
وعودة إلى المحلل السياسي شراب، فقد قال لـ"عربي21": "إن إسرائيل قامت بارتكاب جريمة اغتيال القواسمي وأبو عيشة، سعيا منها لإفشال المفاوضات، ودفع حماس للخروج منها، لأنها تريد إفراغ المفاوضات من مقومات قوتها التي اكتسبتها نتيجة الحرب والمقاومة".
وأوضح أن الاحتلال "استغل هذه العملية لزيادة شعبية نتنياهو المتدهورة، بعد فشله في حرب غزة".
وشدد على أن هذه العملية "ستنعكس على تشدد الموقف التفاوضي الفلسطيني للمقاومة ومن يمثلها، وستكون أكثر تمسكا بالمطالب الفلسطينية خصوصا فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى المرتقبة"، مفسرا الموقف السلبي للسلطة الفلسطينية بعدم الإسراع بالتنديد بالجريمة الإسرائيلية، لأنها تأتي في سياق الخلافات بين الرئيس الفلسطيني وحماس حول عملية خطف المستوطنين في الخليل.
وفي رأي شراب فإن إسرائيل "تسارع على الدوام في إفشال أي محاولات للمصالحة والتقارب الفلسطيني الفلسطيني، وهي ليست حريصة على إنجاح المفاوضات وتحاول خلق حالة من التناقض في الموقف الفلسطيني وتعيق استكمال إنجاز عملية المصالحة الفلسطينية".
وختم شراب حديثه قائلا: "في النهاية موقف السلطة لن يخرج عن إطار التنديد والاستنكار لعلمية العنف بشكل عام، وليس بشكل مباشر".
يشار إلى أنه بعد خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل، أسرع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإدانة عملية الخطف، معتبرا أنها عمل إجرامي.