سياسة عربية

أربعة أحكام في يوم واحد تعزز عري القضاء المصري

من محاكمة معارضي الانقلاب بمصر - ا ف ب
من محاكمة معارضي الانقلاب بمصر - ا ف ب
أصدرت المحاكم المصرية السبت أربعة أحكام في قضايا مختلفة كشفت إلى حد كبير تحيز القضاء في مصر، حيث يقول حقوقيون ونشطاء إن المحاكم تحولت إلى ساحات للانتقام السياسي من معارضي السلطة الحالية بعد الانقلاب العسكري.

ولأنه "بضدها تتميز الأشياء"، كما قال الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي، فقد جاءت الأحكام غاية في القسوة على مناهضي الانقلاب ووصلت إلى حد الإعدام بسبب اتهامات "واهية" ومفبركة - بحسب مراقبين - في مقابل أحكام أخرى بعقوبات مخففة على جرائم كبيرة، متهم فيها مؤيدون للسلطة الحاكمة، لتكشف عدم نزاهة القضاء المصري، وفقا لأهالي ودفاع المحكوم عليهم.

تبرئة الشرطة

وألغت محكمة استئناف القليوبية السبت، حكما بالسجن على ضابط شرطة أدين بقتل 37 متظاهرا من رافضي الانقلاب خلال نقلهم إلى السجن في عربة ترحيلات العام الماضي، في القضية المعروفة بـ "ترحيلات أبو زعبل" وأعادت القضية إلى النيابة العامة لإجراء تحقيق جديد أو حفظ الأوراق.

وكان 45 متظاهرا قد "حشروا" - في شهر آب/ أغسطس الماضي - في عربة ترحيلات تستوعب بالكاد 24 شخصا، وعندما احتجوا على احتجازهم بالعربة لساعات طويلة، أطلق الجنود الغاز المسيل للدموع داخل العربة ما أدى إلى استشهاد 37 شخصا وإصابة اثنين آخرين.

وفي آذار/ مارس الماضي حكمت المحكمة الأدنى درجة التي نظرت القضية، بالسجن 10 سنوات على مقدم شرطة لإدانته بالقتل غير العمد والإهمال الجسيم، فيما قضت بحبس ثلاثة شرطيين آخرين سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ.

وعقب نطق القاضي بالحكم السبت، صاح رجال الشرطة الأربعة المتهمين فرحا وهتفوا "يحيا العدل"،
وهلل داخل القاعة عدد كبير من زملائهم الضباط الذين حضروا للتضامن معهم.

حكم مخفف لمدرب الكاراتيه

وفي اليوم نفسه، قضت محكمة جنح المحلة بالحبس سنتين فقط على مدرب كاراتيه أدين بممارسة الرذيلة مع عشرات السيدات داخل نادي بلدية المحلة، وتصويرهن أثناء مواقعتهن. 

والمتهم أحد كبار مؤيدي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالمحلة، كان عضوا في حملته الانتخابية بالمدينة. 

وكانت وقائع القضية - التي عرفت إعلاميا باسم "نكاح الكاراتيه" - قد تكشفت في نيسان/ أبريل الماضي، حينما تداول نشطاء على الإنترنت مشاهد جنسية للمتهم مع عدد من الزوجات والمطلقات، ترددت أنباء أن بعضهن زوجات قضاة وضباط شرطة، وهو ما أكسب القضية بعدا سياسيا.

واستنكر كثيرون هذا الحكم المخفف على المتهم الذي ثبتت إدانته بارتكاب تلك الجريمة الأخلاقية وعدم إلحاق أي عقوبة بالسيدات المتهمات، وقالوا إن الحكم يكاد يكون دعوة صريحة من المحكمة للشباب لتكرار تلك الممارسات غير الأخلاقية.

تنحي قاضي "حلاوة روح"

وفي اليوم ذاته، تنحى قاض بمحكمة القضاء الإداري عن نظر طعن مقدم من أحد المنتجين على قرار رئيس الوزراء بوقف عرض فيلم سينمائي مثير للجدل.

وقال المستشار حسونة توفيق إنه يستشعر الحرج، ولا يمكنه الاستمرار في نظر طعن منتج فيلم "حلاوة روح" على قرار إيقافه عرضه، وحدد جلسة أخرى لنظر القضية أمام دائرة جديدة.

ويقول مراقبون إن القاضي تهرب من نظر القضية حتى لا يصدر حكم يغضب السلطات الحاكمة التي أوقفت عرض الفيلم بالمخالفة للقانون، بعد انتقادات شعبية بالرغم من حصوله على كل الموافقات اللازمة.

إعدامات جديدة

وقضت محكمة شبرا بإحالة أوراق عشرة من مناهضي الانقلاب إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم بعد اتهامهم بقطع طريق بالقليوبية والتحريض على أحداث العنف ومقاومة الشرطة وإطلاق الأعيرة النارية ما أسفر عن مصرع شخصين وإصابة 30 آخرين.

ومن بين من أحيلت أوراقهم إلى المفتي - وجميعهم هاربون - دكتور عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان الذي يعمل أستاذا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والشيخ السلفي محمد عبد المقصود، ودكتور جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر ودكتور عبد الله بركات عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر.

وحددت المحكمة جلسة الخامس من تموز/ يوليو المقبل للنطق بالحكم في القضية المتهم فيها معهم أيضا 37 آخرون، بينهم المرشد العام للإخوان محمد بديع والداعية الإسلامي صفوت حجازي والقيادي في الجماعة محمد البلتاجي وباسم عودة وزير التموين وأسامة ياسين وزير الشباب، في عهد الرئيس محمد مرسي. 

وليس هذا هو أول حكم بالإعدام على رافضي الانقلاب، حيث سبقه حكمان في نيسان/ إبريل الماضي صدرا من محكمة جنايات المنيا، بإحالة أوراق 528 شخصا ثم 682 آخرين إلى المفتي في قضيتين منفصلتين.

ومعظم المحكوم عليهم بالإعدام السبت، علماء شرعيون، وبعضهم طاعن في السن عاجز عن الحركة بشكل كبير، مثل الشيخ عبد المقصود والشيخ عبد الهادي، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات عن كيفية تنفيذهم هذه الجرائم الخطيرة، وفقا لادعاء المحكمة.

وتعليقا على تلك الأحكام، قال أيمن عبد الغني أمين شباب حزب الحرية والعدالة - عبر صفحته على فيسبوك - إن مصيرها "مزبلة التاريخ"، مضيفا أن "الأعجب منها هو إلغاء حبس من قتل 38 مصريا داخل عربة الترحيلات، أو الحكم على مدرب الكاراتيه بالحبس عامين فقط".

ووصف محمد طوسون، رئيس هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان المسلمين الحكم، بأنه باطل وغير قانوني، مشيرا إلى أنه انتقام سياسي.

فيما أدان "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق" الحكم وطالب في بيان له - حصل "عربي21" على نسحة منه - المجتمع الدولي بالتدخل لوقفه، معربا عن قلقه الشديد من تكرار أحكام الإعدام.
0
التعليقات (0)