إعلام الانقلاب: رقص الانتخابات شعور وطني وتفريغ كبت
القاهرة - أحمد الليثي01-Jun-1402:24 AM
0
شارك
ظاهرة رقص الانتخابات مثار للسخرية - ا ف ب
استمر خلال أيام انتخابات الرئاسة المصرية الرقص أمام لجان التصويت، في استمرار للظاهرة التي عرفتها البلاد منذ انقلاب يوليو الماضي.
وانتشر الرقص في شوارع وميادين مصر، حتى تحول ميدان التحرير - الذي كان مهداً لثورة يناير- إلى ساحة للرقص الساخن، كما أنه لم يسلم ميدانا رابعة العدوبة والنهضة - اللذان شهدا اسشهاد الآلاف من ضحايا الانقلاب العسكري - من حفلات الرقص التي استفزت مشاعر أسر الشهداء.
وحظيت مشاهد الرقص أمام اللجان باهتمام وسائل إعلام مصرية ودولية بحثا عن تفسير لها، خاصة بعدما رأى المصريون سيدات منتقبات يرقصن أمام اللجان بشكل أثار استغراب الكثيرين.
تفريغ للكبت
ورغم انتقاد معارضي الانقلاب وكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لظاهرة الرقص، إلا أن وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب شجعتها، وقالت إنها تعبير عن فرحة المصريين بالانتخابات.
وتساءل مراقبون عن معنى "الاحتفال بالانتخابات"؟ فالعالم كله يعرف احتفال الناس بفوز مرشحهم أو حزبهم في الانتخابات، أما الاحتفال فقط بإقامة الانتخابات فهذه بدعة ابتدعها مؤيدو الانقلاب في مصر.
وقالت الفنانة هالة صدقي - في مداخلة هاتفية مع قناة "التحرير" - إن الشعب المصري كان "مكبوتا" طيلة السنوات الماضية، فلجأ إلى الرقص أمام اللجان الانتخابية في محاولة منه للخروج من حالة الحزن تلك، والاحتفال بالحدث الديمقراطي الذي نشهده.
وكان من أغرب التفسيرات لتلك الظاهرة ما قاله اللواء حمدي بخيب الخبير العسكري، من إن مشاهد الرقص أمام اللجان الانتخابية يعد إحساسا وطنيا من المصريين.
وأضاف "بخيب" في لقاء مع قناة "أون تي في" قائلا: "لا يمكن تفسير الرقص أمام اللجان الانتخابية إلا بأنه تعبير عن إحساس وطني بتنفيذ أحد الالتزامات الرئيسية تجاه الوطن والتي حددتها خارطة الطريق"، وتابع: "قد إيه كم الأمان الذي يشعر به هؤلاء الناس، بعدما قامت الأجهزة الأمنية بدورها، فلو لم يكونوا يشعرون بالأمان لما رقصوا بهذا الشكل في الانتخابات".
رقص المشاهير
وامتدت ظاهرة الرقص أمام اللجان لتشمل المشاهير من المغنيات والممثلات، بعد أن كان قاصرا على عامة الشعب.
وأصرت فنانات ومذيعات مثل ريهام سعيد - مقدمة برنامج "صبايا الخير" - وإلهام شاهين وسما المصري، على الرقص وسط المواطنين أمام اللجان الانتخابية بعد إدلائهن بأصواتهن، بل إن إحداهن ركبت فوق شاحنة صغيرة وتجولت في شوارع القاهرة وهي ترقص فوقها.
وعرضت القنوات التلفزيونية مئات المشاهد لمصريات يرقصن في الشوارع عقب إدلائهن بأصواتهن في الانتخابات.
وعندما سئلت عن سبب هذه الخطوة قالت إنه لحث الناس على المشاركة في الانتخابات والذهاب للتصويت، ولم يعلم أحد حتى الآن الرابط بين الرقص وبين ذهاب المواطنين للجان الاقتراع.
كيد وهوس
وبرزت ظاهرة الرقص في المناسبات السياسية بعد إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو الماضي، حيث لم يخل تجمع لأنصار السيسي من مشهد الرقص الجماعي على أنغام الأغنيات المؤيدة للجيش أو قائد الانقلاب.
من جانبه، فسر الدكتور عمرو أبو خليل أخصائي الطب النفسي، ظاهرة الرقص أمام اللجان في الانتخابات التي تلت الانقلاب العسكري بالكبت أو الهوس أو حب الاستعراض.
وأضاف أبو خليل - خلال مداخلة هاتفية مع قناة الجزيرة مباشر مصر مساء - أن "عدد السيدات اللاتي رقصن لم يكن كبيرا كما يتصور كثيرون، لكن إعلام الانقلاب تعمد التركيز على هذا الأمر وحول مشهد الرقص إلى ظاهرة لتوصيل رسالة سياسية، وهي أن المصريين سعداء بالانتخابات ومتفائلون بالمستقبل".
وحول رقص مؤيدي السيسي في ميداني رابعة والنهضة عقب انتهاء آخر أيام التصويت في انتخابات الرئاسة وظهور مؤشرات باكتساحه النتيجة، قال أبو خليل إن هذا الأمر كان مقصودا لرمزية تلك الميادين لمناهضي الانقلاب، مشيرا إلى أنهم اختاروا تلك الأماكن بدافع "المكايدة السياسية" وحتى يوصلوا رسالة لرافضي الانقلاب بأن اللعبة انتهت".
انتقاد أوروبي
وحظيت الظاهرة بمتابعة إعلامية دولية، حيث أثارت مشاهد الرقص أمام اللجان في الانتخابات المصرية انتباه وسائل أمريكية، وعرض موقع إخباري أمريكي عدة فيديوهات لرقص المصريات تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام التصويت، واختار تسعة مقاطع منها وصفها بأنها الأفضل.
وعلّق موقع buzzfeed على الظاهرة بقوله: "كثير من المصريين اختاروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية، لكن البعض الآخر اختار أن يرقص أمام اللجان".
بدوره، انتقد ماريو ديفيد رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي المكلفة بمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية، ما أسماه بـ "حفلات الرقص والغناء" التي قام بها المصريون أمام اللجان.
وأكد ديفيد أن تلك الحفلات تعتبر من المخالفات الانتخابية، لأن معظمها تم بهدف دعم مرشح محدد وهو عبد الفتاح السيسي.
وقال فؤاد عبد المنعم رياض - أحد المسئولين المصريين المرافقين للبعثة الأوروبية - إن أعضاء الوفد أبدوا تعجبهم من حالة الفرح والرقص التي شاهدوها أمام اللجان، نظرا لأنه مشهد لا يتكرر في بلادهم.
وأوضح رياض - في تصريحات صحفية - أنه قال للوفد إنه "شعور المصريين بالفرح بسبب إحساسهم بأن صوتهم مؤثر، وأنهم استعادوا بلدهم مجددا"!!