فنون منوعة

الأردن.. نوادي القراءة لبناء الإنسان وصُنع الوعي

إقبال الشباب على معرض "نون" للكتاب المستعمل في الأردن - (أرشيفية)
إقبال الشباب على معرض "نون" للكتاب المستعمل في الأردن - (أرشيفية)

يقول جان بول سارتر: إن الكتاب وهو ملقى على الرف أشبه بالجسم الميت تدب فيه الحياة إذا ما امتدت إليه يد القارئ.

وقد امتدت أيادي شباب الأردن إلى الكتب الملقاة على الرفوف، لتحييها في مشاريع ومبادرات عديدة من ثلة آمنوا بأن المعرفة تصنع فرقا وتبني حضارة وتروي ظمأ أمة، فالعلم يغير طموحات الشعوب وتطلعات البشر.

يقول أسامة غاوجي أحد منظمي فريق "إنسان" المعرفي الشبابي في الأردن: إن هناك اتساعا كبيرا في دائرة المهتمين في القراءة، والتفاعل مع المعرفة، وقد يكون هذا التفاعل "احتفاليا" كأن يقرأ الشباب الروايات الأكثر مبيعا؛ لتطوير الذائقة الفنية، والشعور والرؤية الجمالية للعالم، أو تفاعل أيديولوجي بأن يتبنى الفرد خطا معينا ويعمل على البحث فيه.

وأضاف غاوجي لـ "عربي21" إن نادي "إنسان" -أحد المبادرات الشبابية الأردنية في القراءة- يهدف لبناء أسس معرفية في الحضارة، ويطرح نقاطا تتعلق بالنهضة (فلسفية، ودينية)، وجوهر الفكرة خلق متنفس للحوار، وإبداء الآراء، بحيث يصبح الشاب العربي قادرا على طرح الأسئلة، والتحليل بشكل أكبر جدوى، وأعمق، لخلق شخصيات قادرة على التغيير على المستوى الفردي، والمجتمعي.

أما وصفي القدومي، منظم في "نادي انكتاب" في الأردن، فقال: "إن انكتاب وجد لتمكين القراءة، وزيادة الارتباط بالكتاب، عن طريق جلسات حوارية للشباب، والأطفال، بحيث يفتح المجال للتصويت على الكتاب عن طريق الفيسبوك".

وتابع: عند مناقشتنا للكتاب يتم كتابة مراجعات ونشرها على صفحة انكتاب على "الفيسبوك"، و"تويتر"، بحيث يستفيد منها عدد أكبر في الأردن، والوطن العربي، ونسعى لأن يكون العمل مؤسسيا ليضمن استمراريته، ونعمل على نشاطات دورية.

ويضيف القدومي لـ "عربي21"  أن معرض "نون" للكتاب المستعمل هو أحد نشاطات نادي انكتاب، وهدفه إعادة تدوير المعرفة، بجمع الكتب المستعملة من المجتمع المحلي، وبيعها بأسعار تخدم ذوي الدخل المحدود والذين يشكلون 80% من المجتمع الأردني.

ومن المبادرات الشبابية اللافتة في الأردن مبادرة "كتاب" التي تهتم بتثقيف الشباب السوري المقيم في الأردن.

"وأنشئ المشروع ليشكل حركة في الوعي لديهم، وليغذي الفكر المجتمعي، ويسقطه على الواقع السوري"، يقول مالك السيد عُمر أحد منظمي المشروع لـ "عربي21". وتابع: "عقدنا عدة نقاشات، وحوارات، وندوات، وعرضنا أفلاما وثائقية تتحدث عن الثورة، وأعددنا مجلات ومدونات خاصة بالنادي، بحيث يتم فيها مراجعة ما نوقش، ويسهل الرجوع إليها، ونأمل في الوقت القادم أن تصبح المادة مقروءة، ومسموعة ومرئية أيضا".

ويضيف: واجهنا بداية صعوبة في إقناع الشباب بأهمية النشاطات الفكرية، لأن الأغلبية تلجأ لنواحي الإغاثة، لكننا نعمل على بناء سوريا من جديد، وإعادة بناء الإنسان، بالتوازي مع مؤسسات الإغاثة.

وعن هذه المبادرات يقول الشاعر والكاتب الأردني أيمن العتوم إنها ساعدت في انتشار القراءة، وإن كانت بدأت في موضة شبابية، ونشاطات دورية، لكنها بالمجمل أعادت للكتاب رونقا وبهاءً مفقودين، جيل الـ 90 كان غير قارئ إلا ما ندر، وشخصيا لم أشهد أية نواد قبل ثلاث سنوات، هذه الموجة الغربية إن صح التعبير انتقلت لنا عبر وسائل الاتصال التي ساعدت على نقل هذا الوباء الجميل".

وأشار العتوم لـ "عربي21" أنه كشاب -عاش في جيل لم يكن يمتلك ذلك الوعي الثقافي، ولم تنتشر بين شبابه "ثقافة الثقافة"- راضٍ بما وصلت إليه المبادرات، وأضاف أن القائمين على المبادرات جيدون، ينقصهم الثقافة النوعية، والنقاشات بشكل أوسع، هم الآن في مرحلة وعي، واستمرارهم يعني نشوء جيل مثقف ويتعامل مع الكتاب كشيء أساسي.

وأمّا المفكر عبد الكريم بكّار فيقول واصفا القراءة أنها "من جملة فرائض هذا العصر"، ويَذكر بكّار أن "الكتاب صار سهل التناول، وأحياناً تتساوى قيمته مع قيمة "الهمبرجر" الذي ينقضي في خمس دقائق، في حين يكون الكتاب نافعاً مدى حياتك!".

جدير بالذكر أن أحدث الإحصاءات تشير إلى أن الأوروبي يقرأ بمعدل 35 كتابا في السنة، والإسرائيلي بمعدل 40 كتابا في السنة، أما العربي فإن 80 شخصا يقرؤون كتابا واحدا في السنة!
التعليقات (0)