ملفات وتقارير

حكومة بريطانيا لـ"عربي21": تصنيف إسرائيل بـ"أبارتايد" مهمة القضاء لا المنظمات

احتجاجات استقبلت نتنياهو أمام رئاسة الوزراء في لندن- جيتي
احتجاجات استقبلت نتنياهو أمام رئاسة الوزراء في لندن- جيتي
أثار تعهد الحكومة البريطانية في الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة أخيرا مع إسرائيل، بمواجهة ما تقول الاتفاقية إنه تحيز ضد إسرائيل في الأمم المتحدة إضافة إلى معارضة استخدام مصطلح أو الأبارتايد لوصف الأفعال الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية؛ تساؤلات عن مدى تأثير مثل هذه التعهدات على عمل المنظمات الدولية أو على حرية التعبير في بريطانيا، وكذلك على توازن العلاقة مع  الفلسطينيين.

وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قد وقع "خارطة الطريق 2030 للعلاقات الثنائية البريطانية الإسرائيلية" مع نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، في لندن في 21 آذار/ مارس الجاري، قبيل زيارة قام بها نتنياهو إلى العاصمة البريطانية في 24 آذار/ مارس.

وتعهدت بريطانيا في الاتفاق على مواجهة "وباء معاداة السامية"، و"معالجة التركيز غير المتناسب على إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك محاولات نزع الشرعية أو حقها في الدفاع عن نفسها".

وتوجهت "عربي21" بالسؤال إلى متحدث باسم الحكومة البريطانية عن  التعهد بشأن وصف "أبارتايد".

اقرأ أيضا: MEE: سياسات بريطانيا المؤيدة لإسرائيل تعيد الطريق نحو انتفاضة ثالثة

وقال المتحدث لـ"عربي21": "لا نتفق مع استخدام هذا المصطلح. أي حكم حول ما إذا كانت هناك جرائم جديّة قد حدثت، بموجب القانون الدولي، فإن هذا قرار يعود للقضاء وليس للحكومات أو المنظمات غير القضائية".

وتابع: "حوارنا مع إسرائيل يتضمن تشجيع الحكومة الإسرائيلية على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وفعل كل ما يمكنها فعله لضمان قيم المساواة للجميع"، بحسب المصدر البريطاني.

وحول تأثير تجريم حملة مقاطعة إسرائيل (BDS) على حرية التعبير، أوضح المصدر أن "الحكومة البريطانية عبّرت عن موقفها إزاء المقاطعة/ المعاقبة (لإسرائيل) بوضوح. وبينما لا نتردد في التعبير عن اختلافنا مع إسرائيل كلما شعرنا أن ذلك ضروريا، فإننا نعارض المقاطعة/ العقوبات".

وأضاف: "المملكة المتحدة تعارض حركة المقاطعة، سحب الاستثمار، العقوبات (BDS) ضد إسرائيل. نحن نعارض تلك المقاطعة التي تقسّم الناس وتضعف التفاهم"، كما قال.

وجاء في نص الاتفاق البريطاني الإسرائيلي الجديد: "ستعمل بريطانيا مع إسرائيل على معالجة استهداف إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان وكذا المؤسسات الدولية الأخرى، وفي هذا السياق، لا توافق بريطانيا وإسرائيل على استخدام مصطلح أبارتايد فيما يتعلق بإسرائيل".

وكانت منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها هيومان رايتس ووتش وآمنستي إنترناشونال، وبيتسليم الإسرائيلية، قد أكدت أن وصف "أبارتايد" (الفصل العنصري) ينطبق على وضع الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما أكد مايكل لينك، المقرر الخاص لحقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية، الذي يتبع مجلس حقوق الإنسان، في تقرير له العام الماضي؛ أن معاملة الفلسطينيين "تفي بالمعايير الثابتة لوجود الفصل العنصري".

وعبّرت بريطانيا عن رفضها طلب الجمعية العامة في الأمم المتحدة لرأي من محكمة الجنايات الدولية بشأن أفعال إسرائيل في المناطق الفلسطينية؛ لأن هذا "يقوض الجهود للتوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات بين الأطراف، وهو الطريق الوحيد نحو سلام دائم"، بحسب نص الاتفاق البريطاني الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، عبرت بريطانيا عن معارضتها لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، التي تحاول الضغط على إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي في المناطق المحتلة.

اقرأ أيضا: هآرتس: تقرير أمنستي صحيح وإسرائيل نظام "أبارتايد"

وورد في الاتفاقية أن حملات كهذه "تتناقض مع سياسة الحكومة البريطانية، وهي ليست منصفة لإسرائيل، فقط تقوض جهود تقدم الحوار والمصالحة الإسرائيلية- الفلسطينية، بل وستسهم بزيادة معاداة السامية الكريهة في بريطانيا. وبريطانيا ملتزمة بوقف حملات كهذه من المؤسسات العامة بما في ذلك إصدار تشريعات".

ويشار إلى أن الحكومة البريطانية تمارس ضغوطا على الجامعات والبلديات لمنع انخراطها في حركة المقاطعة، وهددت بوقف التمويل عن الجامعات التي لا تعتمد تعريف متحف إحياء ذكرى الهولوكست لمعاداة السامية.

وجاء توقيع اتفاقية الشراكة بين الجانبين في لندن مع اقتراب "الذكرى الـ75" للعلاقات البريطانية الإسرائيلية؛ بينما كان نتنياهو يواجه مظاهرات حاشدة في إسرائيل، احتجاجا على التعديلات القضائية التي يسعى لتمريرها في الكنيست، حيث يُتهم بمحاولة حماية نفسه من المحاكمة، كما تتهمه المعارضة بإضعاف الديمقراطية.

وأحال المتحدث البريطاني "عربي21" إلى تصريحات مكتوبة لوزير الخارجية، منشور على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية، فقد رحب كليفرلي، الخميس الماضي، بإعلان نتنياهو تجميد مشروع التعديلات بانتظار مفاوضات مع المعارضة للتوصل لحلول. وجاء إعلان التجميد بعدد ما قيل عن توبيخ أمريكي لنتنياهو.

وقال كليفرلي: "المملكة المتحدة تتمتع بعلاقة تاريخية مع إسرائيل. مثلما شدد رئيس الوزراء (البريطاني ريشي سوناك) خلال لقائه مع رئيس الوزراء نتنياهو الأسبوع الماضي، من الضروري المحافظة على القيم الديمقراطية المشتركة التي ترتكز عليها علاقتنا، وأن نظاما قويا للرقابة والتوازن (بين السلطات) يبقى مصانا".

ودعا الوزير البريطاني كل الأطراف في إسرائيل للبحث عن أرضية مشتركة "والسعي إلى حل وسط لهذه القضية الحساسة"، على حد وصفه.

وأشار كليفرلي في تصريحه المشار إليه؛ إلى "الحاجة لخفض التوتر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة"، مضيفا: "وزيرا الخارجية اتفقا على أهمية المحافظة على الوضع القائم للمواقع المقدسة في القدس".

ورافقت زيارة نتنياهو إلى لندن مظاهرات احتجاجية لمؤيدين للفلسطينيين، وأخرى لمؤيدين لإسرائيل ولكنهم معارضون لنتنياهو ومشروعه للتعديلات القضائية.

وبحسب إعلان رسمي بريطاني، فإن "خارطة الطريق تتضمن تعهدات مفصلة لتعميق التعاون بين المملكة المتحدة وإسرائيل". وأوضح الإعلان أن الخارطة "تشمل توسيع علاقاتنا، بما في ذلك التجارة، والإنترنت، والعلوم والتكنولوجيا، والبحث والتنمية، والأمن، والصحة، والمناخ، و(تنوع) الجنس".

كما ناقش وزيرا الخارجية البريطاني والإسرائيلي "تعميق تعاوننا الأمني والدفاع لمواجهة التهديد الذي يمثله النظام" الإيراني.

وحول مدى تأثير نصوص الاتفاق على العلاقات البريطانية مع الفلسطينيين، أو ما إذا كانت يمثل تحولات في السياسة البريطانية تجاه القضية الفلسطينية، قال المصدر الحكومة البريطاني لـ"عربي21" إن كليفرلي أثار "قضايا الاحتلال" خلال لقائه بكوهين خلال زيارته إلى بريطانيا قبل أسبوعين.

وأضاف: "سياسة المملكة المتحدة تجاه النزاع لم تتغير: نحن ندعم تسوية متفاوضا عليها تقود إلى إسرائيل تعيش في أمن جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية ذات سياسة وقابلة للحياة، بناء على حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي، والقدس باعتبارها عاصمة مشتركة للدولتين، وتسوية عادلة ومتفق عليها وواقعية للاجئين".

واللافت أن الاتفاق جاء بعد أيام من دعوات لوزير المالية الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف، سموئيل سموتيرتش لمحو بلدة حوارة الفلسطينية، وهو ما أثار انتقادات واسعة.

وكرر المصدر الحكومى البريطاني موقف الحكومة البريطانية بأن "الخطاب التحريضي والتشجيع على العنف من قبل قادة سياسيين إسرائيليين؛ يخدم فقط عنف المستوطنين".

وهو موقف كان قد أعلنه السفير البريطاني في الأمم المتحدة جيمس كاريوكي، خلال جلسة لمجلس الأمن الشهر الماضي، حيث أكد حينها أن "المملكة المتحدة تدين تعليقات وزير المالية الإسرائيلية التي تدعو إلى مسح الفلسطينيين من بلدة حوارة الفلسطينية، وكذلك تعليقاته مؤخرا التي تنفي وجود الشعب الفلسطيني، وينكر حقهم في تقرير المصير، وتاريخهم وثقافتهم".

اقرأ أيضا: أنصار فلسطين في بريطانيا يتظاهرون في لندن رفضا لزيارة نتنياهو
التعليقات (1)
علي الحيفاوي
الأحد، 02-04-2023 11:28 ص
هذا موقف مخادع للحكومة البريطانية. إن كان هذا موقف الحكومة البريطانية بأن هذا الموضوع يعود للمنظمات القضائية فلماذا لم يدعموا قرار فلسطين لأخذ الموضوع إلى محكمة العدل الدولية؟ بريطانيا تصر على دعمها للمشروع الإستعماري العنصري في فلسطين لأن العالم العربي لم يعاقبها لغاية الآن على الجرائم التي إرتكبتها بحق الأمة العربية بدءً من إستعماريها ونهب ثروات دول عربية إستعمرتها وإنتهاءً بمؤامرة سايكس بيكو ووعد بلفور. من واجب الشعب العربي أن يحاسب بريطانيا عمى تسببته له من نكبات ومآسي وخراب وتقسيم وخلق هذا السرطان الذي يسمى إسرائيل في قلبه.

خبر عاجل