ملفات وتقارير

كيف ينعكس الإفراج عن العيساوي على مشهد العراق السياسي؟

يُعد العيساوي شخصية سنية بارزة وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرا للمالية بين عامي 2006 و2014- الأناضول
يُعد العيساوي شخصية سنية بارزة وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرا للمالية بين عامي 2006 و2014- الأناضول

تشهد الساحة السياسية في العراق جدلا واسعا إثر إفراج القضاء عن وزير المالية الأسبق القيادي السني البارز رافع العيساوي، والذي جاء في ظل حالة من الانسداد السياسي يمر بها البلد منذ الانتخابات البرلمانية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.


ويُعد العيساوي شخصية سنية بارزة، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرا للمالية بين عامي 2006 و2014، وأدت مذكرة اعتقال صدرت بحقه من حكومة نوري المالكي في 2013، إلى اندلاع مظاهرات بالمدن السنية، أعقبها اجتياح تنظيم الدولة.

أبعاد سياسية

وبخصوص توقيت الإفراج عن العيساوي، قال الباحث والإعلامي مهند الأعظمي لـ"عربي21" إن "الإفراج عن وزير المالية الأسبق رافع العيساوي يحمل أهدافا سياسية، كما أن استهدافه عام 2013 وإصدار أمر قبض بحقه كان لأغراض سياسية".

وأضاف الأعظمي: "أعتقد أن الإطار التنسيقي (الشيعي) هو من ضغط في الوقت الحالي للإفراج عن العيساوي لإيجاد ضد نوعي في محافظة الأنبار للتخفيف من هيمنة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على القرار السني".

وأوضح أن "القوى الشيعية النافذة دأبت على خلق شخصيات سنية مثيرة لضرب وحدة صف المكون السني، وأن هذا الأمر لا يتعلق بالعيساوي لكن التوقيت قد يوحي بذلك، لأن الأخير يختلف عن غيره كونه من أوائل المشاركين بالعمل السياسي بعد 2003 وجرى استهدافه سياسيا، ووقع عليه ظلم كبير".

ولفت الأعظمي إلى أن "العيساوي شخصية لها قبول في محافظة الأنبار وبين القوى السياسية السنية والكردية، والشيعية إلى حد ما، لكنه لا يمتلك في الوقت الحالي أي عنوان سياسي أو حكومي يستطيع منافسة الحلبوسي من خلاله".

ونوه إلى أن "المكون السني بطبيعته - ربما لأنه قاد الدولة طيلة العهود السابقة- يلتف حول شخصيات الدولة وصاحب المنصب، على عكس الشيعة الذين يلتفون حول المرجع الديني، ويعتبرونه أعلى من الدولة".

وتابع: "لذلك العيساوي يفتقد للمنصب حاليا، وكذلك للدعم الإقليمي الذي يحظى به الحلبوسي حاليا، والذي بفضله أعيد انتخابه رئيسا للبرلمان لدورة جديدة، رغم أن الأول شعبيته في الأنبار لا تزال جيدة كونه خدمها أيضا وقدم لها الكثير عندما كان في مناصب حكومية سابقا".

وأعرب الأعظمي عن اعتقاده بأن "العيساوي لن يستطيع التأثير في تماسك تحالف السيادة الذي يتزعمه خميس الخنجر والحلبوسي، حتى وإن انضم إلى تحالف "عزم" السني المنافس، إلا في حالة واحدة، وهي إعادة الانتخابات البرلمانية ومشاركته فيها".

"لا يزال مكبلا"

وفي المقابل، قال الباحث والأكاديمي العراقي الدكتور وحيد عباس، في حديث لـ"عربي21" إن "الإفراج عن العيساوي جاء بالأساس بتفاهم سابق بين قوى الإطار التنسيقي وزعيم تحالف السيادة الحالي، خميس الخنجر، بدءا من قدومه إلى بغداد وعرض نفسه إلى القضاء".

واستبعد عباس أن "يكون العيساوي قادرا في الوقت الحالي على إيجاد موطئ قدم في الساحة السياسية السنية، لأن المعطيات والظروف تغيرت كثيرا عما كانت عليه في وقت استبعاده من العراق عام 2013".

ورأى الأكاديمي العراقي أن "العيساوي لا يزال مكبلا بدعاوى قضائية في المحاكم، وبذلك لن يستطيع التحرك ضد أي جهات سنية نافذة في الدولة، لأن هذه القضايا قد تفعل بالضرورة، وبالتالي يجري إبعاده من المشهد السياسي مجددا".

وأردف عباس قائلا: "على العكس مما يظن البعض أن يتقارب العيساوي مع تحالف الإطار التنسيقي الذي يمثل المالكي رأس الحربة فيه كونه هو المتهم باستهداف الأول سياسيا عام 2013، وما تبعها من تداعيات أضرت بالمدن السنية في عموم العراق".

 

اقرأ أيضا: خلاف حاد يضرب تحالف الأغلبية بالعراق.. هل ينتهي بتفككه؟

من جهته، قال المفكر السياسي غالب الشابندر خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، إن توقيت خروج رافع العيساوي "سياسي" لضرب تحالف السيادة، مشيرا إلى أن "الالتفات إلى مظلومية العيساوي بعد 7 سنوات غير منطقي".

وأوضح أنه "بحكم القرائن والظروف الحالية بسبب تصاعد الصراعات السياسية بشكل كبير، وبما أن خروجه قد يرجح أو يوازن الكفات السياسية، فهذا يجعلنا نفسر موضوع الإفراج عن الأخير بأنه سياسي، وليس قضائيا".

وبخصوص الثقل السياسي الذي يتمتع به السياسي السني رافع العيساوي حاليا، قال الشابندر إن "الأشخاص السياسيين حاليا ليس بذاتهم وإنما بالدعم القادم من الخارج وكذلك من الكتل السياسية الداخلية".

وتابع: "يتضح إلى حد ما أن الإطار التنسيقي وراء موضوع العيساوي، وبالتالي ربما إيران تكون خلف القصة لإضعاف التحالف الثلاثي (التيار الصدري، تحالف عزم، الحزب الديمقراطي الكردستاني)، خصوصا أن طهران رافضة لأي حكومة أغلبية سياسية بالبلد ينادي بها الأخير".

صراع زعامة

وعلى الصعيد ذاته، قال النائب عن تحالف "عزم" السني منصور المرعيد إن "رافع العيساوي شخصية محترمة، ومشهود له من جميع الأطراف بمهنيته، وأن نزوله إلى الساحة السياسية سيغير كثيرا في المعادلة، وهذا الأمر يقلق الآخرين".

وأوضح المرعيد خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، أن "هناك تفاهما بين تحالف عزم والعيساوي وربما يكون جزءا من هذا المشروع، لكن ذلك لم يحسب بشكل نهائي، ونحن في مرحلة انتقالية ستشهد متغيرات كبيرة".

وفي المقابل، قال النائب عن تحالف "السيادة" مشعان الجبوري إن "العيساوي والخنجر والحلبوسي كلهم من مدينة الفلوجة، وأن الأخير أصبح رئيسا للبرلمان بذكائه السياسي وقدراته الشخصية، وأن الزعامة لم تعط للجغرافيا لذلك فإن زعامة المكون ليس عليها إجماع، وربما يكون الزعيم حاليا غير سياسي ولا يمتلك منصبا وجالس في بيته".

وأضاف الجبوري في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، قائلا: "أجزم أن العيساوي شخصية قوية وشخص مؤثر، لكن يحق له المشاركة في الانتخابات بعد أربع سنوات، وأن القضاء قال إنه خرج بكفالة وقضاياه لم تنته بعد، لذلك الحديث عن أنه منافس للحلبوسي غير صحيح".

وزاد النائب العراقي بالقول: "مع أن رافع العيساوي شخص قوي جدا ولديه كاريزما زعامة، لكنه لا يمتلك الإمكانيات لمنافسة الحلبوسي في السنوات القادمة ولن يكون له تأثير في استبعاد الأخير من رئاسة البرلمان".

التعليقات (0)