ملفات وتقارير

صور توزيع عظام على سيدات تكشف الواقع المرير لسياسة السيسي

حاولت الجمعية تبرير ما حدث لكن كثيرين لم يقتنعوا بذلك- فيسبوك
حاولت الجمعية تبرير ما حدث لكن كثيرين لم يقتنعوا بذلك- فيسبوك

وصف محللون وخبراء اقتصاد واقعة توزيع عظام عجل أو ما يسمى باللهجة الدارجة (مواسير) على سيدات فقيرات في إحدى قرى مدينة الإسكندرية الساحلية بأنها كاشفة وفاضحة لعمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها ملايين المصريين وتتجاهلها السلطات المصرية من خلال بيانات اقتصادية مضللة.

وضجت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في مصر بعد نشر جمعية الصفا والمروة الخيرية بالإسكندرية صور توزيع عظام على 16 سيدة بواقع (ماسورة) عظمة على كل واحدة اصطفت في طابور للحصول عليها.

وكانت الجمعية نشرت الصور في صفحتها على موقع "فسيبوك"، وذكرت أن أحد الجزارين طلب توزيعها على الفقراء في قرية أبيس التابعة لمدينة الإسكندرية، وقامت بتصوير السيدات أثناء تسلمهن العظمة ما أثار ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تقوم الجمعية بحذف المنشور.

وظن البعض للوهلة الأولى أن الصور غير حقيقية، لكن أحد المسؤولين في الجمعية الخيرية قال لـ"عربي21": "إن الجمعية تسلمت بالفعل من أحد الجزارين (المتبرعين) عظام عجل لتوزيعها على الأسر الفقيرة في شهر رمضان من أجل صنع مرقة طعام على موائد الإفطار".

وأكد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي كان مفاجئا للجمعية، ما دفعها لحذف الصور والمنشور حتى لا يتم النيل والتقليل من دور الجمعية في الأعمال الخيرية، والتي تقوم بدورها على أكمل وجه، وكل أعمال الجمعية نقوم بتوثيقها كتابة وصورة"، على حد قوله.


 

تضارب بين الجمعية ووزارة التضامن

وبعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالصور التي اعتبرت أنها تنال من كرامة المرأة والفقراء، ولا تراعي مشاعرهم في شهر رمضان الكريم، وتمتهن كرامتهم تحت ذريعة التبرع والتصدق، فقد قام صاحب الجمعية الخيرية بكتابة منشور توضيحي في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

وأضاف: "ربنا رزقنا بواحد متبرع جاب عجل بقري وتم ذبحه وتوزيعه على الناس من خلال قافلة خير في أبيس، وبعد الانتهاء من توزيع اللحم ومشتملات العجل وجدنا بعض الناس من أهلنا وناسنا الطيبين عاوزين المواسير (العظم) يعملوا بيه الشربة وتم بالفعل توزيعها وتفضل أحد الحضور بتصوير الناس".
 

 

لكن بعض رواد مواقع التواصل شككوا في رواية صاحب الجمعية التي جاءت متوافقة مع رواية مسؤولة وزارة التضامن في وقت سابق ماجدة جلالة، التي كشفت عن تشكيل لجنة لتبين الأمر واتضح أنه بعد توزيع لحوم العجل طالب الناس بتوزيع العظم، ويخالف المنشور الأول للجمعية الذي أظهر صور العظام فقط وليس اللحوم، ولم يأت على ذكر كلمة لحم أصلا.

وعلق البعض على منشور صاحب الجمعية متسائلا: "نحن شوفنا (رأينا) صورة العظم بتاع العجل أبو 16 ماسورة و مشوفناش (لم نر) صورة لحم العجل ولا هو كان هيكل عظمي!".

  

"حالة مزرية"

 

اعتبر المحلل الاقتصادي والسياسي، محمد السيد، أن "تداول صور للتبرع بعظام للفقراء يدل بلا أدنى شك عن الحالة المزرية التي وصل إليها الشعب المصري في ظل حكم العسكر، أين المليارات التي حصل عليها من دول الخليج وتقدر بأكثر من 40 مليار دولار؟ أين أموال الضرائب التي تجمعها وزارة المالية سنويا وتقدر بترليون جنية تقريبا؟ أين وعود السيسي لهؤلاء وقوله بكرة تشوفوا مصر؟".

وقال لـ"عربي21": "لا إجابة على هذه الأسئلة لغياب الرقيب وغياب التشريع، فالحكومة تنفق كيفما تشاء ولا تجد من يحاسبها، والأموال التي تقترضها من الخارج لا يعلم عنها الشعب شيئا وفي ما تنفق، ولذلك أصبح الفساد في كافة قطاعات الدولة وانتشر بعدما صار الاستبداد عنوانا للنظام القائم".

واعتبر أن "ما خفي عظم، ونسبة الفقر ارتفعت بشكل كبير، ولكن الدولة لن تعلن عنها خوفا من ردود الفعل وتوجيه سهام الانتقادات لها، وبالتالي زاد عدد الفقراء، ومع الإجراءات الأخيرة وخفض الجنيه نتوقع أن يزداد الشعب فقرا، وشبح الإفلاس يلوح في الأفق، وسيكون هناك نقص في المحاصيل والسلع الاستراتيجية مثل القمح والزيت والذرة، كل الأرقام التي تعلنها الحكومة في هذا الصدد غير دقيقة".

وواصلت أسعار اللحوم ارتفاعها منذ بداية العام الجاري بنسبة لا تقل عن 35% خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وسط توقعات بزيادة أخرى بعد قيام المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بأكثر من 18%، وارتفع الدولار، الاثنين، أمام الجنيه إلى نحو 18.47 جنيه.

ويتراوح سعر كيلو اللحم البلدي ما بين 160 جنيه و220 جنيه، بحسب جودتها ومكانها من العجل واستخدامها، وتزيد بأكثر من 20 في المناطق الراقية وتتجاوز الـ250 جنيه بعد أن كانت في حدود الـ110 جنيهات والـ120 جنيه قبل عدة شهور فقط (الدولار يساوي 18.47 جنيه).

 

اقرأ أيضا: مصر تسير نحو أزمة ديون كارثية.. هذه تفاصيلها

"نتائج سياسة كارثية"

من جهته اعتبر خبير الاقتصاد السياسي مصطفى يوسف أن "الصور مخزية وتكشف عن نتائج سياسة اقتصاد النظام المصري الكارثية، والتي لم نشاهدها في أي عصر آخر غير عصر السيسي الذي وعد ثم وعد ثم نكث وعوده".

وحذر في حديثه لـ"عربي21" من أن "الأوضاع الاقتصادية للدولة والمصريين توشك على الانهيار وأنها غير مثيلاتها الماضية، معتبرا أن القادم أسوأ، وسوف يرتفع عدد الفقراء في مصر حتما نتيجة الإنفاق بسفاهة على مشروعات لا طائل من ورائها، وتبديد القروض وموارد الدولة على مشروعات تخدم صورة النظام وليس الشعب الذي يعاني من ويلات الغلاء والفقر".

في ظل الزيادة المطردة للدين العام الذي يتجاوز الـ450 مليار دولار، بحسب تصريحات يوسف، بالإضافة إلى أن حكومة 3 يوليو حصلت على 50 مليار دولار من مصادر أخرى، فإن الأوضاع الاقتصادية قابلة للفلتان، مشيرا إلى أن "هذه الأموال أكثر مما حصلت عليه مصر منذ عهد محمد علي أي قبل أكثر من 220 عاما مرورا بالملك فاروق وعبد الناصر ومبارك ومرسي".

التضخم يتجاوز التوقعات

وتجاوز التضخم في مصر الأرقام المتوقعة من قبل البنك المركزي، وقفز في آذار/ مارس الماضي إلى 12.1 بالمئة، مقابل 4.8 بالمئة للشهر ذاته من العام السابق، كما ارتفعت أسعار المستهلكين لإجمالي الشهر الماضي على أساس شهري بـ2.4%، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء الحكومي، فإن تكلفة الطعام والمشروبات ارتفعت بنسبة 23.2 بالمئة، والنقل والمواصلات بنسبة 6.5 بالمئة خلال آذار/ مارس على أساس سنوي، والتعليم بنسبة 13.9 بالمئة، والرعاية الصحية بنسبة 4 بالمئة، والمطاعم والفنادق بنسبة 11.2 بالمئة، والثقافة والترفيه بنسبة 28.6 بالمئة.

 

1
التعليقات (1)
حمدى مرجان
الأربعاء، 13-04-2022 05:40 ص
المهم عندنا ان المرتزقة تسكن القصور وتمتلك المليارات ، فالشعب يربي ’ وقاويقه " ولكن لم يمر بمصر مثل هذا الوقواق الذى اكل " لحمتها وعظمتها "ا و ضيع " ماءها ومرعاها "

خبر عاجل