سياسة عربية

إلى أي مدى تذهب الجهود المصرية في الملف اليمني؟

الدور المصري لن يذهب بعيدا لاحتمالية تصادمه مع الإمارات والسعودية بحسب محللين- جيتي
الدور المصري لن يذهب بعيدا لاحتمالية تصادمه مع الإمارات والسعودية بحسب محللين- جيتي
عاد الحديث عن جهود نشطة تقوم بها مصر في الملف اليمني، بعد أشهر من زيارة مسؤولين يمنيين رفيعي المستوى إلى القاهرة، كان آخرها ما ورد في البيان المشترك الذي أصدره رئيس مجلس الشورى أحمد بن دغر، ونائب رئيس البرلمان عبدالعزيز جباري، من الثناء على تلك الجهود.

وفي شهري أيلول/ سبتمبر، وتشرين أول/ أكتوبر الماضيين، شهدت القاهرة زيارة وزير الدفاع اليمني محمد المقدشي، ورئيس الوزراء معين عبدالملك، حيث أكدت مصر على دعمها الحل السياسي للأزمة اليمنية، بما يلبي طموحات الشعب اليمني وإنفاذ إرادته الحرة.

وبعد أشهر من تلك الزيارات، لم ير أثر على الواقع في ظل التهديدات الوجودية التي تواجهها الحكومة اليمنية الشرعية، جراء استمرار الضغظ العسكري الكبير من قبل الحوثيين على جبهات محافظة مأرب (شرق البلاد)، كآخر معاقلها في جغرافيا الشمال.

ويرى سياسيون يمنيون أن الجهود المصرية لا تتعدى الدعم السياسي للحكومة المعترف بها على المستويين الإقليمي والدولي، ذلك أن حدود استجابة القاهرة لا يمكن أن تتجاوز دور الوساطة لدى كل من الرياض وأبوظبي، على غير ما تطمح له القيادة اليمنية من مستوى عال من الإسناد العسكري لقواتها في حربها ضد الحوثيين.

"استعادة زمام المبادرة"

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع: "من المعروف استراتيجيا أن باب المندب يمثل بوابة الأمن القومي المصري بوصفه بوابة قناة السويس التي تمثل الرئة الاقتصادية لمصر".

وأضاف الشجاع في حديث لـ"عربي21": "لا يمكن لمصر أن تكون بعيدة عن ما يجري هناك بأي حال من الأحوال، وربما نأت بنفسها قليلا أثناء الحرب الدائرة في اليمن بسبب تبني المملكة العربية السعودية للملف اليمني".

لكن الأكاديمي اليمني، أشار إلى أنه وبعدما أثبتت السعودية فشلها في إدارة الحرب هناك، وأصبحت إيران تقترب رويدا رويدا من باب المندب بعد الانسحاب الأخير للقوات المشتركة بتوجيهات من قيادة التحالف العربي، فقد استشعرت مصر الخطر الذي يحدق بأمنها.

وتابع: "لذلك، تحاول القاهرة استعادة زمام المبادرة، إضافة إلى الإرث المصري في اليمن التي كانت الحاضنة للثورة اليمنية عام 1962"، مؤكدا أن "تصفية الثورة والجمهورية في اليمن هي تصفية للعمق المصري".

وبحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء فإن كل هذا جعل الدور المصري ينشط في الآونة الأخيرة، إضافة إلى أن اليمنيين يثقون بدورها، باعتباره على نفس الخط الثوري اليمني وليس لديه أطماع في اليمن.

واعتبر الشجاع وهو قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام أن "تجربة اليمنيين مع مصر تجربة ناجحة عدا عن أن الحوثيين لن يصدقوا مع مصر، لأنهم يعتبرون أن لهم ثأرا معها كونها وقفت مع ثورة 26 سبتمبر، إضافة إلى أنهم أدوات المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة والذي يتخادم مع المشروع الصهيوني الذي يريد تقويض النظام العربي وعلى رأس ذلك مصر"، على حد قوله.

"وساطة ومباحثات"

من جانبه، يرى الكاتب والسياسي اليمني عبدالناصر المودع، أن مصر أصبحت حاليا مقر الكثير من مسؤولي السلطة التي يعترف بها العالم، كما أن فيها مئات الآلاف من اليمنيين، وهي إلى جانب ذلك لديها علاقات تاريخية مع اليمن.

وقال لـ"عربي21": "ومن خلال هذه المعطيات يمكن لمصر أن تلعب دورا في الأزمة اليمنية، إلا أن هذا الدور لن يتعدى دور الوساطة أو احتضان مفاوضات أو لقاءات سياسية أو مباحثات سلام".

واستبعد السياسي اليمني أن تنخرط القاهرة كطرف في الصراع اليمني عبر دعم هذا الطرف أو ذاك، لأن هذا الدور سيصطدم بالدور السعودي والإماراتي، مؤكدا أن هذا الأمر لن تقدم عليه مصر لأن مصالحها مع البلدين أكبر بكثير من أي مصالح لها في اليمن.

ولهذا فإن أي دور مصري في الأزمة اليمنية سيكون بالتنسيق مع السعودية، وسيبقى محدودا، وفق ما ذكره المودع.

وكان رئيس مجلس الشورى اليمني ونائب رئيس البرلمان، قد أعلنا في بيانهما المشترك الصادر في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، الترحيب بالجهود النشطة لجمهورية مصر العربية وللجامعة العربية في بلادهم.
التعليقات (0)