ملفات وتقارير

هل تدفع الانتخابات الرئاسية نحو مزيد من التأزيم في ليبيا؟

بنر الانتخابات الليبية
بنر الانتخابات الليبية

على الرغم من الآمال المنعقدة على الانتخابات الرئاسية الليبية، وما يمكن أن تجلبه من استقرار للبلد الذي يعاني من صراعات عدة، إلا أن قطاعا واسعا من ساسة ومحللين ونشطاء يقدمون نظرة قاتمة لما بعد الاستحقاق الانتخابي المرتقب.

 

ويحذر هؤلاء من الفوضى، على ضوء تعمق الأزمة بين المكونات السياسية الليبية، إثر الخلاف الحاد على القوانين التي تنظم الانتخابات، والتي سمحت بتسلل شخصيات جدلية للسباق الرئاسي، كسيف الإسلام القذافي، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، وغيرهما.


ويرى مراقبون أن عدم إجراء الانتخابات على أرضية من التوافق بين الفرقاء الليبيين، يعني أن المشهد القادم يشي بمزيد من التأزيم، وسيجعل من الصعب التسليم بنتائج الانتخابات من قبل أطراف الأزمة.

 

اقرأ أيضا: محكمة ترفض طعن مفوضية الانتخابات باستبعاد سيف القذافي

وذهب البعض للاستشهاد بتجربة العراق في الانتخابات الأخيرة، والأزمة الحالية التي تحول دون تشكيل حكومة تقود البلاد، على ضوء رفض اعتراف قوى سياسية بنتائج الانتخابات تحت ذريعة التزوير.


وترفض مكونات عسكرية وسياسية إجراء الانتخابات بشكلها الحالي، مطالبين بالاستفتاء على الدستور أولا قبل الذهاب إلى الاستحقاق، وبتعديل القوانين التي تنظم العملية، مؤكدين أنها "معيبة".


آخر هؤلاء الرافضين كانت كتائب وثوار مصراتة، الذين عبروا في بيان لهم عن رفضهم  إجراء الانتخابات قبل الاستفتاء على الدستور، مؤكدين أن الانتخابات بشكلها الحالي تتنافى مع ما جاءت به ثورة فبراير.

 


بدوهم، اتهم 72 نائبا المؤسسات القضائية ومفوضية الانتخابات بعدم تنفيذ القانون، والالتفاف عليه، والسكوت عن شبهات تزوير، وشراء أصوات، والتأثير في القضاء.


وحذر النواب، في بيان لهم، مفوضية الانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية قبل انتهاء جلسة المساءلة، ليتسنى للمجلس تقييم الوضع وسبل "إنقاذ" العملية الانتخابية.

 

 

 

النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، عمر عبد العزيز بوشاح، كشف في مقابلة مع "عربي21"، عن سعي المجلس لطرح مبادرة سياسية بهدف لحل الأزمة الدستورية، متهما قوى خارجية بالتحكم في مشهد الانتخابات، ومشككا في نزاهة العملية الانتخابية برمتها.  


الانسداد السياسي


وأكد بوشاح أن "المشهد الانتخابي في ليبيا يمر بعقبات كبيرة، ويسير على طرق مُلغّمة، وذلك لأنه لم يُبنِ على أساس دستوري وقانوني صحيح، ولم يُراعِ فيه الحد الأدنى من التوافق والشراكة السياسية، وتم التفرّد باتخاذ كافة الإجراءات والقوانين بالمخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخارطة الطريق، وحتى اللائحة الداخلية لمجلس النواب".


وتابع: "نحن نعتقد أن المسار الانتخابي يتجه نحو الانسداد السياسي، لهذا نعمل مع شركائنا في الوطن على إعداد تلك المبادرة لمعالجة هذا الانسداد، ولوضع أساسات صحيحة ودستورية يمكن البناء عليها".

 

اقرأ أيضا: نواب ليبيون يطالبون بجلسة مساءلة لمفوضية الانتخابات

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري، أن "القفز إلى الانتخابات كان أشبه بحركة بهلوانية تجاوزت الواقع المرير، وتجاهلت متطلبات احتوائه، وبالتالي فإنها لن تصل بالبلاد إلى الاستقرار المنشود، بل ستدلف بها إلى مرحلة جديدة من التأزيم أشد تعقيدا".


ولفت إلى أن "الانحراف في العملية الانتخابية بدأ بوضع القوانين التي خالفت الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، قائلا، إن "انحراف التشريع يقود إلى انحراف في التنفيذ، ما قد يؤدي إلى ارتباك في إدارة العملية الانتخابية قد لا يكون من قبيل المبالغة وصفه بالفوضى".

 

الترشيحات فاقمت الأزمة


وكتب بسيكري لـ"عربي21" قائلا، إن "كثيرا من المراقبين يتفقون على أن الترشيحات للانتخابات الرئاسية فاقمت الأزمة، فقد مهّد قانون انتخاب الرئيس الطريق لسيف الإسلام القذافي ليكون مرشحا، وقد عاد إلى سباق الترشح حتى بعد استبعاده من قبل المفوضية؛ بسبب وضعه القانوني وسجله الجنائي، ومن المؤكد أن سيف الإسلام قد دق إسفينا في الانتخابات، بل في المشهد السياسي برمته".

ويتوقع بسيكري ألّا يكون لسيف الإسلام مكان في السباق الرئاسي، ليس للأسباب القانونية والتي في مقدمتها حكم محكمة طرابلس وقرار محكمة الجنايات الدولية بضبطه وإحضاره فحسب، بل لأن الأطراف الدولية الفاعلة تدرك أنه لن يتجرد من أثقال ما وقع لعائلته، وأن الروس سيكونون قادرين على توظيفه في مخططهم المصادم للولايات المتحدة والدول الأوروبية، لهذا فقد اتفقت واشنطن والعواصم الأوروبية الكبرى على ضرورة تطبيق قرار المحكمة الدولية الخاص بسيف الإسلام.

 

اقرأ أيضا: الأعلى للدولة: نستعد خلال أيام لإطلاق مبادرة تنهي أزمة ليبيا

وبرغم رجحان احتمال استبعاد سيف الإسلام، إلا إن ظهوره في الجنوب والتفاف أنصاره حوله قد يفرض معادلة جديدة للنفوذ وللنزاع، وستكون عودته خصما من رصيد حفتر الذي سينحسر ثقله في الشرق، وعبئا تواجهه القوة الممثلة لفبراير في الغرب. وسواء استمر سيف الإسلام في السباق الانتخابي أو خرج منه، فاز في الانتخابات أو خسرها، فإنه سيكون عامل تأزيم إضافي يطيل من عمر الصراع الليبي.


وشدد بسيكري على أن هشاشة الوضع وتجذر النزاع سيجعلان من نتيجة الانتخابات غير حاسمة، ولن تغير من واقع الانقسام، وهو ما أكدت عليه الشواهد على الأرض، وأشار إليه وزير الداخلية، ودعمته التقارير الصادرة عن جهات معتبرة في الخارج، وهو ما تراه بعض العواصم الأوروبية، منها روما ولندن.

 

مخاطر كبيرة


الكاتب صلاح البكوش، قال إن الآراء الدولية المحذرة من إجراء الانتخابات بدأت تتصاعد مؤخرا، مشددا على أن خبراء دوليين يرون أن الانتخابات الرئاسية تمثل مخاطر كبيرة، مستشهدا بما صرحت به وزيرة الداخلية الإيطالية، التي قالت في تصريحات قبل أيام إن "إجراء الانتخابات في ليبيا في موعدها المحدَّد 24 من ديسمبر، يبدو لي صعبًا، لكن إجراءها في يناير سيكون أمرًا جيدًا لليبيا".

 

اقرأ أيضا: WP: تشاؤم في ليبيا من الانتخابات ومخاوف من المرشحين

وشدد البكوش في حديث متلفز لقناة ليبيا الأحرار، تابعته "عربي21"، أن ارتفاع صوت الذين يحذرون من هذه المنافسة الصفرية (الانتخابات) بدأ يسمع الآن، معتقدا أن المجتمع الدولي بدأ يستمع، ولهذا فإن موعد إجراء الانتخابات نهاية الشهر الجاري "هو موضع شك".


ومتفقا مع البكوش، قال المحلل السياسي، أحمد الروياتي، إن وتيرة التصريحات الدولية التي تعطي تشكيكا حول إكمال العملية الانتخابية تتصاعد، مشددا على أن فرص استكمال العملية لا تتعدى 50% الآن.

 

وشدد الروياتي، في حديث متلفز تابعته "عربي21"، أن "المؤشرات الدولية بدأت ترتفع حول استحالة إجراء الانتخابات وانعكاس إجرائها على الاستقرار، مشيرا إلى أن "السبب الرئيسي للتحذيرات يتمثل في أن العملية خرجت عن الخط الدولي الذي رسمت له، حيث أصبحت العملية سياسية بامتياز، وهناك شخصيات سببت قلقا دوليا، الأمر الذي سيقود نحو فوضى أكبر إذا استمرت الانتخابات إلى موعدها المحدد".

 
التعليقات (0)