هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مفاجأة أخرى من الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتيران. طبعا، نسائية. فما من مفاجأة أخرى في حياته كانت غير نسائية. وما من شيء آخر غير مفاجئ كان غير نسائي، كتاب «السر الأخير» للصحفية سولان دو رواييه، يروي قصة فتاة فرنسية، اسمها المستعار كلير، أحبت الرئيس الفرنسي عندما كان في الثانية والسبعين، وكانت هي في العشرين. دامت العلاقة ثماني سنوات. وفيما كانت فرنسا تعتقد أن ميتيران كان يخفي قصة حب مع أم ابنته غير الشرعية مازارين، كان في الحقيقة يخفي قصة أخرى مع كلير. وكلير تزوجت وأصبحت أما، ولا تزال تخفي شخصيتها. ومن الكتاب نعرف أن كلير هي التي لاحقت فرنسوا، وكان أهل قصر الإليزيه والحرس والعسس يعرفون بوجودها، ويرحبون بها، ويلقون عليها التحية وهي داخلة خارجة من القصر الجمهوري.
يبدو من ردود الفعل أن الفرنسيين يقرؤون الكتاب بإعجاب. أنا، كشرقي، استحال علي ذلك برغم كل السنين التي أمضيتها في الغرب. ولم أرَ في «السر الأخير» سوى قصة سطحية لرجل يكاد يكون معقدا حيال النساء، وضعيفا أمام سمعة الرجل الفرنسي، الذي لا بد أن يكون زير الجنس اللطيف.
لاحظنا هذه العقدة أيضا عند الرئيس فرنسوا هولاند، الذي كان خاليا من أي سمة من سمات الوسامة، ولذلك، أراد أن يثير الضجيج من حوله بأنه كان يذهب لزيارة عشيقته ليلا على دراجة بخارية. وقبله حاول نيكولا ساركوزي تغطية عقدة النقص بالزواج من المغنية الجميلة كارلا بروني. ويبدو أن فاليري جيسكار ديستان كان الوحيد من غير عقد بين رؤساء الجمهورية الخامسة (ناهيك طبعا بمؤسسها شارل ديغول). وقد روى في مذكراته أن الممثلة بريجيت باردو، جاءته ذات يوم تشكو إليه نزاعا قانونيا في بلدتها، سان تروبيه. وأوضح لها أن لا صلاحية له في الأمر، بل لوزير العدل. لكن هذا لم يمنع أنه استبقاها على العشاء، فقد عرض عليها أن تمضي الليلة في الإليزيه.
«السر الأخير» مليء بحكايات سطحية لو لم يكن بطلها الزير العجوز، لما استحقت النشر في المجلات الفنية. ومذ كنت أتابع ميتيران في حملاته الانتخابية، تكون لدي انطباع بأنه يعيش وكأن آلة تصوير تلاحقه ويجب أن يكون جاهزا لذلك.
وفي تلك المرحلة، كان للرجل ناب ظاهر يؤكد علامات العجرفة، إلى أن نصحته خبيرة في المعارك الانتخابية بتشذيب الناب. وبعدها دخل إلى الإليزيه، ومعه العرافات والعشيقات وابنته غير الشرعية مازارين. وفتح ذلك الباب أمام بنات هولاند وأبناء بوريس جونسون في داوننغ ستريت. لا ضرورة لتكاليف الزواج!
نقلا عن (الشرق الأوسط)