ملفات وتقارير

هل هناك تنسيق بين الحوثي و"الانفصالي" ضد الشرعية باليمن؟

يرى محللون أن نهج الإمارات في اليمن أضر بمشروع السعودية وأخر حسم الحرب ضد الحوثيين- الأناضول
يرى محللون أن نهج الإمارات في اليمن أضر بمشروع السعودية وأخر حسم الحرب ضد الحوثيين- الأناضول

أظهرت أحداث المعارك التي شهدتها جبهات القتال في محافظة البيضاء (وسط اليمن)، بين تشكيلات المقاومة الموالية للحكومة المعترف بها وبين مسلحي جماعة الحوثي، وما أعقبها من انتكاسة مروعة للمقاومة بعد قطع خطوط الإمداد من قبل مليشيات انفصالية مدعومة من أبوظبي، مستوى عاليا من التنسيق بينها وبين الحوثيين، وفق مراقبين.


وفي الأسابيع الماضية، أعلنت الحكومة اليمنية، عن عملية عسكرية ضد الحوثيين في محافظة البيضاء، إذ نجحت وحدات عسكرية مسنودة بالمقاومة الموالية لها في تحقيق مكاسب ميدانية كبيرة في مديريتي الصومعة والزاهر، جنوبي البيضاء، وصولا إلى عتبات عاصمة البيضاء، قبل أن تطوى تلك التقدمات بعد قطع مليشيات ما تسمى "الحزام الأمني" التابعة للمجلس الانتقالي المنادي بانفصال الجنوب عن الشمال، خط الإمداد الوحيد لجبهات الزاهر، ومنع وصول التعزيزات البشرية إليها، في إجراء اعتبر أنه "تنسيق غير مسبوق بين الانفصاليين الجنوبيين وبين الحوثيين ضد القوات المحسوبة على الشرعية".


ورغم أن العملية العسكرية التي أطلقتها القوات الحكومية كانت بالتنسيق مع السعودية، وهو ما كشفه قائد قواتها المتمركزة في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، في تسجيل صوتي مسرب، إذ تعهد بدعمها، فإن الانفصاليين المدعومين من أبوظبي، نجحوا في قلب المعركة لمصلحة الحوثيين، بعد منع وصول التعزيزات إلى قوات المقاومة والوحدات العسكرية الحكومية.


ويجمع سياسيون يمنيون على أن الانفصاليين الجنوبيين لم يكونوا ليقوموا بتلك الخطوات، دون أخذ الإذن من السلطات الإماراتية التي تنتهج سياسة يغلب عليها التفاهم والتنسيق مع الحركة الحوثية المدعومة من إيران منذ إعلان انسحابها في العام 2020.

 

اقرأ أيضا: سلطات شبوة تطالب بتشغيل منشأة غاز تسيطر عليها الإمارات

غير أن اعتقال قيادات الصف الأول من المقاومة في مديرية الزاهر بالبيضاء، في مديرية يافع بمحافظة لحج المحاذية لها، من قبل مليشيات الحزام التي تمولها أبوظبي بعد أيام من انهيار جبهات القتال مع "الحوثي" كشف مظهرا أكبر من التقارب مع الحوثيين، وأنهما يسيران في خطين متوازيين ضد عدوهما المشترك المتمثل في الحكومة المعترف بها دوليا، وفق تحليلات لناشطين سياسيين.


ويرى محللون أن نهج الإمارات في اليمن، قد أضر بشدة بمشروع السعودية، أقرب حلفائها، في حسم الحرب ضد الحوثيين، في وقت تواصل فيه الجماعة، شن هجمات صاروخية وأخرى عبر طائرات مسيرة على أراضي المملكة. وهذا الأمر، بات حديثا على منصات التواصل الاجتماعي داخل السعودية.


ويذهب آخرون إلى أن مشروع الانفصاليين ومن خلفهم الإمارات في محافظات جنوب اليمن، في تخادم كبير وتعاون وثيق مع المشروع الحوثي، إذ تتلاقى مصالحهما في تعثر حسم الحرب، واستهداف الشرعية اليمنية، لفرض سلطة الأمر الواقع في المناطق الجنوبية وترك الحوثيين لتأسيس سلطتهم في المناطق الشمالية من البلاد.


ففي تموز/ يوليو 2019، أماط نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، اللثام، عن اتصالات سرية بين جماعة الحوثي وبين دولة الإمارات.


وقال خلال لقائه مع قناة الميادين اللبنانية: "هناك لقاءات تحصل بين مسؤولين إماراتيين وبين آخرين من الحوثيين، لتنظيم خطوات لاحقة للانسحاب من اليمن".


"تنسيق قديم"


وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إن "التنسيق بين الإمارات وبين الحوثيين قديم قدم التنسيق بينها وبين إيران".


وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن الإمارات وإيران مصلحتهما المشتركة إضعاف السعودية مع الفارق أن إيران تواجه السعودية علنا والإمارات تواجه السعودية من تحت الطاولة.. وكل ممارسات أبوظبي في اليمن تأتي في إطار إرباك المملكة وإضعافها".


وتابع: "وحينما أعلنت الإمارات عن انسحابها من اليمن أو إنهاء دورها في الحرب كون الحرب كلفتها عالية ولن تؤدي إلى السلام، فقد كان الهدف من ذلك تقديم نفسها على أنها دولة تبحث عن السلام، بينما السعودية لا تريد السلام".


وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن إنشاء حكومة أبوظبي للمليشيات وتسليحها في مواجهة الشرعية جزء من تقوية الحوثي، وقد أدى هذا الاتفاق السري إلى عدم تعرض دبي وأبوظبي لما تتعرض له الرياض وبقية المدن الأخرى من ضربات صاروخية وبالطيران المسير.


ومضى قائلا: "أبوظبي دخلت الحرب في اليمن وعينها على قيادة المنطقة وهي تدرك أن قيادة المنطقة، لا يمكن أن تتحقق والسعودية ما زالت بحجمها الجغرافي والديمغرافي، فكان تفكيرها يتطابق مع ما هو مخطط للمنطقة وهو التفكيك والتقسيم".


وفي ما يتعلق بالتنسيق بين الانتقالي وبين "الحوثي" فإنه تؤكده عدة اعتبارات؛ أولها أن "الانتقالي ولد في بداياته بدعم إيراني وتدريب في الضاحية الجنوبية وهو نفس الدور الذي ينطبق على الحوثي"، بحسب ما ذكره أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء..

 

اقرأ أيضا: "الانتقالي الجنوبي" يصعّد ضد هادي.. وجلسات قريبة للبرلمان

أما الاعتبار الثاني، وفقا للمتحدث ذاته، فيتمثل في الدور الإماراتي الذي يجمع بين الانتقالي وبين جماعة الحوثي لإضعاف السعودية عن طريق تفكيك الشرعية وإضعافها.


فيما يكمن الاعتبار الثالث ـ بحسب الشجاع ـ في أن "هناك تنسيقا بين الطرفين لمواجهة الشرعية حيث يرى الطرفان أنها تمثل عائقا أمام طموحاتهما في السيطرة على السلطة وتحقيق مشروعيهما".


وأوضح الأكاديمي والسياسي اليمني أن تخوف الانتقالي من انعقاد مجلس النواب في سيئون (ثاني كبرى مدن حضرموت شرقا) يأتي في إطار التسابق على الشرعية، مؤكدا أن "انعقاد المجلس النيابي يلغي شرعية الانتقالي التي تعد شرعية القوة، ولهذا فهو يحارب بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة من التئام مؤسسات الشرعية، وقد فعل ذلك مع الحكومة أكثر من مرة كان آخرها طرد الحكومة من عدن بالقوة".


وقال: "وكذلك جماعة الحوثي فإنه ليس من مصلحتها أن تعمل مؤسسات الشرعية، لأن ذلك يخصم من رصيدها الذي راكمته بفعل القوة وبفعل تفكك هذه المؤسسات وعدم انتظامها".


"نقاط ومصالح مشتركة"


من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالناصر المودع، أن هناك نقاطا مشتركة كثيرة تجمع المشروع الانفصالي بالحوثيين، أهمها ضعف الدولة واهتراؤها والذي يخدم المشروعين الحوثي والانفصالي.


وقال لـ"عربي21": "كما أن لكل طرف مصلحة في قوة الآخر، فالانفصاليون من مصلحتهم أن يبقى الحوثيون مسيطرين على الشمال، لأنه يمنحهم الدعم الخارجي تحت مبرر منع الحوثيين من التمدد إلى المناطق الجنوبية".


في المقابل؛ بحسب المودع فإن الانفصاليين يخدمون الحوثي، لأنهم منعوا تحويل عدن أو أي مدينة جنوبية أخرى لتكون عاصمة للجمهورية اليمنية، وهو الأمر الذي أدى إلى غياب أي وجود فعلي للسلطة التي يعترف بها العالم في اليمن، ومن ثم غياب المؤسسات التي يمكنها هزيمة الحوثيين واستعادة الدولة.


وتابع: "وما يؤكد هذا التناغم بين الحوثيين والانفصاليين رفضهما لأي اجتماع للبرلمان اليمني في سيئون أو أي مدينة جنوبية أخرى".


وانتقد السياسي اليمني، الرئيس عبدربه منصور هادي، وقال: "يعد هادي؛ الرئيس الذي يعترف به العالم بفضل الدعم السعودي له.. وهو المشكلة الأصلية التي أنتجت وتنتج هذا الاهتراء للدولة اليمنية بسبب فقدانه للشرعية وفساده وخموله".


وأكد الكاتب المودع أن الإمارات تلتقي مع الانفصاليين في هذه القضايا، وهي عمليا متفاهمة مع إيران بالامتناع عن مهاجمة الحوثيين منذ 2019، لافتا إلى أن حكومة أبوظبي بصفتها راعية ومنشئة المجلس الانتقالي فإن أعمال المجلس الانتقالي تتم بتنسيق كامل معها.


"تآمر إماراتي"


من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة أن موضوع التعاون بين الحوثيين والمجلس الانتقالي ليس جديدا على الساحة المحلية.


وأضاف لـ"عربي21" أن "تبادل الأدوار بينهما يتم بتنسيق عال وضمن صفقة التسوية الإماراتية الإيرانية، فيما الموقف الإماراتي في الأصل، لم يكن ضد الانقلاب كفكرة أو حتى مكوناته وأطرافه.


وبحسب الزرقة، فإن مسلسل التآمر الإماراتي على الشرعية بدأ منذ اليوم الأول لمشاركتها في التحالف، حيث لم تتوقف يوما عن محاربتها واستهدافها وشيطنتها والإشراف على سلسلة الاغتيالات ضد قيادات عسكرية وسياسية ومدنية ودينية معارضة لتواجده.


وأكد أنه منذ سنوات وتصريحات الحوثيين والانتقاليين تصب في نفس السياق، وهناك أجندة تجمعهما تتمثل في تمزيق البلاد وتقاسمها وإطالة أمد الأزمة والصراع.


ومضى قائلا: اتجهت الإمارات منذ أن أعلنت الانسحاب الشكلي من اليمن للعمل على تفتيت أي إمكانية لانتصار الشرعية أو حتى بقائها في المشهد، وشرعت في بناء قواعد عسكرية تضمن لها الاستمرار في السيطرة على أهم الموانئ والجزر وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية في اليمن وتقديم نفسها كشرطي للمنطقة.


ولفت الكاتب اليمني إلى أن تقاطع مصالح الإمارات مع السعودية في اليمن يسبق موضوع "أوبك" بمراحل، وأخطر منه لأنه تهديد وجودي لأمن المملكة، موضحا أنه خطر مستمر يصعب التكهن بمدى تمكن الرياض من مواجهة تبعاته.


وفي 18 آذار/ مارس 2021، كشف القيادي في جماعة الحوثي محمد علي الحوثي، عن سبب استثناء الإمارات من هجمات الجماعة، وتركيزها فقط على السعودية، قائلاً إن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي أرسل إلى أبوظبي رسالة نصحهم فيها بالتوقف عن حرب اليمن، مشيرا إلى أن الإمارات أعلنت انسحابها رسميا من الحرب في اليمن، وعلى إثر ذلك فقد توقف استهدافها. 

التعليقات (0)