مقالات مختارة

الاشتباك..

محمد سلامة
1300x600
1300x600

تعرض سفينة إسرائيلية لهجوم بطائرة مسيرة قبالة سواحل سلطنة عُمان، والتهديد بالرد، والصمت الرسمي الإيراني رغم تسريبات عن قناة العالم بثته رويترز أنه جاء كرد على هجوم إسرائيلي على مطار الضبعة في سوريا، هذا الاشتباك الأمني والسياسي والإعلامي بين طهران وتل أبيب مرشح للتصعيد، وفي أجوائنا ومياهنا وأرضنا العربية.
الاشتباك قائم، فلدى طهران قوات برية على حدود إسرائيل في لبنان وسوريا، ولديها مليشيات منتشرة في مساحات واسعة بالشرق الأوسط، كما أن صنعاء ومياه البحر الأحمر توجد بها، ولدى تل أبيب خلايا للموساد ضربت مرات داخل المنشآت الإيرانية ونجحت في تصفية عدد من العلماء، وتمارس شهوتها بصورة مستمرة في ضرب أماكن تموضع القوات الإيرانية في سوريا، وتضغط على واشنطن في ملف الاتفاق النووي لوضع حد لطموحات عدوتها الإقليمية، فالاشتباك يأخذ أشكالا وألوانا متباينة وفي مساحات جغرافية كبيرة، ولا تجرؤ أي منهما (طهران وتل أبيب) على الاشتباك المباشر.
إسرائيل تتحدث عن رد قاس على استهداف سفينتها، وإيران تراقب وتتأهب، وربما أنها تسعى إلى خلط الأوراق بزج أطراف أخرى في الاشتباك الأمني، والأهداف مكشوفة لكل منهما، ومناطق الاشتباك ترسم خرائط جديدة وإزاخات مناسبة لقوة ونفوذ هذا أو ذاك، على حساب الآخرين، فالاستباحة للأجواء والمياه والبر متواصلة وبطرق شتى.
الاشتباك غير المباشر بين طهران وتل أبيب.. أين نحن العرب منه؟! للأسف كل ما يجري على أرضنا وفي مياهنا وأجوائنا، ندفع ثمنه مباشرة بتدمير مدننا وموت أبنائنا ومحاصرة دولنا والتآمر علينا وعلى مقدراتنا، كما حدث في سوريا ولبنان واليمن وليبيا و..إلخ، وأصبحنا مثل كرة القدم يتلاعب بنا اللاعبون ويسجلون أهدافهم ضدنا، والعالم يصفق لهذا تارة ولذاك تارة أخرى.
إسرائيل سعت في الماضي إلى الحسم الأمني بمحاولة جر إدارة ترامب إلى ضرب إيران وفشلت، لكنها ما زالت تحاول. وإيران تتقدم سياسيا وأمنيا، وعينها باتت على امتلاك حصنها النووي لدرء الأخطار وتحذيراتها ومماطلتها ورفضها قبول شروط العودة للاتفاق النووي، يؤشر على أن المنطقة ستبقى معطلة لسنوات وربما لعقود، والنهاية ترسمها حدود الاشتباك ومصالحهما، وكل ذلك سيكون على حسابنا ومصالحنا العربية.
الاشتباك، هو السبب الرئيسي لما يجري في لبنان اليوم، ولما جرى ويجري في معظم البلاد العربية، وتونس ليست بعيدة عن ذلك، فارتفاع منسوبه أو انخفاضه يؤثر علينا مباشرة، وطالما بقي الاشتباك مستمرا، بقيت الفوضى والحروب والدماء مستمرة، والنهايات وللأسف ليست بأيدينا؟!

 

(الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)