صحافة دولية

الغارديان: أصدقاء بريطانيا يتجسسون على مواطنيها

"بوجود مثل هؤلاء الأصدقاء (في دائرة الاتهام) قد يتساءل المرء ما الذي يتوقع إذن من أعدائنا؟"- جيتي
"بوجود مثل هؤلاء الأصدقاء (في دائرة الاتهام) قد يتساءل المرء ما الذي يتوقع إذن من أعدائنا؟"- جيتي

سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على مسؤولية الإمارات عن التجسس على المئات من مواطني المملكة المتحدة، باستخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي. 

 

وفي افتتاحيتها، الخميس، استهجنت الصحيفة مسؤولية الإمارات والاحتلال في هذا الملف، رغم علاقة البلدين "الوثيقة" ببريطانيا.

 

وعلقت الصحيفة بالقول: "بوجود مثل هؤلاء الأصدقاء (في دائرة الاتهام)، قد يتساءل المرء: ما الذي يتوقع إذن من أعدائنا؟".

 

وذكّرت "الغارديان" بتصريح لوزير مكتب الحكومة البريطانية، اللورد ترو، قبل أيام، قال فيه إن لندن "أعربت عن قلقنا عدة مرات لحكومة إسرائيل (الاحتلال) بشأن العمليات التي تنفذها أن أس أو (الشركة المطورة والمالكة لبرنامج بيغاسوس)".

 

وتاليا نص الافتتاحية كاملا كما ترجمته "عربي21":

 
شهد العام الماضي أعلى إنفاق عسكري على مستوى العالم منذ عام 1988، بنحو 2 تريليون. أكثر من نصف ذلك كان إنفاقا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. تعتبر القدرات العسكرية من الممتلكات الوطنية المحروسة. نشأت شبكة من القواعد حول تصدير الأسلحة واستخدامها، فلا توجد دولة واحدة ترغب في أن تنقلب أكثر أسلحتها دمارا ضدها.
 
ومع ذلك، يوجد ما لا يقل عن 500 شركة خاصة تعمل -إلى حد كبير دون تنظيم أو رقابة- في إنتاج برامج كمبيوتر تستخدم في انتهاك الخصوصية، وتبيعها للأنظمة القمعية التي تتجسس على منتقديها وتضايقهم. كان ينبغي أن تكفي هذه الممارسات المناهضة للديمقراطية لوضع حد لهذه التجارة، لكنها استمرت، ويقول العاملون في هذا القطاع إن هذه الأدوات تستخدم لمحاربة الجريمة والإرهاب. ماذا يحدث عندما تختار الحكومات بدلاً من ذلك استخدام هذه القدرات، ليس فقط ضد شعوبها، بل وضد الغرب الديمقراطي؟

 

قد نكون على وشك إيجاد إجابة عن ذلك السؤال. هذا الأسبوع، قامت مجموعة من وسائل الإعلام، بما فيها الغارديان، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية ومنظمة "القصص المحرمة" التي تتخذ من باريس مقرا لها، بنشر ثروة من التقارير بناء على قائمة مسربة من أرقام الهواتف التي حددتها الحكومات التي تتعامل مع مؤسسة "أن أس أو" الإسرائيلية المتخصصة في مجال التقنيات العالية. يثبت التحليل المختبري أن برنامج التجسس بيغاسوس الذي تصنعه "أن أس أو" قد استخدم من قبل بعض زبائنها لاختراق هواتف ذكية تابعة لصحفيين ومعارضين ونشطاء. وأظهر هاتف نقال لوزير فرنسي على رأس عمله آثارا رقمية لنشاطات ذات علاقة ببرنامج التجسس بيغاسوس؛ لذلك بدأت باريس في إجراء تحقيق في الأمر.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: الإمارات متورطة بالتنصت على مئات الهواتف ببريطانيا
 
ظهرت هذه الهواتف ضمن قائمة مسربة تشتمل على أكثر من خمسين ألف رقم. تحتوي القائمة على 10 رؤساء وزراء وثلاثة رؤساء -بما في ذلك رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون- وملك المغرب. يعتقد بأن الحكومة الهندية، التي يشك في أنها زبون لدى "أن أس أو"، اختارت أرقام حكومة التبت في المنفى برئاسة الدلاي لاما. كما تتضمن القائمة مئات الهواتف التابعة لمواطنين بريطانيين، والحكومة التي يعتقد أنها تتحمل المسؤولية عن استهدافهم هي حليف بريطانيا الخليجي، دولة الإمارات العربية المتحدة، التي هي نفسها ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، شريك بريطانيا. بوجود مثل هؤلاء الأصدقاء قد يتساءل المرء: ما الذي يتوقع إذن من أعدائنا؟ وهذا الأسبوع، قال وزير مكتب الحكومة، اللورد ترو، إن بريطانيا "أعربت عن قلقنا عدة مرات لحكومة إسرائيل بشأن العمليات التي تنفذها "أن أس أو".

 

 

قالت "أن أس أو" إنها نظرا لأنها لا تقوم بتشغيل برامج التجسس التي تبيعها، ولا يوجد لديها إمكانية الوصول إلى بيانات من يستهدفهم زبائنها، فإن الشركة لا تملك الإشراف على استخدامها. هذه حجة واهية يقصد منها التنصل من المسؤولية، بذريعة الحفاظ على السرية التجارية، لكن برامج التجسس مثل تلك التي تنتجها "أن أس أو" هي التي تتيح فرصة انتهاك حقوق الإنسان الأساسية. لم يعد مستساغاً أن تشكو الديمقراطيات الغربية من أن الصين أو روسيا تصدر السلطوية الرقمية، بينما حلفاؤها ينشرون أدوات يمكن أن تستخدم لتحقيق نفس الغاية.
 
غدا نفوذ الدولة مرتبطا ببرامج الكمبيوتر. يجب على إسرائيل ضبط قطاع إنتاج برامج التجسس التي تسمح للأنظمة السلطوية بأن تصدر الرقابة الذاتية. ثمة حاجة إلى قواعد عالمية لضبط انتشار أسلحة القمع الشامل هذه. إن من مصلحة البلدان الديمقراطية العمل على الحد من مثل هذه التكنولوجيا.

 

في الوقت الراهن، لا توجد آليات، سواء لدى القطاع الحكومي أو الخاص، فيما عدا اللجوء إلى رفع القضايا لدى المحاكم، بإمكانها منع هذه الانتهاكات الخطيرة لحرية التعبير وحرية التجمع والخصوصية، وهي انتهاكات تصبح ممكنة بفضل أدوات مثل تلك التي تنتجها "أن أس أو". يجب أن يتغير ذلك.

التعليقات (0)