قضايا وآراء

هل يعرف قيادات الإخوان قيمة جماعتهم؟!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

على مدار أيام مضت، اشتعلت الحوارات والنقاشات على منصة جديدة للتواصل الاجتماعي، باسم: كلوب هاوس، بدأت تجتذب شريحة كبيرة من الناس، ويطرح فيها موضوعات حسب اهتمام أصحاب هذه المجموعات، ما بين سياسة، ودين، ومشكلات الحياة، وغلب الطابع السياسي عليها أكثر، بحكم حرمان الشعوب من هذه المساحة، في ظل حكومات مستبدة، خنقت المجال العام، وسدت كل منافذه.

من بين هذه النقاشات دار نقاش في أكثر من مكان عن جماعة الإخوان المسلمين، رغم حالة الضعف الشديد الذي تعاني منها الجماعة على جميع المستويات: فكرية، وسياسية، وتربوية، ودينية، واجتماعية، هذه هي الحقيقة، فالضعف تملك من مفاصل الجماعة، وقد بدا في رأسها أكثر، ومع ذلك لا يزال الحديث عن الجماعة، عن تاريخها، عن ماضيها، عن حاضرها، عن مستقبلها، نعم لا يزال الحديث يدور عن مستقبل هذه الجماعة، هل انتهت أم لا يزال فيها رمق من حياة، يمكن أن يكون بداية عودة لها، أفضل مما كانت، أو على الأقل مثلما كانت رغم تحفظات الكثيرين على ما كانت عليه؟ أسئلة ونقاشات تطرح.

منذ انطلاق الإخوان المسلمين في مصر، وبخاصة بعد نزوح البنا إلى القاهرة من الإسماعيلية، وبداية نشاطه، والأقلام والأجهزة ترصد، وتكتب، وتناقش، حتى عند غياب الإخوان في سجون عبد الناصر، لم تقف الكتابات، سواء منها العربية أو الغربية، وبعد خروج الإخوان المسلمين من سجون عبد الناصر في السبعينيات من القرن الماضي، لم تكف الدراسات والبحوث عن الإخوان، مدحا، أو ذما، نقدا أو تأييدا.

 

ستظل جماعة الإخوان تشغل الباحثين والدارسين، والناشطين، ومعظم القوى البحثية والسياسية، شئنا أم أبينا، هذا واقع، لأن هناك تفاصيل لا تزال مجهولة عن الإخوان، لم يعمل فيها الباحثون مبضع أقلامهم حتى الآن،

 



جاءت ثورة يناير، بكل تفاصيلها وأحداثها، وكانت كذلك حاضرة بشبابها أولا، ثم تبعها بقية أفرادها، ثم جاء الانقلاب، والتفت حولها معظم القوى الرافضة للانقلاب، ثم منيت بتراجع غير مسبوق في تاريخها كله منذ نشأتها، فقد تعرضت أيام عبد الناصر لمحاولة إنهائها تماما، لكنها بقيت، لكن هذه المرة كانت الضربة من داخلها، كان الضعف والانهيار بقوى داخلية لا خارجية، ومع كل هذا التراجع أو إن شئنا الدقة، مع كل هذا الانهيار في الأداء، وبخاصة تنظيم مصر، لا يزال للجماعة قوتها وأهميتها، ولا تزال حاضرة بقوة في كل نقاش يدور حول مصر لا يمكن أن يهمل المتحدث أن يعرج على الإخوان، ويتساءل عن دورهم، أو الدور المأمول منهم؟!

ستظل جماعة الإخوان تشغل الباحثين والدارسين، والناشطين، ومعظم القوى البحثية والسياسية، شئنا أم أبينا، هذا واقع، لأن هناك تفاصيل لا تزال مجهولة عن الإخوان، لم يعمل فيها الباحثون مبضع أقلامهم حتى الآن، في سر قوة هذا التنظيم، وكيف تسرب إليه سوس الانهيار؟ هذان سؤالان من أهم الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنهما حتى الآن، لا من الإخوان أنفسهم، ولا من المهتمين بهم.

يعنينا صلاح كيان الإخوان، وأولى بداية الإصلاح: أن يعرف الإخوان قيمة جماعتهم، وأول المطالبين بالمعرفة هم القيادات المتصدرة في الجماعة أولا، وقبل أي أحد، فما قيمة أن يعرف الأفراد، ولا يعرف القيادات؟! وأولى مراحلة معرفة القيادات لأهمية الجماعة، أمر ميسور وسهل، إذا فكروا في إجابة سؤال مهم وهو: لماذا يعادي السيسي وابن زايد، وغيرهما من الأنظمة جماعتهم؟

لأن هذه الجماعة استطاعت بعملها الدؤوب لعقود متواصلة، كسب مساحات في المجال العام والخاص في المجتمع، وفي العمل الخيري والديني، والنقابي، لو استمرت عليه مع تطوير في وسائلها ومنهجها لكان لها شأن آخر.

 

مع كل هذا الانهيار في الآداء، وبخاصة تنظيم مصر، لا يزال للجماعة قوتها وأهميتها، ولا تزال حاضرة بقوة في كل نقاش يدور حول مصر لا يمكن أن يهمل المتحدث أن يعرج على الإخوان، ويتساءل عن دورهم، أو الدور المأمول منهم؟!

 



هذه الأنظمة ببساطة، تعلم قوة وحجم هذه الجماعة، إذا قدر الله لها العافية والصحة، وقد كان مبارك يعلم ذلك، وكان كلما طالبه الغرب بإصلاحات سياسية، يقول: لو فعلت ذلك سيأتي الإخوان للحكم أو الصدارة، وهو ما شعر به الغرب في معظم قضايا الأمة الكبرى، من احتلال فلسطين، إلى العراق، من أهمية دورهم. بل انظر إلى حال كثير من بلاد المسلمين وحالهم بعد الانقلاب في مصر، وما جرى فيه، لقد شجع التنكيل بالإخوان، بقية الأنظمة الفاسدة للتنكيل بما هو دونها، نظرا لأن الجماعة ذات التاريخ والقوة والبأس، جرى لها ما جرى، فكان سببا للتجرؤ على من دونهم.

كل إنسان عاقل راصد للجماعة يعلم قيمتها، ويعلم حجمها، وأثرها، وأهميتها، وهذا ما جعل العلامة الشيخ القرضاوي يرفض أن يكون مرشدا للإخوان مرتين، مرة بعد وفاة الأستاذ حسن الهضيبي، ومرة ثانية عندما عرض عليه الأستاذ مأمون الهضيبي أن يتنازل له عن منصب المرشد، وقد كان مرشدا وقتها، السبب: أن القرضاوي يعلم قيمة الجماعة التي عُرض عليه قيادتها، فهي ـ كما يقول ـ ذات شقين: شق علمي تربوي، وهو قادر على قيادتها في ذلك، وشق سياسي، وهو باعترافه لا يمتلك القدرة والأدوات لذلك.

لذا يظل السؤال الأهم هنا: هل يعرف قيادات الإخوان قيمة جماعتهم؟ لو عرفوا قيمتها معرفة حقيقية، لا معرفة التباهي بالماضي، أو البكاء على الأطلال، بل المطلوب المعرفة عن بصيرة ورؤية حقيقية تعبر عن هذا البناء الضخم، لو عرفوا لتحول حال الجماعة إلى حال آخر، (قل عسى أن يكون قريبا) الإسراء: 51، أو يسري عليهم قانون الله الذي لا يحابي أحدا: الاستبدال.

[email protected]


التعليقات (4)
Osama omar
الجمعة، 26-02-2021 09:48 ص
جزاك الله خيرا ي شيخ عصام فعلا ما احوج ان يلتئم الجرح اسال الله يجمع شتتاتها
تحية للشيخ عصام
الجمعة، 26-02-2021 09:19 ص
الكثيرون يقولون الجماعة وأصحاب الجماعة وأرى أن كل المسلمين والعرب خصوصا في صفهم حتى دون الانتماء اليهم. وهذا يؤكد أن روح الجماعة حية ومستمرة وتتقدم بفضل الحكام الهمج لكن جسمها مريض معلول ومنكسر ولا يجب للجماعة أن يديرها فرد واحد أو مجموعة أفراد دون مرجعية(نصوص منهج فكر...) ثابتة متفق عليها من الكل... الاستبدال قد يكون ظرفيا يعطي مجالا أرحب للجماعة للانطلاق من جديد بصورة لا غبار عليها ولا تهزها أية رياح مهما كانت ولا ينحني ممثلوها ولا يخرجون أو يحيدون عن الطريق حاضرا ومستقبلا
تايه العبدالله
الخميس، 25-02-2021 05:35 م
أراك عبده مشتاق لدخول الجماعه ولكن من فوق هيهات هيهات
ناصحو أمتهم
الخميس، 25-02-2021 03:54 م
فاتهم القطار و الاخوانية عقل ونهح في الممارسة و ليس انتماء تنظيميا. و ستكون نهاية الاخوانية (بمعنى نفض اليد منها من قبل كل عربي مسلم له ادنى إلتزام بعنصري هويتنا الحضارية) اثر استهلاك حماس. و لله الأمر من قبل و من بعد.