مقالات مختارة

إسرائيل وإثيوبيا والنيل.. الشيطان يعظ!!

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

هل هناك دور لإسرائيل في تشجيع إثيوبيا على التعنت في قضية سد النهضة، أم أن ذلك مجرد هواجس ومخاوف في عقول بعض المصريين؟!

المؤكد أن من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية أن تكون مصر ضعيفة دائما، حتى لا تتصدى لمشروعها الاستيطاني الاستعماري في المنطقة.

لكن وفي نفس الوقت، وحتى نرى الأمور على حقيقتها، فمشكلتنا مع إثيوبيا أكثر تعقيدا من اختزالها في «العامل الاسرائيلي» فقط، بحيث يعتقد الناس، أنه لو اختفت إسرائيل، فسوف يتم حل مشكلة المياه مع إثيوبيا بأكملها، وليس فقط مشكلة سد النهضة.

ننسى أن مشكلة المياه بين مصر وإثيوبيا موجودة قبل قيام إسرائيل أصلا وذرعها عنوة في المنطقة عام ١٩٤٨. بل إن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قال في حواراته مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة سي. بي. سي قبل وفاته، إن الغرب وبعد أن تصدت مصر للحملات الصليبية فكر في عمل هندسي يتم بموجبه تحويل نهر النيل ليصب في المحيط الأطلنطي، بدلا من إكمال طريقه إلى مصر، وأرسل خبراء لمنابع النيل لبحث تنفيذ هذه الفكرة الجهنمية!!
هل هذا يبرئ إسرائيل؟!

إطلاقا ولكن هي محاولة لوضع الأمور في إطارها الطبيعي.


وهل معنى ذلك أن إسرائيل لا تسعى للإضرار بنا في هذه القضية أو غيرها؟!

الإجابة أيضا هي لا، وما دفعني لكتابة هذا الكلام اليوم، رسالة وجدتها على جروب لمجموعة من الخبراء والمتخصصين تتحدث عن ندوة مهمة نظمتها السفارة الإثيوبية في تل أبيب نهاية شهر أكتوبر الماضي، وحضرتها السفيرة الإثيوبية في تل أبيب وكذلك سفيرا غانا وجنوب السودان واستمرت ساعة وربع الساعة، وكان من أهم المتحدثين فيها الدكتور حجاي ايلرخ المتخصص في الشؤون الأفريقية بجامعة تل أبيب ومؤلف كتاب «الصليب والنهر.. مصر وإثيوبيا والنيل».

السفيرة الإثيوبية دينا اليمو تحدثت عن وجهة نظر بلادها المعروفة، وقالت إن الوقت حان لتأمين حصة عادلة من مياه النيل لبلدها».

لكن الكلام الأهم جاء على لسان الإسرائيلي إيلرخ، ومن بين ما قاله، إن «فكرة الحقوق التاريخية في النيل لا تزال تسيطر على عقل المصريين، وهم يتجاهلون إثيوبيا عبر التاريخ رغم أن ماء النيل ينبغ من أراضيها. وسد النهضة زلزال مدمر ضرب مصر، وعقل المصريين لا يستوعب بعد أن مرحلة جديدة في التاريخ تبدأ الآن بوجود سد النهضة، ولن يكون ممكنا بعد الآن استمرار اعتماد المصريين التاريخي على النيل في حياتهم الاقتصادية، وسوف نرى قريبا بحيرة السد العالي وهى تفرغ تماما من المياه خلال سنوات قليلة، ولن تولد كهرباء من السد العالي وحينها سوف تنتظر مصر المياه الآتية من إثوبيا»!!!.

يضيف إيلرخ أنه مهما طالت المفاوضات فهي لا تعنى الكثير لأن السد موجود أصلا، وسيتم الملء، وستتحكم إثيوبيا في النيل، وأنه مثلما كان السد العالي هو مشروع ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ في مصر، فإن سد النهضة هو «مشروع الحضارة الحالية في إثيوبيا».

نفس الندوة التي انعقدت عبر الإنترنت تحدث نائب رئيس الشئون الأكاديمية  معهد هرتزل الإسرائيلي الدكتور عريف هايفري، وهو أيضا من تلاميذ إيلرخ وقال إن على مصر أن تستوعب الواقع الجديد وتؤمن أن من حق إثيوبيا استخدام حصتها من النهر داعيا مصر إلى شراكة جديدة تستخدم التكنولوجيا الإسرائيلية، واستثمار محتمل من الولايات المتحدة سوف يكلف مصر ٧٠ مليار دولار لتحلية ٦ مليارات متر مكعب من مياه البحر سنويا.

هذا أهم ما ورد الندوة التي نشرها الموقع الروسى «سبوتيك»  ٣٠ أكتوبر الماضي، ولم أجد لها رواجا  وسائل الإعلام المصرية والعربية.

ما قاله الخبيران الإسرائيليان يكشف بوضوح عما تحلم به إسرائيل، وربما عما تفعله لمساعدة إثيوبيا كما جاء العديد من التقارير الإعلامية، لكن الأهم أن الذي سيحبط كل هذه الأحلام أو الأوهام أو المؤامرات، هو أن نستخدم كل ما نملكه من إمكانات ومقدرات وموارد، كى نجهض الخطة الإثيوبية الشريرة الرامية إلى تحويل سد النهضة إلى محبس للتحكم  حياة ومستقبل أكثر من مائة مليون مصرى يعتمدون تماما على مياه النيل.

 

(الشروق المصرية)

0
التعليقات (0)