مقابلات

أيمن نور: لهذه الأسباب نقلنا نشاط حزب "غد الثورة" للخارج

نور: أخبار طيبة قريبا بخصوص "اتحاد المعارضة المصرية"- جيتي
نور: أخبار طيبة قريبا بخصوص "اتحاد المعارضة المصرية"- جيتي

قرار تجميد نشاط حزب "غد الثورة" داخل مصر تأخر 7 سنوات 

 

سلطة الانقلاب لن تسمح بحياة سياسية أو برلمانية أو حزبية

 

النظام منعنا من ممارسة كافة أشكال التعبير عن مواقفنا أو التحرك في الشارع أو خوض أي منافسة انتخابية

 

تجميد نشاط حزب سياسي قائم أمر لم يحدث في تاريخ مصر إلا مرة واحدة


أزمة النظام ليست مع تيار أو فصيل بعينه بل مع الجميع بلا استثناء


"غد الثورة" سيلعب دورا هاما حول العالم خلال الفترة المقبلة وسيكون ملهما للداخل وعونا وصوتا له


أخبار طيبة قريبا بخصوص "اتحاد المعارضة المصرية"


هناك جهد هائل يبذله الجميع لخروج مشروع "اتحاد المعارضة"


أي مصالحة عربية-عربية سيكون لها انعكاس إيجابي على الملف المصري


أعلن حزب "غد الثورة" المصري المعارض تجميد أنشطته السياسية داخل مصر بسبب افتقاد ما وصفه بالحد الأدنى من الحريات والحقوق السياسية.

وتزامنا مع قرار التجميد في الداخل، أعلن الحزب، خلال مؤتمر صحفي عُقد اليوم الاثنين بمدينة إسطنبول التركية، عن نقل نشاطه إلى الخارج، واختيار هيئة عليا جديدة مع فتح باب العضوية لكل المصريين المتواجدين خارج البلاد.

من جهته، قال المرشح الرئاسي السابق، وزعيم حزب غد الثورة، أيمن نور إن "قرار تجميد نشاط الحزب في الداخل تأخر 7 سنوات، حيث كان ينبغي أن يتم اتخاذ تلك الخطوة عقب حدوث الانقلاب العسكري الذي لم ولن يسمح بحياة سياسية أو برلمانية أو حزبية، ولن يقبل إلا بكيانات هشة وهامشية، وأحزاب شكلية".

وأكد، في حوار مع "عربي21" أن "حزب "غد الثورة" سيلعب دورا هاما حول العالم خلال الفترة المقبلة، ونشاطه في الخارج سيكون رافعة حقيقية للقوى المدنية، ومظلة تتسع لتنوعاتها، ولكل الكفاءات والخبرات المتواجدة بالخارج، وسيكون ملهما للداخل وعونا وصوتا له".

وأوضح المرشح الرئاسي السابق أن "الدعوة التي أطلقها في 14 آب/ أغسطس 2020، لاتحاد كافة القوى الوطنية المصرية تحت مظلة جامعة لإسقاط الانقلاب، لاقت قبولا وحماسا من مختلف الأطياف السياسية المصرية بالخارج، ومنذ هذا التاريخ، وهناك جهد هائل يبذله الجميع لخروج المشروع في صورة ملبية لاحتياجات مصر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وأتوقع أن تكون هناك أخبار طيبة قريبا".

وشدّد نور على أن "التغيير قادم وسيحدث قريبا بمصر، لأسباب متعددة"، مشيرا إلى أن "الوضع مؤهل لانفجار وشيك في ظل غياب إصلاحات عميقة في حوكمة وإدارة المؤسسات والمنشآت العمومية الواسعة التي أضحت كلها تقريبا مُفلسة ومُدمرة وخربها الفساد والمحسوبية والبلطجة".

ورأى أنه "في حال عدم استعداد القوى الوطنية لهذا التغيير المرتقب، فإنه سيحدث بأيدي قوى هامشية، أو فاشستية نافذة مدعومة بلوبيات خارجية، من أجل إنقاذ منظومة المصالح عبر إصلاحات شكلية، وحلول ترقيعية، وخيارات لن يكون بإمكانها سوى تأجيل الانفجار الاجتماعي بعض الشيء"، داعيا قوى ثورة 25 يناير إلى "اقتناص اللحظة التاريخية المواتية داخليا وخارجيا، وقبل فوات الأوان"، وفق قوله.

وفي ما يأتي نص الحوار:

ما دلالات وأبعاد الانطلاقة الجديدة لحزب "غد الثورة" من خارج مصر؟

منذ 20 عاما، خرجت حركة الغد، كرد فعل لتراجع دور الوفد، الذي كان يمثل قمة الهرم الليبرالي المصري، وكان الغد – الوليد – بمثابة رئة جديدة ونظيفة، بعد أن سيطر نظام مبارك، على مفاصل الوفد، بعد رحيل قيادته التاريخية فؤاد سراج الدين (آب/ أغسطس 2000)، وبعد تولي قيادات هوت بالحزب إلى الحضيض، فكان لزاما أن يخرج من رحم الحركة الليبرالية المصرية مَن يحمل الراية، ويحيي القيم والمبادئ والثوابت الليبرالية، وكان هذا هو الميلاد الأول للغد كحركة داخل المجتمع والبرلمان.

ثم كان الميلاد الثاني، عندما تحوّلت الحركة لحزب، بعد التقديم على 5 أحزاب في 4 سنوات بتنويعات مختلفة من اسم الغد، مثل: الغد الليبرالي، والغد المصري، والغد الديمقراطي الاجتماعي، إلى أن حصلنا على حكم بقيام وميلاد حزب الغد في تشرين الأول/ أكتوبر 2004، وبعد أقل من ثلاثة أشهر، لم يحتمل فيها النظام الحزب الواعد، فتم اعتقالي وعدد من زملائي بالحزب، ومُنعت صحيفة الحزب، التي كان يرأس تحريرها إبراهيم عيسى، وتصور البعض أن هذه الإجراءات ستقتل حلم الغد في مهده، إلا أن تقدم الحزب بترشيحي من سجني لأول انتخابات رئاسية مصرية، حل فيها الحزب ثانيا من بين عشرة أحزاب، كان بمثابة ميلاد ثالث للحزب، الذي ظن البعض أنه انتهى عندما أعاد النظام اعتقالي لأربع سنوات، وقام باختطاف الحزب لصالح عملاء أمن الدولة، وحرق مقراته، إلا أن الحزب وُلد ميلادا رابعا يوم قيام ثورة يناير، التي كان الغد أهم الداعين والمشاركين فيها.

وبعد الثورة تحوّل الغد، لغد الثورة، في ميلاد جديد لحزب جديد يحمل قيم واستحقاقات الثورة عمامة على رأسه، والوسطية والاعتدال على يمينه، ووحدة الجماعة الوطنية على يساره، وكما كان الغد قبل الثورة عملة نادرة وصعبة، بوصفه رمزا للشجاعة، فقد كان عملة صعبة ونادرة، بعد الثورة بوصفه رمزا للاعتدال والوسطية، وجسرا يجمع لا يفرق الجماعة الوطنية، ولا يخون قيم الثورة.

أما الميلاد الخامس والأخير: فهو ما انتهى إليه قرار الحزب في الداخل، بتجميد النشاط السياسي للحزب داخل القطر المصري، وإطلاق الحق لأعضاء وقيادات الحزب في الخارج في ممارسة دورهم الوطني والسياسي والحزبي.

لكن ألا يعد تجميد نشاط حزب غد الثورة انتصارا للنظام وانسحابا من المشهد الداخلي؟

العكس هو الصحيح؛ فهذا القرار تأخر في تقديري 7 سنوات، وكان ينبغي أن يتم عقب وقوع انقلاب عسكري مكتمل الملامح والأركان، ومعلوم مسبقا من البداية، أنه لن يُسمح بحياة سياسية أو برلمانية أو حزبية، ولن يُقبل إلا بكيانات هشة وهامشية، وأحزاب شكلية، تقول ما يرى، وتفعل ما يريد، ورغم هذا حاولنا كي لا نُتهم بالتعجل في مثل هذا القرار، وكانت نتائج هذه المحاولات صفرية، بل وكارثية، بداية من الاستيلاء على مقراتنا، واعتقال شبابنا، وقيادات حزبنا، ومنعنا وغيرنا من ممارسة كافة أشكال التعبير عن مواقفنا، أو التحرك في الشارع، أو خوض أي منافسة انتخابية في ظل تولي الجهات الأمنية والمخابراتية إدارة وصناعة المشهد السياسي والبرلماني كاملا.

إذن لماذا اتخذ الحزب هذا القرار الآن، وبعد 7 سنوات من الانقلاب؟

عندما تفسد كل شرايين القلب، يُخلق الجسم شرايين جديدة، تحت إلحاح ضرورة انسياب الدم، وأعتقد أن النظام أغلق كل شرايين الحياة السياسية، وجفّف كل المنابع، وسد كل السُبل، وحوّل الأحزاب القائمة إلى كتل من الفِلل والديكور، ليجمل بها صورته خارجيا، لهذا فهو لم يقتل هذه الأحزاب، لكنه لم يتركها حيّة، وصنع مجموعة من الكيانات والأحزاب من الصلصال الذي تشكّله الأجهزة الأمنية على يديها، في أشكال وأدوار وظيفية وضيعة، وبالتالي فقد أصبح يقينا لدينا، أن الغد بتاريخ ونضال 20 عاما لا يستحق أن يكون بعضا من هذا الديكور، ولعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت فاصلة في موقفنا الأخير، فضلا عن أن الهيئة العليا السابقة، ورئيس الحزب الأستاذ محمد أبو العزم انتهت مدة انتخابهم، وتعذر عقد جمعية عمومية عادية، في ظل الظروف الأمنية غير العادية التي لن تسمح بعقد جمعية عمومية لحزب غد الثورة.

وهل هناك علاقة بين توقيت هذا القرار وبعض المتغيرات الدولية والإقليمية؟


عندما يُتخذ أي قرار سياسي، يؤخذ في الاعتبار كل الثوابت، وكل المتغيرات الإقليمية والدولية، وعندما يضطر حزب ليبرالي لتجميد نشاطه داخل وطنه، فهذه رسالة واضحة أن أزمة النظام ليست مع تيار بعينه، أو فصيل بذاته، كما يحلو له أن يدعي، بل هي أزمة مع الجميع، دون تمييز.

وكيف تتوقع رد فعل النظام على قرار التجميد وقرار نقل الحزب للخارج؟

تجميد نشاط حزب سياسي قائم، أمر لم يحدث من قبل في تاريخ مصر، إلا مرة واحدة عندما قرر حزب الوفد تجميد نشاطه عام 1978، بسبب عدم جدية التجربة الديمقراطية، وهجوم السادات على الوفد وقياداته، وظل الحزب مجمدا نشاطه حتى العام 1984 عندما قرر العودة للحياة الحزبية، فاعترضت السلطة، وادعت أن الحزب حل نفسه ولا يجوز عودته مرة أخرى، لكن قضاء مجلس الدولة أصدر حكما تاريخيا عاد به الوفد عام 1984 للحياة الحزبية. ومن هنا أستبعد أن يلعب النظام ذات اللعبة، وقد يدفع أذرعه الإعلامية للرد على هذه الخطوة بمزيد من حملات التشويه، أو استخدام عدد من المخبرين في ادعاء صفات كاذبة لهم في الحزب، ورفضهم لهذا القرار، أو غير ذلك من الألاعيب الصغيرة والمعتادة.

وهل يمكن أن يلعب الحزب دورا مؤثرا من تركيا؟

الحزب سيلعب دورا هاما – حول العالم – وليس له علاقة بتركيا أو غيرها من البلاد، إلا بصفتها دولة من عشرات الدول، التي يتواجد بها عدد من المصريين؛ فالحزب يفتح أبوابه لقرابة 10 ملايين من المصريين بكل قارات ودول العالم، خاصة المنتمين منهم للتيار الليبرالي والمدني والمستقلين، وهم غالبية بين المصريين المهمومين بمحاولة إنقاذ مصر مما آلت إليه الأوضاع فيها.

وأحسب أن نشاط غد الثورة في الخارج سيكون رافعة حقيقية للقوى المدنية، ومظلة تتسع لتنوعاتها، ولكل الكفاءات والخبرات المتواجدة بالخارج، وسيكون ملهما للداخل وعونا وصوتا له.

ما هي حقيقة علاقتك بالإدارة الأمريكية الجديدة، والسفير وليم بيرنز المدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"؟

الإدارة الأمريكية الجديدة لم تتشكّل بصورة نهائية بعد، لكن هناك مؤشرات من بعض الأسماء التي تأكد اختيارها، ومعظمها مؤشرات إيجابية، وقليل منها سلبي – خاصة – في شأن القضية الفلسطينية، أما ما تردد عن علاقتي بالرئيس الأمريكي الجديد، فقد كانت من خلال اهتمامه أثناء وجودي رهن الاعتقال (عام 2009) بالإفراج عني، ولهذا فقد تلقت أسرتي اتصالا بهذا الملف، عندما كان نائبا للرئيس أوباما.

أما عن السفير وليم بيرنز، فقد التقيت به أكثر من مرة في القاهرة، عندما كان رئيسا لمؤسسة كارنيغي، التي كانت تعمل بها السيدة ميشيل دان، وعمل بها أيضا د. عمرو حمزاوي، وقد أجرى معي بيرنز حوارات ما زالت منشورة على موقع المؤسسة إلى الآن.

وأظن أن اختياره لهذا الموقع مؤشر إيجابي، خاصة في ملف العلاقات الأمريكية الإيرانية، وكذلك في ملف الشرق الأوسط، وإن كان الاختيار مفاجئا، لأنها ربما تكون المرة الأولى التي يتم فيها اختيار رئيس الـ "سي آي أيه" (CIA) من الشخصيات الدبلوماسية المدنية والحقوقية.

"اتحاد المعارضة المصرية" الذي دعوت له قبل نحو 5 أشهر.. إلى أين وصل؟ وما المأمول منه؟

منذ 14 آب/ أغسطس العام الماضي، أطلقت دعوة لاتحاد كافة القوى الوطنية المصرية، تحت مظلة جامعة لإسقاط الانقلاب، وأحسب أن هذه الدعوة لاقت قبولا وحماسا من مختلف الأطياف السياسية المصرية بالخارج، ومنذ هذا التاريخ، وهناك جهد هائل يبذله الجميع لخروج المشروع في صورة ملبية لاحتياجات مصر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وأتوقع أن تكون هناك أخبار طيبة قريبا إن شاء الله.

ما انعكاسات المصالحة الخليجية والإدارة الأمريكية الجديدة على الملف المصري؟

أحسب أن الملف المصري يتأثر بكل المتغيرات الإقليمية والدولية، سواء كانت سلبية أو إيجابية، وأظن أن أي مصالحة عربية – عربية هي خطوة إيجابية، وسيكون لها انعكاس إيجابي يتجسد على الأقل في إمكانية وجود وسيط "نزيه" يمكن أن يلعب دورا في حلحلة الأزمة المصرية.

كما أن سقوط وخروج ترامب كان خطوة إيجابية ستنعكس بصورة جيدة على قضايا الحقوق والحريات في العالم، بغض النظر عن شخص مَن سيخلف ترامب. وعندما يكون خليفة ترامب، هو رجل بخبرة بايدن، وتاريخه الطويل، واتصاله السابق والدائم بملفات المنطقة كنائب في الكونغرس أو كنائب للرئيس أوباما، فضلا عن تصريحاته المعلنة قبل وأثناء الانتخابات الأمريكية، فكل هذا يصب في خانة الإيجابية، أكثر من السلبية، لكننا لا ينبغي أن نفرط في التفاؤل أو العجلة؛ فالرئيس الأمريكي لن يأخذ خطوات واسعة في الملفات الخارجية خلال عامه الأول، الذي ربما يستغرقه داخليا في معالجة آثار أزمة كورونا صحيا واقتصاديا.

ماذا عن فرص التغيير في مصر؟

يقينا، الوضع الراهن لا يمكن أن يتواصل فعلا؛ فالأزمة الاقتصادية على أشدها والبلاد على حافة الإفلاس، والموارد الداخلية للدولة متمركزة بشكل شبه كلي على الجباية والقروض بسبب تعطل آلة الإنتاج، وأصبحت غير قادرة على تغطية احتياجات الموازنة العامة للدولة، بما يعني استفحال المديونية الداخلية والخارجية، ورهن السيادة الوطنية، والفقر الذي انتشر اتساع رقعته، وزادت حدته، وهو ما يهدد بهزة اجتماعية خطيرة قد لا تتأخر كثيرا، وربما ما أخرها إلى الآن هو القهر الذي مارسته الدولة، والذي قد لا يتاح لها ممارسته بذات الحدة في المرحلة القادمة.

والتغيير قادم قريبا، لأن المنوال التنموي للبلاد وصل إلى نهاية الطريق، وأصبح عاجزا تماما عن توفير حلول للمشاكل المتراكمة بعضها فوق بعض. ولأن بنية الدولة المصرية ومؤسساتها تقادمت وتهالكت، وأصبحت على درجة كبيرة من البيروقراطية والتكلس وعدم الفاعلية، ولأن منظومة المؤسسات والمنشآت العمومية الواسعة أضحت كلها تقريبا مفلسة ومدمرة وخربها الفساد والمحسوبية والبلطجة، ولا يمكن أن تتواصل هكذا مطلقا، والوضع مؤهل لانفجار وشيك في ظل غياب إصلاحات عميقة في حوكمة وإدارة تلك المؤسسات ومحاربة جدية للفساد فيها.

التغيير قادم لا محالة، لأن بنية الاقتصاد الريعية أو المتمركزة على الجيش وعدد قليل من العائلات ورجال الأعمال الذين يحتكرون الثورة ويهيمنون على كل القطاعات، لم تعد قادرة على الصمود طويلا أمام الضغط الكبير للانفتاح من طرف قوى المصلحة الجديدة، وأصحاب المبادرات ذات القيمة المضافة العالية والقدرة المرتفعة، وأيضا أمام ضغط الشركاء العرب والأجانب، والمنافسة الإقليمية والدولية الحادة، في ظل اقتصاد متكلس، وإنتاج متوقف، ورقابة غائبة، وفرص تنافسية منخفضة أو تكاد تكون منعدمة.

التغيير قادم حتما بالنظر لوجود فئات واسعة من المواطنين المقتنعين بضرورته وحتميته، بعد أن جربوا عددا من الخيارات وفشلت فشلا ذريعا، فكل تغيير في مرحلة الثورة المضادة كان للأسوأ، حتى وصلنا للقاع.

لكنني أرى أنه في حال عدم استعداد القوى الوطنية لهذا التغيير المرتقب، فإنه سيحدث بأيدي قوى هامشية، أو فاشستية نافذة مدعومة بلوبيات خارجية، من أجل إنقاذ منظومة المصالح عبر إصلاحات شكلية، وحلول ترقيعية، وخيارات لن يكون بإمكانها سوى تأجيل الانفجار الاجتماعي بعض الشيء، وستتسبب في ضياع وقت ثمين على البلاد وتأخير استحقاقات التغيير الحقيقي والمنشود لعشر سنوات أخرى.

كيف يمكن لقوى الثورة التعاطي مع هذا التغيير المأمول في مصر؟

من خلال إعداد رؤية استراتيجية تشاركية تفاعلية للبلاد، بعد تشخيص عميق لأسباب التعطل، ودراسة مستفيضة لتجارب الشعوب التي كانت في مستوانا، قبل أن تأخذ طريق الاستقرار والازدهار والنهضة الشاملة، وتتركنا نراوح في نفس المكان، أو بالأحرى نتقهقر عليه بشكل متسارع، فإننا نحتاج إدارة حوار عميق ضمن مركز أو مراكز استراتيجية حول الرؤية والرسالة والقيم ونقاط الضعف والقوة والمخاطر والفرص، وتحديد المحاور الاستراتيجية التي يجب التوجه إليها في المشروع الوطني التغييري القادم.

كذلك، لا بد من إعداد برنامج حكم يتضمن رؤية إصلاح هيكلي ومؤسساتي وتشريعي للدولة ومؤسساتها، وللاقتصاد وقطاعاته، وللمجتمع ومجالاته، رؤية ترتكز على معرفة تفصيلية دقيقة، حاولت صياغة جانب كبير منها في الصفحات القادمة، من رؤية، أو إشارات وصية لبلادي بعد 102 سنة من ثورتها الأولى 1919، وبعد 10 سنوات من ثورة يناير 2011، وبعد 20 سنة من تأسيس حركة الغد الليبرالي.

وهذا السيناريو قابل للتحقق، لو توفرت الإرادة والإمكانيات، والمعركة تستحق أن تُخاض، لأن نتيجتها حصول التغيير المنشود، في وقت مأمول، وتقديم نموذج نجاح مهم لشعوب المنطقة ككل.

لذا، وجب على كل قوى التغيير الالتحام تحت لافتة واحدة، وعنوان واحد، في الذكرى العاشرة للثورة، ولا بد من فهم الأهمية الاستراتيجية لهذه المرحلة الهامة، واقتناص اللحظة التاريخية المواتية داخليا وخارجيا، وقبل فوات الأوان.

التعليقات (1)
رابح بوكريش
الثلاثاء، 19-01-2021 02:48 م
الحقيقة الواضحة تماما هي: أن أيمن نور يريد في الفترة الأخيرة تجاوز دوره في الساحة السياسية كمعارض في الخارج إلى لعب دور المشارك والصانع في منطقة حساسة تدور فوقها صراعات ، وقد اختار أحسن توقيت للعب هذا الدور، وهو لحظة وصول جون بايدن الى البيت الأبيض . لا شك ، أن آخر ما فكر به السيسي هو أن يظهر أيمن نور من جديد كمعارض له ، وخاصة أن الرجل يتمتع بخبرة سياسية عميقة ، ودهاء مميز لتسيير دفة الصراعات وإقامة التوازنات . وأكثر من هذا أنه لا يحمل هذه الصفات فقط بل تميز بالاستقامة في السلوك وشجاعة نادرة في التعبير عن آرائه.هذه الأمور وأخرى ، جعلت منه الأكثر شهرة من بين المعارضين العرب . الواقع أن أيمن نور يؤمن بأن مصر لن تخرج من عنق الزجاجة إلا بخروجها من الفوضى السياسية والاجتماعية التي تعيشها حاليا . لطالما كانت رئاسة مصر منذ1952 حكرا على الجيش . هذا يعني في التقديرات أن الرئيس القادم لمصر سيكون أيمن نور وخاصة أنه سيجد الدعم اللازم من البيت الأبيض .