مقالات مختارة

ماكرون والإسلاموفوبيا

أحمد الطيبي
1300x600
1300x600

أصبح من المعروف والمألوف أن يلجأ رؤساء وزعماء سياسيون خاصة قبل انتخابات عامة أو برلمانية نشر الإسلاموفوبيا وكراهية الإسلام كي يحوزوا على دعم من قواعد وشرائح واسعة يمينية محافظة وعنصرية في الغرب.

هكذا كان دونالد ترامب وهكذا هو عمانويل ماكرون رئيس فرنسا ،وهكذا هم عديد من نواب البرلمانات في عديد من الدول الأوروبية سواء في إسكندنافيا أو سائر دول أوروبا الغربية والأمثلة كثيرة. كذلك فعل آنذاك النائب النرويجي السابق بيتر مهري الذي وصف الحجاب «بانه يشبه الزي النازي» .

إن كاريكاتيرات شارلي إبدو ليست حرية رأي بل هي مس بالرموز والمعتقدات الدينية ولذلك هي مرفوضة.

نعم نؤمن بحرية الرأي والتعبير ولكننا أيضا نؤمن بحرية العقيدة والإيمان دون المس بها وبرموزها.

لا يختلف عاقلان بان عملية قتل المدرس الفرنسي على يد شاب صغير شيشاني مرفوضة ومدانة وهذا لا يمثل ديننا الحنيف بل على العكس تشوه سمعته وتعطي أعداء الإسلام فرصة وأداة لهذا التشويه.

ولكن الحملة التي يشنها ماكرون والسلطات الفرنسية ضد ما أسماه «الإسلام المتطرف» وتصريحاته البائسة العنصرية حول الديانة الإسلامية من جهة وإغلاقه مئات المساجد من جهة أخرى تهدد السلم الأهلي في بلده فرنسا وتدفع ملايين المهاجرين المسلمين والأجانب للشعور بأنهم مطاردون وملاحقون بسبب دينهم وعقيدتهم الإسلامية فقط لا غير.

إن تعبير «الإسلام المتطرف» الذي استخدمه ماكرون هو نفس التعبير الذي يستعمله نتنياهو في خطاباته التحريضية حيث تجادلت معه مرارا حول هذا التعبير المرفوض.

لا يوجد إسلام متطرف أو مسيحية متطرفة أو يهودية متطرفة. يوجد يهود متطرفون ومسيحيون متطرفون ومسلمون متطرفون.

ناهيك عن أن رفض ماكرون التنديد الكاريكاتيرات المسيئة للرسول الكريم بل عرضها على مبانٍ حكومية هي إساءة فظة للمسلمين ولكل محبي التسامح الديني ما بين الديانات في كل العالم .

لا احد ينكر أن هناك متطرفين في أوساط الجاليات المختلفة في أوروبا ولكنهم ليسوا»الإسلام» كجماعة ودين، انهم أفراد يشكلون أقلية من المسلمين الذين يعيشون بالملايين في دول أوروبا الغربية ويحترمون قوانين البلاد التي هاجروا إليها ولكنهم يمتلكون الحق في ممارسة شعائرهم وعقيدتهم وإيمانهم دون إهانة أو استفزاز أو تنكيل.

إن موقف وزير داخلية فرنسا المتطرف بمعارضته وجود أقسام خاصة في المتاجر العامة للطعام»الحلال» هي العنصرية بحد ذاتها بل هي الكراهية والتحريض تجاه المسلمين.

فهذا الوزير لا يعارض وجود أقسام طعام»الكوشير» لليهود مثلا، ولا يصفها بان منظرها» مقزز ومنفر « كما تفوه هذا الوزير.

نحن ضد التطرف سواء كان داعشيا مسلما أو يهوديا مستوطنا كهانيا أو جماعة kkk المسيحيين في أمريكا وغيرها.

نحن نؤمن بالتعايش السلمي والتسامح الديني بين الأديان. ولكننا نغضب وبحق ونرفض التمييز العرقي و حملات الإسلاموفوبيا.

نحن لسنا ضد فرنسا والفرنسيين فهذا شعب عظيم وناجح وحضاري، ولسنا ضد برج ايفيل الجميل والمميز ولا ضد جامعة السوربون هذا الصرح الأكاديمي المتميز ولكننا ضد مواقف ماكرون وماري لوبين زعيمة المعارضة العنصرية ، ولا يسعني هنا إلا أن أتذكر وجود آلاف الجماجم لمقاتلين جزائريين الذين قاوموا وناضلوا ضد الاستعمار الفرنسي في متحف الإنسان يطالب الجزائريون باستعادتها.

نهاية أود أن اذكر العالم بمعاييره المزدوجة : فالعالم كله سارع للمشاركة في جنازات ضحايا العملية الإرهابية في باريس في مقر مجلة تشارلي ابدو( التي أساءت للرسول الكريم ولعامة المسلمين ) ولكننا لم نرى زعماء أوروبيين شاركوا في جنازات ضحايا العملية الإرهابية في نيوزيلندا والتي ارتقى فيها شهداء مسلمون ضحايا كراهية الإسلام والمسلمين.

إن حملة « إلا رسول الله» جاءت ردا على كل هذه الاستفزازات والممارسات .

لقد واجهتُ بقوة المتطرفين اليهود عندما أساء العنصري الكهان ميخائيل بن ارج بالكنيست للإنجيل المقدس ورماه بسلة المهملات لأننا هنا بالشرق مسيحيون ومسلمون متسامحون متحابون كما أنني لا أوافق أن يعتدي اللاساميون أو دعاة النازية الجدد على اليهود ورموزهم الدينية فقط كونهم يهودا.

ولا يمكن إلا أن نقف جميعا موحدين معا ضد عنصرية البعض في الغرب والتهجم على الرموز والمعتقدات الدينية.

# إلا رسول الله.



الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل