ملفات وتقارير

حزب بمنصة موسكو يدعو لـ"تغيير جذري شامل" بسوريا.. رسالة روسية؟

قال قدري جميل سابقا إنه لولا روسيا لسقطت دمشق بيد النصرة وداعش في أيام- أرشيفية
قال قدري جميل سابقا إنه لولا روسيا لسقطت دمشق بيد النصرة وداعش في أيام- أرشيفية

تعرض وزير سوري سابق، موال لروسيا، لهجوم من مؤيدي النظام، مع اتهامات له بالعمل مع الإخوان المسلمين، على خلفية إعلانه تأييد "التغيير الجذري الشامل في سوريا" للمرة الأولى.

ويأتي هذا الموقف من الوزير السابق قدري جميل، الذي يقود حزب الإرادة الشعبية المنخرط ضمن ما تعرف بـ"منصة موسكو" للمعارضة، في وقت تشهد فيه وسائل الإعلام الروسية تقارير ومقالات تكشف عن تذمر روسيا من رئيس النظام السوري بشار الأسد واتهامات له بالفساد والفشل.

وجاء هذا التطور الخميس؛ ضمن "موقف مشترك" صادر عن اجتماع بين الحزب الذي يرأسه قدري جميل، وحركة التجديد الوطني التي يتزعمها عبيدة النحاس، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين. لكن الحركة تنفي أي صلة لها بالجماعة، كما سبق للجماعة أن أصدرت بيانا تنفي علاقتها بالحركة.

 


وفي ما اعتبرت رسالة روسية لبشار الأسد، أكد الإعلان في مطلعه "ضرورة البدء الفوري بعملية التغيير الجذري الشامل في سوريا، انطلاقا من التطبيق الكامل للقرار 2254 الذي يضمن عملية انتقال سياسي، تمكّن الشعب السوري من تقرير مصيره ومصير دولته بنفسه".

وشدد "الموقف" الذي وصلت لـ"عربي21" نسخة منه؛ على أن "العملية السياسية القائمة على القرار 2254 وبرعاية الأمم المتحدة، تبقى هي الأساس للخروج من الأزمة في سوريا، ونحن نؤكد أن التغيير الجذري الشامل في سوريا هو أمر حتمي".

وأوضح أن "قرار مجلس الأمن الدولي 2254 جاء ليؤسس لعملية انتقال وطني ديمقراطي ولقيام نظام سياسي جديد يصنعه السوريون بأنفسهم، ويقوم على أساسٍ دستوري جديد".

وحسب ما تابعته "عربي21"، يبدو أن مؤيدي النظام السوري قد فهموا ما جاء في "الموقف المشترك" بين الحزبين بأنه رسالة من موسكو، وهو ما دفع السفير السابق في الأردن والمسؤول الأمني السابق، اللواء بهجت سليمان، لمهاجمة جميل، وهو من الشيوعيين السوريين، ووسمه بـ"السقوط الأبدي".

 

وكتب سليمان عبر تويتر: "عندما يتأخون "الماركسي" يحكم على نفسه بالسقوط الأبدي". وأضاف: "قدري جميل يقتدي برياض الترك، ويتفق مع "فصيل إخواني".. وهو يحكم بذلك على نفسه بالعار والشنار أولا.. وبالسقوط النهائي ثانيا".

 

ورياض الترك هو زعيم حزب الشعب الشيوعي المعارض في سوريا. ويبدو أن سليمان يشير إلى لقاء الترك سابقا بالمراقب العام السابق للإخوان السوريين، علي صدر الدين البيانوني. وظهر رياض الترك مؤخرا في برنامج تلفزيوني منتقدا سلوك الإخوان المسلمين خلال الثورة.

كما عمد مؤيدو النظام السوري لتداول نسخة من "الموقف" وصفها جميل بـ"المزورة"، عبر توضيح أصدره الأخير ،قائلا إنه "يجري تداول نسخة مزورة من خبر صحفي نشرته قاسيون على موقعها صباح الخميس 21 أيار/ مايو عن لقاء جرى بين حزب الإرادة الشعبية وحركة التجديد الوطني"، مضيفا: في الخبر المزور يجري وصف حركة التجديد الوطني بأنها "فصيل إخواني"، وذلك عبر إضافة جملة غير موجودة في الخبر الأصلي هي: "القيادي في تنظيم سوريا للإخوان المسلمين"، علما أنّ حركة التجديد الوطني لا علاقة لها بتنظيم الإخوان المسلمين"، بحسب توضيح قدري جميل.

ورأى جميل أنّ "أولئك الذين زوّروا الخبر بهذه الطريقة لتحويله إلى أداة في الهجوم على الإرادة الشعبية ومواقفه، إنما يعبرون بشكل مراوغ عن امتعاضهم من مضمون الخبر الأصلي الذي تجنبوا الإشارة له نهائيا، وبالمقابل ركزوا فقط على نشر الكذبة التي اخترعوها بأنفسهم وترديدها!".

 

Posted by ‎قدري جميل‎ on Thursday, 21 May 2020

وكان قدري جميل، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، قد غادر سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، دون أن يؤكد انشقاقه بشكل علني. لكن الأسد أصدر قرارا بإقالته من جميع مناصبه بحجة تغيبه عن عمله دون إذن رسمي. وذُكر أن قرار إقالته جاء بعد لقاءات عقدها جميل بمسؤولين أمريكيين وروس؛ طلب خلالها ضمه وحزبه إلى وفد المعارضة إلى اجتماعات جنيف بين النظام والمعارضة آنذاك.

ومنذ انشقاقه عن النظام السوري، اتخذ جميل مواقف تميل للمهادنة والتناغم مع النظام، ومن ورائه روسيا، بينها تأييده في كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ دعوة النظام لنقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى دمشق، مطالبا الأمم المتحدة بمنح ضمانات وحماية لأعضاء اللجنة الدستورية، في حال توجههم إلى دمشق.

بل إن جميل سبق أن أطلق تصريحا مثيرا للجل، في آذار/ مارس 2017، واعتبر فيه أنه "لولا تدخل روسيا لكانت دمشق ستسقط خلال أيام"، حيث قلّص المدة التي وضعها لافروف، وحددها بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وقال خلال مقابلة مع شبكة "روداو" التلفزيونية الكردية آنذاك؛ إن دمشق كانت سقطت بيد "جبهة النصرة وداعش".

 

اقرأ أيضا: قدري جميل يصدق لافروف: لولا روسيا لسقطت دمشق 

ورأى معلقون أن التحول في موقف جميل ومنصة موسكو التي يترأسها؛ تعكس التحولات في المواقف الروسية تجاه بشار الأسد، وأنه لم يكن من الممكن أن تصدر مواقف تمس جوهر النظام في سوريا؛ دون ضوء أخضر أو موافقة روسية مسبقة، لا سيما أن بعض أعضاء الحزب ما زالوا موجودين في دمشق.

وكان السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف قد نفى ما وصفها بالشائعات، بشأن توتر العلاقات بين بلاده والنظام السوري، رغم التغطية لصحف روسية وجهت انتقادات لبشار الأسد ونظامه.

وقال في لقاء مع صحيفة "الوطن" الموالية للأسد؛ إن العلاقات مع النظام السوري "أقوى اليوم مما كانت في أي وقت في الماضي". وأضاف: "الذين يصرون على قراءة التعاون بين موسكو ودمشق بطريقة الكذب وتزوير الحقائق، يقومون بعملية تخريب إعلامي فقط لا غير".

 

اقرأ أيضا: بعد انتقادات صحف روسية.. بيان لمؤيدين للأسد يناشد موسكو

وجاء هذا التصريح بعدما أصدر موالون للنظام السوري بيانا يخاطب القيادات الروسية، وسط حديث عن أزمة تعصف بعلاقات الأسد وموسكو، لا سيما مع تكرار الإعلام الروسي نشر تقارير ومقالات تهاجم الأسد وطريقة إدارته للمناطق الخاضعة لسيطرته، مع تلميح بأن روسيا لم تعد تجده مؤهلا لقيادة المرحلة المقبلة. كما نشرت وسائل إعلام روسية موالية للكرملين، ما قالت إنها استطلاعات تظهر غياب ثقة السوريين في مناطق سيطرة النظام، بالأسد.

وبحسب ما تم تداوله في الإعلام السوري، فإن البيان الذي تبناه عدد من الشخصيات المحسوبة على النظام السوري، في مقدمتها بهجت سليمان، يطلب من وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف "منع تكرار إساءة بعض وسائل الإعلام الروسي" للأسد.

ونشر سليمان البيان على حسابه في "فيسبوك"، ومعه أسماء أكثر من 300 اسم، غالبيتهم من السوريين، أدخل بينهم بعض الأسماء العربية من غير السوريين، ليروج أنه بيان "عربي".

 

اقرأ أيضا: وكالة روسية مقربة من بوتين تهاجم الأسد.. "ضعف وفساد"

وجاء هذا البيان بعد برنامج بثته محطة "روسيا اليوم" الحكومية واستضاف ضيفا هاجم الأسد. وقبل ذلك حذفت حسابات المحطة مقابلة كانت قد أجرتها مع رجل الأعمال فراس طلاس، الذي كان قد تحدث في المقابلة عن "إمبراطوريات" الفساد في سوريا.

وكان إعلان حزب الإرادة الشعبية وحركة التجديد قد تطرق إلى "ما يجري الترويج له حاليا على أنه حملة لمكافحة الفساد"، وذلك في إشارة بشكل خاص لبدء ملاحقة رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال بشار الأسد، بحجة تهربه من دفع الضرائب ورفضه تحويل مستحقات الدولة في شركتي الهاتف الخلوي؛ سيرياتيل و"إم تي إن". وأخيرا أعلن النظام الحجز على أموال مخلوف وعائلته، كما صدر قرار بمنعه من السفر.

وقال إعلان الحزبين، إن هذا القرار "عدا عن تأخره عقدين من الزمان، فإنه بعيد في جوهره عن الوصول إلى مكافحة حقيقية للفساد الكبير؛ فالفساد الكبير في سوريا هو منظومة متكاملة اقتصادية- اجتماعية وقانونية وسياسية، ولا يمكن اقتلاعه على يد المنظومة نفسها، بل بيد المتضررين الفعليين منه، أي بيد الغالبية الساحقة من السوريين، وهذا يتطلب بدوره تغييرات عميقة في المنظومة السياسية بحيث تكون أداة بيد عموم السوريين، لا أداة ضدهم تستخدمها قلة اقتصادية متنفذة ومهيمنة، كما كان الحال خلال سنوات طويلة مضت"، بحسب ما جاء في "الموقف المشترك".

 

رسالة سعودية:

وفي رسالة لافتة أخرى، تعاملت وسائل إعلام سعودية مع خبر اجتماع الحزبين باعتبار أن "أحزابا سورية ترسم خارطة الحل السياسي وفق 2254"، وهو العنوان الذي خرجت به صحيفة عكاظ. وهي رسالة، بحسب مصدر مطلع تحدث لـ"عربي21"، من إعلام المملكة التي ترى أن الائتلاف الوطني السوري أصبح قريبا من تركيا، ويبدو أن المملكة تسعى للقول: هناك تحركات لإنشاء تجمعات سورية جديدة تتجاوز الائتلاف.

وبذلت السعودية جهودا لإعادة تشكيل هيئة التفاوض، التي تمثل قوى سياسية معارضة. وفي هذا السياق، نظمت المملكة في كانون الأول/ ديسمبر، اجتماعا لأكثر من ستين شخصية لتجديد ثمانية ممثلين عن المستقلين في هيئة التفاوض، وهو الأمر الذي رفضه رئيس الهيئة نصر الحريري، موجها انتقادات حادة للاجتماع.

 

اقرأ ايضا: لماذا حذفت "روسيا اليوم" مقابلة مع طلاس عن الفساد بسوريا؟

التعليقات (0)