هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كان يا ما كان في عام 1570م كانت إنحلترا فقيرة ومديونة، وكان اسبانيا تسرق الذهب والفضة من أراض ادعت ملكيتها في القارة الأمريكية.
طمعت إنجلترا في هذه الثروة للخروج من أزمتها فأمرت الملكة إليزابيث الأولى أسطولها بالسطو على السفن الإسبانية، وسرقة الذهب منها ونجحت.
ما يذكره التاريخ والإعلام أن إليزابيث الأولى أعظم ملوك بريطانيا وأنها مهدت لقيام الإمبراطورية البريطانية، لا أحد يذكر أنها حرامية ورئيسة عصابة.
سرقة اسبانيا ذهب امريكا وسطو إنجلترا على ذهب اسبانيا مجرد محطة في تاريخ القرصنة الغربي الطويل.
مع بداية انتشار وباء كورونا القطار تحرك نحو الهاوية بمصادرة التشيك 110 آلاف كمّامة كانت قد اشترتها إيطاليا لمقاومة فيروس كورونا المستجد، وباحتجاز فرنسا كمامات اشترتها السويد لصالح إيطاليا وإسبانيا، ومنع ألمانيا تصدير 240 ألف كمّامة إلى سويسرا، وشراء أمريكا كمامات صينية كانت مباعة أصلا لفرنسا لأن واشنطن دفعت أكثر، واتهام ألمانيا الولايات المتحدة بالاستيلاء على 200 ألف كمامة في تايلاند كانت مقاطعة برلين اشترتها، واشتكت كندا من أن شحنة الأقنعة الصينية إلى مقاطعة كيبيك وصلت ناقصة لأن أمريكا استولت على جزء منها.
سيقول الماديون إنهم بشر، وهذه أزمة، يجب أن يتصرف كل حسب مصلحته،
صحيح لو كانوا فقراء ..لو كانوا أميين ..لو كانوا متأخرين..
ألم تر كيف تدافعت الشعوب لشراء مؤونتهم خوفا من الوباء والإغلاق بينما هرعوا هم لحيازة السلاح والذخيرة؟
لكن المشكلة الحقيقية في المنبهرين بالغرب وفي قراصنة الشرقي الذي يبررون قرصنة الغرب، وفي الإعلام الذي سكت عن سقوط قناع الأخلاق عن عورة أوروبا عندما غطت فمها بكمامات كورونا المسروقة.
فضحت تركيا قرصنة الغرب، مهما اتفقنا أو اختلفنا معها فهي آخر قلاع الإسلام ليس السياسي وإنما الحضاري.
ستقول، إنها دعاية سياسية، وهل إطعام مجالس البلديات التركية للحيوانات الضالة بطلب من وزارة الداخلية بعد أن حرم الحجر المنزلي الأهالي من القيام بهذه المهمة دعاية وسياسية أيضا؟
أرسلت تركيا مساعدات طبية إلى 5 دول في البلقان، أرثوذكس ومسلمين وكاثوليك، وإلى بريطانيا، بل واستجابت لطلب أرمينيا توفير أدوية، وأوصلت أدوات طبية إلى إيطاليا وليبيا وتونس وباكستان وأذربيجان، وسمحت ببيع معدات طبية إلى اسبانيا وأفرجت عن معدات أخرى قادمة من الصين عبر أراضيها لصالح إقليمين في اسبانيا.
شكرت ارنشيا جونزالس ليا وزيرة الخارجية الأسبانية نظيرها التركي وانتقدت انعدام نزاهة بعض الصحف القومية في بلادها بسبب ما نشرته عن رفض تركيا بيع اسبانيا معدات طبية واحتجاز المعدات القادمة من الصين إلى إقليمي كاستيلا ونافارا.
تركت بعض الصحف العربية الرسمية رد فعل الوزيرة ونقلت فقط ما أوردته الصحافة القومية الاسبانية كيدا في أنقرة وتشويها لصورتها، فركزت عناوينها على "تركيا تزود إسرائيل بمعدات طبية.. لأسباب "إنسانية".
لم تنقل توضيح القناة 12 الاسرائيلية أن "الصفقة التجارية" بين شركات اسرائيلية والمصانع التركية مجمدة بسبب شرط الرئيس التركي وصول مساعدات طبية مماثلة إلى الفلسطينيين في غزة.
ولا ما قاله وزير الصحة التركي، إن وزارته تلقت من إسرائيل "طلب للمساعدة" وأن بلاده ستلبي هذا الطلب من منظور إنساني بحت.
لكن المنظور الإنساني في الدول الغنية لهذه الصحف لا يزال معصوب العينين بكمامات كورونا.
هذا الأسبوع وصلت 3 طائرات من المساعدات الروسية الأرثوذكسية إلى البوسنة لكن إلى الأرثوذكس الصرب فقط، ويسخر مسلمو البوسنة من هذا الخبر بسؤال، أين أولئك السياح العرب الذين أنفقوا 1.8 مليون يورو الصيف الماضي على موائد القمار في سراييفو.
رغم ذلك، ورغم تقصيرنا، وتأخرنا المتعمد فإن حضارتنا أنظف وأكثر إنسانية من حضارتهم.
إنها حضارة حقيقية منبعها الدين وأساسها الإنسان، هي هي التي أحيت التضامن والتكافل بين مسلمي البوسنة بعد تفشي كورونا حتى لا ينتظروا مساعدة من أحد.