ملفات وتقارير

لماذا يسعى السيسي لتحصين منصب المحافظ من العزل؟

انتقد سياسيون وقانونيون الخطوة المرتقبة التي تهدف لتعطيل إحدى أهم الأدوات الرقابية على الجهات التنفيذية
انتقد سياسيون وقانونيون الخطوة المرتقبة التي تهدف لتعطيل إحدى أهم الأدوات الرقابية على الجهات التنفيذية

تسعى الحكومة المصرية إلى إعفاء منصب المحافظ من الأدوات الرقابية المنتظر تطبيقها في قانون الإدارة المحلية الجديد، خاصة فيما يتعلق بسحب الثقة من المحافظ.

وطالب ممثل الحكومة خلال جولة الحوار الثالث الذي ينظمه ائتلاف "دعم مصر" حول مشروع قانون الإدارة المحلية، بضرورة تحصين منصب المحافظ، وعدم سحب الثقة منه، بزعم عدم استخدامها لأهواء شخصية.

وانتقد سياسيون وقانونيون، في تصريحات لـ"عربي21"، الخطوة المرتقبة التي تهدف لتعطيل إحدى أهم الأدوات الرقابية على الجهات التنفيذية، واعتبروها استمرارا لتعطيل جميع الأدوات الرقابية في مصر، وعلى رأسها البرلمان.

ويشهد مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد ولادة متعثرة منذ إقرار الدستور في 2014، وتأجّل مناقشته عندما قرر مجلس النواب فتح باب المناقشات في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد رفض الهيئات البرلمانية نتيجة الاختلافات بينهم.

يتضمن الدستور نصا يلزم البرلمان بإصدار قانون الإدارة المحلية، وتطبيقه بالتدريج خلال السنوات الخمس التي تلي نفاذ هذا الدستور. ورغم انقضاء السنوات الخمس المنصوص عليها، لم يصدر القانون حتى الآن.

عبدالعال: الدولة العميقة تعرقله

وفي زلة لسان، قال رئيس مجلس النواب المصري، علي عبدالعال، "مَن يقاوم إصدار قانون المحليات هي الدولة العميقة في المحليات"، متهما من أسماهم أنصاف قانونيين بالإيعاز "للبعض برفض التشريع وأوهموهم بذلك".

وتعد الإدارة المحلية الفرع الثالث من السلطة التنفيذية بعد رئيس الجمهورية والحكومة، وقد أفرد لها دستور 2014 فصلا كاملا ينظم آلية تقسيم الدولة إلى وحدات إدارية، منها: المحافظات، والمدن، والقرى، على أن يكون لكل وحدة إدارية موازنة مستقلة.

في تموز/ يوليو 2016، انتهت الحكومة المصرية من إعداد مشروع القانون، وأرسلته إلى مجلس النواب، ومنذ هذا التاريخ، والحديث عن قرب انتخابات المحليات لا ينتهي، وسط تزايد الخلافات بين ممثلي النواب المحسوبين على بعض الأجهزة السيادية في الدولة.

"تعطيل المحليات مقصود"

علق السياسي والبرلماني المصري، محمود عطية، على تعثر القانون بالقول: "رأينا بعض المحافظين الذين أساءوا للنظام ولأنفسهم ولبلادهم، ورغم ذلك لم تُناقش قضاياهم في مجلس النواب، ولم يجرؤ أحد على ذلك، على سبيل المثال؛ محافظ الإسماعيلية الذي انتشرت له تسريبات غير أخلاقية، وأجبر على الاستقالة دون محاسبة أو مساءلة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "إذا كانت الأدوات البرلمانية المنوط بها هذا العمل، والتقدم بطلبات إحاطة واستجوابات للمحافظ لم تتم، فلا أتوقع أن يغير مناقشة مشروع القانون أو إقراره أو عدم إقراره من سياسة تعطيل الأدوات الرقابية".

وأوضح أنه "في 2008، كان مجرد تفكير البعض في خوض انتخابات المحليات سببا في القبض عليهم، أذكر أننا ذهبنا في ذلك الوقت كنواب إلى محافظ الإسكندرية، وأخرجنا المعتصمين الذين كانون داخل المبنى، وتحيطه قوات الأمن، واصطحبتهم للخارج، وتم تعطيل دور المحليات".

وبين عطية أن "المحليات والبلديات في دول كبيرة لها دور كبير، لكنها في مصر معطلة، وكان يجب أن  يكون لها دور أكبر؛ لأن من شأنها القيام بأدوار خدمية أكثر منها تشريعية، وهو دور منوط بأعضاء المجالس المحلية، وأفشلت الدولة في 2008 كل جهودنا لإجراء انتخابات المحليات ". 
 
"سيسي على كل محافظة"

وانتقد الخبير القانوني، محمد علي المصري، مشروع قانون الإدارة المحلية قائلا: "اشتمل قانون الإدارة المحلية المزمع إصداره على صلاحيات واسعة للمحافظ دون الرجوع إلى الحكومة، اشتملت التحكم التام في الموظفين الإداريين بالمحافظة، وتوقيع الجزاءات التأديبية على الموظفين التابعين للهيئات العامة بالمحافظة، فضلا عن تحكمه واستبداده في توزيع الموارد بما يراه، وتأتي كارثة التحكم في توزيع أراضي الدولة، وتحكّمه التام به، بعد موافقة وزارة استصلاح الأراضي والقوات المسلحة"!

وأضاف لـ"عربي21": "من المستقر في كافة النظم التشريعية أنه كلما زادت الصلاحيات زادت معها أدوات الرقابة، هذه هي المعادلة العامة والفلسفة التي يرتكن إليها واضعو السياسات التشريعية، حتى يحدث نوع من التوزان بين الصلاحيات والرقابة، لكن ما يحدث في القانون المزمع إقراره على عكس هذه الأسس التشريعية، فالتفاوت بين كفتي الصلاحيات وأدوات الرقابة سيكون صارخا". 

وتابع: "يعمد القانون لزيادة الصلاحيات، بحيث يشبه المحافظ رئيسا لجمهورية المحافظة، والقائد الأعلى لها!"، مشيرا إلى أن "رقابة المحافظ كانت -وطبقا لصلاحيات السابقة- تتم في إطار أعضاء المجالس المحلية المنتخبين، وبناء  على أدائه يمكنهم سحب الثقة منه، ورفعها إلى الرئيس لتعيين محافظ آخر غيره، وبالرغم من أن هذه الرقابة كانت غير مستخدمة أو تكاد؛ إلا أن وجودها كان يمثل نوعا من القوة لأعضاء المحليات أمام المحافظ".

واعتبر الخبير القانوني أن "اتجاه الحكومة بمنح المحافظ حصانة يتوافق مع المزاج العام للاستبداد الذي يسود طريقة إدارة الدولة المصرية في هذه المرحلة، فالسيسي إذا قام بتعيين محافظ، الذي غالبا ما سيكون أحد اللواءات السابقين، فلا معقب له، ولا يستطيع أحد أن يسحب الثقة منه، وهو يتوافق مع سياسته في تحصين رجاله وأدواته، كتحصين رجال الشرطة من أي مساءلة في حالة الاعتداء على أي فرد من أفراد الشعب". 

 

التعليقات (3)
مصري جدا
الأربعاء، 19-02-2020 11:34 ص
لمن يشرع السيسي ،،، بالفعل تحولت مؤسسات الدولة المصرية إلى مؤسسات شخصية تابعة للسيسي وليس مجرد مؤسسات نظام كما كان الحال في عهد مبارك ،،، فالبرلمان يشرع ما يراه والقضاء يحكم بهواه والإعلام يروج ما يرجوه او يتمناه ،،،، وقطاع من الشعب يتبعه دون فكر ولا عقل ،،، اذا لمن يشرع السيسي اذا كانت مؤسسات بقايا الدولة المصرية تابعة له ، تاتمر بأمره وتنفذ تعليماته ،، هل يشرع السيسي ليقيد من يأتي بعده ،، مستحيل ان يفكر بهذه الطريقة ، لأنه يرى انه من النوع الذي لا بعده ،،فلما التشريع اذا ،،، هل ارضاء للجنرالات أصحاب منصب المحافظ ،، ممكن ،، لكن الاهم ، وما لا يدركه السيسي ،، ان المزيد من الانسداد السياسي ،، والمزيد من المعاناة المعيشية ،، والمزيد من قهر الشعب ،، يعجل بالثورة والفوضى معا ،، وسيكون هو ومن يشرع لهم ،، اول ضحايا هذه الفوضى ،،، انظروا مصير القذافي ،، وعبدالله صالح ،، ومن قبلهم ،، شاوشيسكو ،،، انها وقائع التاريخ وغضب الشعوب الذي لا يتعلم منه الأغبياء ،، كل الأغبياء ،،
ابوعمر
الأربعاء، 19-02-2020 07:28 ص
...فليحصـــنهم من الموت....فليأمر (ملك الموت) بالابتعاد عن كلابه المحافظين..وعدم (قطف) أرواحهم المنتنة العفنة....
محمد يعقوب
الأربعاء، 19-02-2020 03:44 ص
ألسيسى يريد تحصين منصب المحافظ من العزل، لأنو أمه مش محافظة..........