هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ اتفاق سوتشي وأستانا،
ومبرر وذريعة قتل الاحتلال وإجرامه في سوريا كلها هي ضرورة فتح الأوتوسترادات
وتحديدا بين دمشق وحلب وسراقب - اللاذقية، ولو كان ذلك على حساب عشرات الآلاف من
الجثث وملايين المهجّرين، ولو قاد إلى إحداث زلزال ديموغرافي كما يحصل اليوم في
الشام، يقود إلى تفريغ مدن آهلة بالسكان على مدى قرون مديدة، كخان شيخون ومعرة
النعمان وسراقب وتفتناز وغيرها من المدن والقرى والبلدات الواقعة على الأوتوستراد
أو القريبة منه، فلا عجب وهو الاحتلال والعصابة نفسها التي قتلت وهجّرت على مدى
عقد من الزمن تقريبا دون أن يرفّ لها جفن.
يصرّ طيران الاحتلال الروسي من الجو
والميليشيات الطائفية من الأرض ومعها العصابة الطائفية، على ابتلاع الأرض ونبش
قبور الموتى، قبل طرد الأحياء وتفريغ مدنهم، وذلك من أجل فتح أوتوسترادات، ليستعيد
كما يظن ويخال شرعية مفقودة، ولا يمكن استعادتها ولو أخذ كل سوريا في ظل زلزال
ديموغرافي ضرب البلد كله، لم يحصل ولم يسبق أن تعرض بلد لما تعرضت له سوريا، فمدن
سنّية عريقة لم تعُد موجودة على الخريطة، وفتح الأوتوسترادات كلّف أكثر من مليون
ونصف المليون من المهجّرين المشرّدين الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ووزير
خارجية النظام الذي توعد بمسح أوروبا من الخريطة مسح مدن الشام من أهلها.
من خان شيخون وحتى حلب تقريبا اليوم، لم يبق
مدني واحد يعيش في تلك المدن العامرة منذ ما قبل الإسكندر المقدوني، فقد فرّ أهلها
تماما، وهم يرون ما يحصل للأموات منهم، فكيف سيأمنون على أنفسهم، وذاك هدف
استراتيجي للاحتلال وذيله، تعلموه منذ تفريغهم لمدن وبلدات آسيا الوسطى والقوقاز
والشيشان أيام القياصرة والبلاشفة.
يستطيع الاحتلال وذيله فتح الأوتوسترادات على
جثث مدن وأشلاء بشر، ويستطيع التوحش والهمجية أن ينتصرا على مدنيين عزل، ولكن هل
يستطيع أن يضمن تسيير هذه الأوتوسترادات في بيئة معادية يصل طول الطرق التي تشقها
هذه الأوتوسترادات إلى أكثر من مائة كيلو متر، كلها لها ثأر مع الاحتلال وذيله،
فإن كانت العصابة وسدنتها تتعرض يوميا لما تتعرض إليه في حوران، فهل تظن أن تكون
في مأمن من هجمات كهذه في هذه المناطق التي تم اقتلاع أهلها وتشريدهم.
السؤال الآن: هل وجد الأوتوستراد لخدمة البشر؟
أم أن البشر هم من يخدمون الأوتوستراد ولو كان على حساب اقتلاعهم وتشريدهم؟ ولننظر
إلى ما حصل في حوران، هل أفاد العصابة والاحتلال فتح الأوتوستراد إلى الأردن؟ بعد
أن ظل معبر نصيب على الحدود مع الأردن مغلقا بوجهه، فالمجتمع الدولي لن يقبل به
شريكا، وستظل العصابة الحاكمة مارقة بعين شعبها والعالم كله، ولن يقبل أحد التعاون
معها، وإلا فمن سيجرؤ أن يجلس مع بشار الكيماوي، صاحب البراميل المتفجرة والمسالخ
البشرية، ويظهر معه في صورة مشتركة إلا من كان مثله وشبيهه وهم سدنة الاحتلال.
(العرب القطرية)